ذكرنا في مرات سابقة... ان الحرب السعودية على اليمن، لن تنتهي بالصدف او عن طريق القنوات الدبلوماسية المعروفة، وهو ما اثبتته الايام، بعد ان انهارت هدنة الامم المتحدة قبل ان بدايتها، وان الازمة في اليمن او عاصفة الحزم، (السعودية)، تحتاج الى "صدمة" من نوع خاص... حتى تستوعب ما يجري في المنطقة من تغيرات حقيقية.
ان جملة من العوامل والافرازات، الداخلية والخارجية، هي من دفعت امراء السعودية نحو اتخاذ قرار ضرب اليمن، سيما الطبقة الحاكمة الجديدة في المملكة، والتي اثار صعودها المفاجئ والسريع، استياء اخرين داخل العائلة الحاكمة، اضافة الى عداوتها المتجذرة مع ايران، وما عززها من مخاوف الاتفاق النووي، والتقارب الايراني-الامريكي المحتمل في مجال مكافحة الارهاب، فضلا عن احتمال التقارب الايراني-الاوربي في مجال الاقتصاد، بعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها.
السعودية التي تقف على الطرف الاخر من اي تقارب او تخفيف للقيود قد يعزز مكانة ايران في منطقة الشرق الاوسط، وجدت نفسها مرغمة على تغيير بعض المعادلات الاقليمية بنفسها، بعد ان استشعرت خطر ايران في اليمن، وانحسار الرغبة الامريكية في مساندة حليفها التقليدي في الخليج، الا في حالة الدفاع عن امنها الداخلي، وهنا كانت الازمة اليمنية، الاختيار الاقرب الى قلب الملك "سلمان بن عبد العزيز" و"المحمدان"... بعد ان شعروا ان فنائهم الخلفي بات محسوما للنفوذ الايراني الناعم.
القرار بدخول السعودية في صلب الازمة اليمنية لم يكن خيارا موفقا لعدة اسباب:
- النتائج المتوقعة من "عاصفة الحزم" لم تتحقق بعد اربع اشهر من انطلاقها.
- افرزت انقسامات سياسية كبيرة داخل اليمن انعكست بالضد من رغبة السعودية في اعادة الشرعية (بالقوة) للرئيس "عبد هادي ربه منصور"، بعد ان تحرك الشعور الجنوبي بالانفصال، اضافة الى انقسام الاحزاب والعشائر اليمنية بين مؤيد ومعارض للضربات الجوية والحصار الاقتصادي السعودية، الذي اضر بشعب اليمن عموما.
- التحالف بين الحوثيين والجيش اليمني لم ينفرط عقده، على الرغم من التوقعات القوية بحدوث هكذا انقسام.
- التنظيمات المتطرفة (القاعدة وداعش) استفادت كثيرا من اشاعة الفوضى داخل اليمن... وهو ما شتت جهد سنوات لحليفها الاستراتيجي، الولايات المتحدة الامريكية، داخل اليمن، وهو امر اغضب الادارة الامريكية التي طالبت مؤخرا بوضع حد للازمة اليمنية.
- ايران لم تدخل طرفا في الازمة اليمنية، سوى اعلاميا، ما يعني فشل المملكة في اثارة ايران او التأثير على سير المفاوضات النووية التي افضت الى اتفاق نهائي مع القوى الكبرى.
غالبا ما تكون لردود الافعال التقليدية تجاه التغيرات الجديدة في المنطقة، نتائج سلبية، وهو بالضبط ما حدث ويحدث من ردود افعال "تقليدية" من قبل السعودية، تجاه التغيرات "الجديدة" في منطقة الشرق الاوسط، والتي سعت اليها ادارة الرئيس الامريكي "اوباما"، ومنها انهاء الخلاف النووي مع ايران، وربما التعاون الامني معها في المستقبل القريب... الامر نفسه يحدث في سوريا والعراق ولبنان بمستويات متباينة، لكنها مؤثرة في المنطقة بمجملها.
هذا التعاطي السعودي مع الاحداث اعطى نتائج عكسيه، طبعت تأثيراتها السلبية منطقة الخليج والعالم العربي، من دون ان يفضي الى اي حل متوقع قد يخفف التوتر في هذه المنطقة.
الواضح ان الولايات المتحدة الامريكية التي دأبت على تطمين حليفتها (السعودية) من تنمر ايران، لن تستمر الى ما لا نهاية لسماع شكواها واعتراضاتها، والتفاهمات الامريكية حول حل "سياسي" لمعظم ازمات الشرق، ستجري بحضور ايراني، ومباركة اوربية، وربما تحالف عربي ايضا، حينها سيتضح اي نصر قد تروج له السعودية في اليمن، ومن سيقف معها... وكيف ستخرج اساسا من الازمة التي افتعلتها للخروج من نفق ازمة اخرى؟.
اضف تعليق