ربما يتساءل سائل عن علاقة النزاهة المجتمعية بتجارة المخدرات في عراق اليوم، الإجابة الواضحة والصريحة ان العراق كان ممرا لهذا الوباء القاتل وبات اليوم اكبر مستهلك له في الشرق الأوسط، وتمكنت السلطات الأمنية العراقية، من اعتقال أكثر من 3400 تاجر مخدرات، إثر حملات خاصة...
ربما يتساءل سائل عن علاقة النزاهة المجتمعية بتجارة المخدرات في عراق اليوم، الإجابة الواضحة والصريحة ان العراق كان ممرا لهذا الوباء القاتل وبات اليوم اكبر مستهلك له في الشرق الأوسط، وحسب وكالة "شفق نيوز" تمكنت السلطات الأمنية العراقية، من اعتقال أكثر من 3400 تاجر مخدرات، إثر حملات خاصة خلال الأربعة أشهر الأولى من العام الحالي، صُنفت بالأكبر من نوعها منذ 2003.
فيما كشف مجلس القضاء الأعلى في العراق، أن نسبة إدمان الشباب للمخدرات قد تصل إلى 50 %، عازياً الأمر إلى "سوء الأوضاع الاقتصادية" في البلاد، ونقلت وكالة انباء الاناضول ما ورد في مضمون هذا البيان عن قاضي محكمة تحقيق المسيب في بابل قوله: إن "نسبة الإدمان قد تصل إلى 50 % بين الشباب، لكن هذا الأمر غير مكتشف بشكل رسمي"، وأضاف أن "الأشخاص الذين يعملون بالمخدرات ويروجون لها موجودون في كل المناطق، وليس في منطقة محددة، لكن نستطيع القول إن النسبة الأكبر وحوالي 70 % منها هي في الأحياء الفقيرة والمناطق التي تكثر فيها البطالة وغيرها من المشكلات الاجتماعية".
وتصل عقوبات الإتجار بالمواد المخدرة في القانون العراقي إلى حدود الاعدام. أما بالنسبة إلى متعاطي تلك المواد، فتصل العقوبات إلى السجن لمدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد على ثلاث سنوات، وغرامة مالية لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد على عشرة ملايين. وللمحكمة بدلاً من فرض العقوبة المنصوص عليها في القانون أن تودع من يثبت إدمانه في المؤسسات العلاجية أو مراجعة عيادات نفسية واجتماعية.
اعود الى السؤال عن علاقة كلما تقدم بالنزاهة المجتمعية ومعاييرها الدولية في مساق حقوق الانسان مقارنة باهتمامات الفعاليات السياسية والاقتصادية والدينية التي تتصارع اليوم من اجل مغانم السلطة كما سبق وان تصارعت طوال 18 عاما مضت، كيف يمكن ان تنقذ أجيال عراقية مقبلة من سموم المخدرات، هل على المجتمع ان يكتفي بلعن الظلام ام العمل من اجل انارة شمعة في نهاية نفق المخدرات المظلم ؟؟... فد تبدو الإجابة على هذه التساؤلات واسعة بمساحة مفاسد المحاصصة وآثامها كما يمكن حصر الإجابة عليه بمجموعة مقترحات في الاتي:
أولا: ان تشكل تحالفات من منظمات المجتمع المدني والأجهزة الأمنية والصحية لنشر التوعية النوعية بالصحة العامة مقابل مخاطر المخدرات، وان تكون من مهمات هذه التحالفات المدنية لفت عناية التيارات السياسية والحزبية التي تدعي الإصلاح السياسي وإعادة بناء الدولة الى ان تبدأ خطوتها الأولى في انقاذ الشباب من افة المخدرات لاسيما في مناطق نفوذهم السياسي.
وهذا يحتاج الى اعتراف شجاع بان مكاسب تجارة المخدرات قد تكون في بعض الأحيان تمويلا لقيادات ربما تستخدم نفوذها الحزبي على الأجهزة ذات العلاقة، وهذا يتطلب نفاذ القانون وحملات تفتيش كبرى تفرض حظرا على التجوال في المناطق الشعبية التي أشار اليها تصريح احد القضاة – المشار اليه أعلاه- ولا يمكن تطبيق مثل هكذا حملات من دون موافقة هذا التيار او ذلك الحزب على مداهمة اوكار تجار المخدرات في مناطق نفوذهم!
ثانيا: ان تنطبق مثل هذه التحالفات المدنية بتطبيقات قريبة الى تجارب دول عربية مثل مصر في التعامل مع علاج المدمنين على المخدرات، بكونهم مرضى وليس مجرمين، ربما على مجلس القضاء الأعلى والجهات التحقيقية المتخصصة في وزارة الداخلية وجهاز الامن الوطني ان تعمل على إيجاد مثل هكذا ضمانات وتمويل تحالفات المجتمع المدني بالتعاون مع نقابات الأطباء في بغداد والمحافظات لتكوين ((عيادات متخصصة)) وملاذات امنة في علاج خاص لمساعدة المدمن وعائلته على تفادي عوائق اعتبارية او مالية في اتخاذ القرار الصحيح بالعلاج بدلا من الوقوف في قفص الاتهام المجتمعي او القضائي.
ثالثا: هناك حاجة ملحة ان تنهض مراكز البحوث والدراسات والصحافة الاستقصائية بالتصدي لمهمة كشف اليات تهريب وتصنيع أنواع المخدرات الخطرة من خارج العراق وداخله، مثل هذه المهمة تحتاج الى شجاعة الادراك بالإفصاح من الجهات الأمنية عن مصادر توريد هذه السموم والمؤثرات العقلية من خارج الحدود الوطنية والأماكن والجهات التي تقف وراء تصنيعها وترويجها حتى بات 50% من الشباب العراقي مدمنا عليها...
هل ثمة مأساة إنسانية أكبر من هذه ام ان تغانم السلطة وتوزيع ثروات العراقيين في مفاسد المحاصة أكثر أهمية؟؟ سؤال ربما ينتظر الإجابة عليه في ساحات التحرير العراقية مرة أخرى بحثا عن وطن بلا مخدرات تمول الفساد السياسي ... ولله في خلقه شؤون!!
اضف تعليق