q
في الانتخابات الفردية، لو كان لدينا ١١ مرشحا: الاول حصل على ١٦ صوتا، والعشرة الاخرون حصل كل واحد منهم على ١٥ صوتا، فان الاول هو الفائز، رغم ان عدد اصواته (١٦) اقل كثيرا من مجموع اصوات العشرة الباقين (١٥٠ صوتا). بصراحة، الخاسرون لم يفهموا هذه المعادلة...

في الانتخابات الفردية، لو كان لدينا ١١ مرشحا: الاول حصل على ١٦ صوتا، والعشرة الاخرون حصل كل واحد منهم على ١٥ صوتا، فان الاول هو الفائز، رغم ان عدد اصواته (١٦) اقل كثيرا من مجموع اصوات العشرة الباقين (١٥٠ صوتا).

بصراحة، الخاسرون لم يفهموا هذه المعادلة، او على الاقل لا يوجد ما يدل انهم كانوا يفهمونها قبل اجراء الانتخابات. لم يفهموا طريقة اشتغال الانتخاب الفردي، لانهم تعودوا على الانتخاب بالقائمة، او الانتخاب بالقطيع، حيث يكفي ان يفوز الراعي بعدد كبير من الاصوات، ليرفع معه عددا كبيرا من افراد القطيع ممن لم يحصلوا على اصوات كافية. حصل هذا في كل الانتخابات الماضية. في احدى المرات حصل نوري المالكي على حوالي ٧٥٠ الف صوت، واياد علاوي على حوالي ٢٠٠ الف صوت، فصعد معهما العشرات من المرشحين الذين لم يكونوا يستحقون ذلك. ومن هنا كتبت كثيرا عن الخلل في الصفة التمثيلية للنواب، وقلت مرارا ان صفتهم التمثيلية مطعون بها، ثم دعوت باصرار الى الانتخاب الفردي، حيث عارضني بذلك اصحاب الاقطاعيات السياسية لانهم كانوا متخوفين من نتائج الانتخاب الفردي، دون التفكير بكيفية الفوز بهذه الطريقة من الانتخابات.

التيار الصدري وحده فهم الالية فخاض المعركة الانتخابية بطريقة تحسن وضعه النيابي، وهذا ما حصل. لكن تفكيره كان محدودا، فجاء فوزه محدودا، لان عدد المقاعد التي حصل عليها لا تجعل منه صاحب الاغلبية البرلمانية بدون منازع. مازالت المشكلة قائمة وهي عدم وجود حزب كبير في العراق.

يمكن تصور قياسات الاحزاب الممثلة في البرلمان كما يلي:

١. الحزب الكبير (L) وهو الحزب الذي يملك اغلبية مطلقة مؤلفة من ١٦٦ نائبا على الاقل. وهذا هو العدد المطلوب لمنح الثقة للحكومة. (يكون عدد نوابه ١٦٦ فاكثر) ليس لدينا مثل هذا الحزب منذ اول مجلس نيابي تشكل في الجمهورية الثالثة (٢٠٠٣ الى الان).

٢. الحزب المتوسط الحجم (M) وهو الحزب الذي يملك حوالي ثلث عدد مقاعد البرلمان اي ١٠٠ نائب، او (١٠٠- ١٦٥). وايضا ليس لدينا حزب متوسط الحجم حيث لا يوجد حزب حقق ١٠٠ مقعد نيابي حتى الان.

٣. الحزب الصغير (S)، الذي يملك نصف العدد المتبقي من المقاعد النيابية، اي ٣٢ مقعدا او (٣٢-٩٩). لدينا الان اربعة احزاب صغيرة هي: التيار الصدري (٧٣)، تقدم (٣٧)، دولة القانون (٣٤)، الحزب الديمقراطي الكردستاني (٣٢).

٤. الحزب الصغير جدا (XS)، وهو الحزب الذي يملك نصف المقاعد المتبقية، اي ١٦ مقعدا او (١٦-٣١). لدينا الان حزبان صغيران جدا واحد، هما: الفتح (١٧)، وتحالف كردستان (١٦).

٥. الحزب المجهري microscopic party

وهو حزب صغير جدا جدا جدا لا يكاد يُرى بالعين السياسية المجردة في البرلمان او في الحياة السياسية عامة، وهو الحزب الذي يتراوح عدد نوابه من (١) الى (١٥) نائبا. ولدينا الان ٢٥ حزبا مجهريا، بينهم ١٦ حزبا بنائب واحد، وحزب واحد بنائبين، وحزب واحد بثلاثة نواب. وهذه ظاهرة خطيرة ومرضية جدا.

٦. ولدينا ٤٠ نائبا سوف يدخلون البرلمان بصفتهم "مستقلين"، اي غير منتمين الى اي حزب من هذه الاحزاب الموجودة.

هذه الخارطة الحزبية تؤكد ان القوم لم يفهموا كيفية الفوز الساحق في الانتخابات الفردية. والكيفية هي: كلما كان عدد المرشحين اقل، كلما كان الفوز مضمونا اكثر. وهذا ما لم يعمل به الخاسرون وخاصة من الذين شكلوا الاطار التنسيقي للخاسرين. وهي خطوة تثير الشفقة، حتى لا اقول السخرية، لانه كان من الافضل ان يشكلوا الاطار التنسيقي قبل الانتخابات، لمنع التنافس بينهم فيها، وتقليل عدد المرشحين لزيادة احتمالية فوزهم. وهذا لم يحصل فتنافسوا فيما بينهم على مقاعدهم فخسروها، واقتنصها غيرهم.

هارد لك!!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق