الشيء الذي يؤلم حقا هو ليس ما عرفناه من قبل ونعرفه اليوم وربما هناك ما سنعرفه غدا عن هذه المسألة، بل ما يقوله بعض العراقيين ممن يميلون الى جلد الذات والاستعراض بالتجرد والانسانية، فهؤلاء لم ينفكوا من الاساءة لهذا الشعب الذي تعرض الى مظالم كثيرة، منها وصفه بالقسوة...
يوم 19 ايلول 2021 نشر السيد غسان العطية على صفحته في «الفيسبوك» مادة مثيرة، جاءت تحت عنوان «موت منظم الفرهود».. المنشور تصدّرته عبارة للعطية تقول «شكرا لمن زودني بهذه المعلومات».. وقد جاء فيها، ان «شلومو هليل» شخصية عراقية يهودية، توفي مؤخرا عن 97 عاما، كان من سكان بغداد وهاجر لاسرائيل وعاد في ما بعد متنكرا لتنفيذ مهمة في غاية القذارة، استهدفت أمن المواطنين العراقيين اليهود، من خلال تحريض الغوغاء وزرع القنابل في الكنس لترويع ابناء هذه الشريحة ودفعهم للهجرة الى اسرائيل، او الى حيث الأمان الذي فقدوه في بلدهم! وللأسف أدت هذه الافعال الى سقوط ضحايا ودخلت تاريخ العراق المعاصر باسم «فرهود اليهود»!
وينقل العطية اعترافا للسيد شلومو هليل في كتابه «عملية بابل» وقوله صراحة، إن العراقيين أبرياء من تلك القضية وانها كانت من تدبيره هو مع فريق كامل، من بينهم وزير الدفاع الاسرائيلي في حرب حزيران عام 1967 موشي دايان، كما يعترف انه قابل نوري السعيد بجواز اميركي مزوّر كصاحب شركات والطلب منه تسهيل هجرة اليهود مقابل الحصول على مكاسب إقتصادية. وجاء في المنشور ايضا، ان ادباء عراقيين يهودا ومنهم الشاعر ابراهيم عوبديا والبروفسور شموئيل موريه ـ سامي - يعترفون في كتب ويوميات ببراءة العراقيين من احداث الفرهود.
لا شك ان كثيرا من الكتب صدرت ونشرت الكثير من الوثائق التي تتحدث عن دور الموساد الاسرائيلي في تلك الاحداث بغية تهجير اكبر عدد من اليهود ونقلهم الى الدولة الجديدة «اسرائيل»، لتفادي الخلل السكاني الذي عملت الموساد ايضا، ومن جهة اخرى على معالجته بالطريقة نفسها ولكن بشكل معكوس، تمثل بتهجير فلسطينيين من هناك واحلال هؤلاء او من يؤتى بهم من اصقاع العالم الاخرى محلهم.
الشيء الذي يؤلم حقا هو ليس ما عرفناه من قبل ونعرفه اليوم وربما هناك ما سنعرفه غدا عن هذه المسألة، بل ما يقوله بعض العراقيين ممن يميلون الى جلد الذات والاستعراض بالتجرد والانسانية، فهؤلاء لم ينفكوا من الاساءة لهذا الشعب الذي تعرض الى مظالم كثيرة، منها وصفه بالقسوة وغياب روح الألفة بين ابنائه، وكأن القرون التي مرت على هذا الشعب ولم يعرف خلالها صراعا بين ابنائه على خلفية دينية او مذهبية لا تكفي لنعرف معدنه، فالعراق معروف بالتجاور الثقافي بحكم تعاقب الحضارات على ارضه، وما انتجه العقل فيه من حركات فكرية مختلفة. ومن يقرأ التاريخ سيجد الكثير الذي يستحق لأجله ان نحترم تاريخه مثلما علينا ان نحترم حاضره ونعمل على مستقبله.
اضف تعليق