كل الذي نخشاه بعد عملية التأسيس ان يتم ادارته من قبل اُناس لا يفقهون بالعمل الاقتصادي، وينتهي بنا المطاف مثلما يحصل للموازنة العامة التي تتعرض للتبديد دون انفاقها بالمواقع الصحيحة وتحقيق التنمية الشاملة لقطاعات الدولة المختلفة، فالصندوق الجديد يحتاج إلى خبراء مختصين في قضايا الاستثمار الدولي...
يقول المثل ان تأتي متأخرا خير من الا تأتي، فعلى الرغم من تأخر العراق كثيرا في التفكير بأنشاء صندوق سيادي يحفظ الزائد من ثروته، الا انها تعد خطوة جيدة في حال تم الشروع بها والعزم الحقيقي على تحقيق هذا الامر بالنسبة لبلد مثل العراق يعتمد اعتمادا كليا على مورد واحد وهو النفط، ولم نعرف بعد ان كان فعلا صندوق للسيادة ام مورد من موارد الاستزادة بالنسبة لإصحاب النفوذ بهذا البلد.
قبل الخوض بتفاصيل هذا الموضوع علينا ان نعرف ماذا يعني الصندوق السيادي، الصندوق السيادي هو صندوق مملوك من قبل الدولة يتكون من الأصول، والأصول (تعني اي شيء ذا قيمة او مورد يمكن تحويله الى نقد أو أموال بالنسبة الى الشركات او الافراد يمكن للأصول ان تولد عوائد مالية او ارباح ويمكن الاستفادة منها عن طريق امتلاكها او استخدامها) او الأراضي او السندات او الأسهم أو المعادن الثمينة (الذهب، الفضة والبلاتينيوم) أو حتى الاستثمار في اجهزة استثمارية دولية اخرى او جميع مما ذُكر في آن واحد، ومن الممكن وصف هذه الصناديق ككيانات تدير فوائض دولة من أجل الاستثمار وهي مجموعة من الأموال تُعد بمليارات الدولارات تستثمرها الدول في الأسهم او السندات.
دواعي التأسيس
بعد ان شعر العراق بمدى الخطر الذي يداهمه نتيجة اعتماده على الاقتصاد الأحادي، وما يصاحب ذلك من مخاطر تتعلق بتغير أسعار النفط العالمية من حين الى آخر، قررت الحكومة العراقية بأنشاء هذا الصندوق على غرار ما معمول فيه بالدول الغنية كالكويت والامارات والسعودية وقطر وغيرها من دول العالم، ليكون الرافد الجديد الذي يزود الاقتصاد الوطني العراقي.
العراق تحديدا ربما يكون من أكثر البلدان حاجة لإنشاء مثل هذا الصندوق، ذلك لأنه قد يكون البلد الوحيد او أكثر البلدان اعتمادا على النفط الذي يشكل مورده الأعظم من بين الموارد، لذا سيبقى اقتصاده متذبذب وقائم على مدى استقرار الأوضاع الدولية، ففي اول هزة عرضية تتعرض لها أسواق النفط العالمية نجد العراق أكثر المتضررين.
بينما بوجود هذا الصندوق سيكون لقطاع النفط بديل اساسي وكبير في حال انهارت أسعار النفط كما في عام 2014 و2020، وبالنتيجة يكون العراق قد تخلص من الأوضاع القلقة التي تعصف به بين حين وآخر، اذ يعتمد في تزويده بالمال عن طريق الاستثمارات الطويلة في مجالات تجارية تتسم بالديمومة.
آلية العمل:
يعمل الصندوق وفق آلية مريحة وغير مؤثرة بالنسبة للاقتصاد المحلي، حيث يقوم هذا الصندوق بإدارة فوائض أموال الدولة، القادمة من إيرادات المواد الخام، وعلى رأسها النفط، والهدف من تأسيسه هو وضع الفائض المالي في أصول وفق خطة ربحية في عمليات استثمارية ذات أمد طويل، ومنخفضة المخاطر، توفر مدخرات كافية لحاجات الأجيال القادمة لحقبة ما بعد النفط.
ومقترح صندوق الثروة السيادية، الذي أشار إليه مستشار رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، يقوم على "إيداع مبالغ تعادل تعويضات حرب الكويت، بعد الانتهاء من دفع تلك التعويضات وهي استقطاع 3% من عائدات كل برميل نفط خام عراقي يجري تصديره
جل ما نخشاه:
كل الذي نخشاه بعد عملية التأسيس ان يتم ادارته من قبل اُناس لا يفقهون بالعمل الاقتصادي، وينتهي بنا المطاف مثلما يحصل للموازنة العامة التي تتعرض للتبديد دون انفاقها بالمواقع الصحيحة وتحقيق التنمية الشاملة لقطاعات الدولة المختلفة، فالصندوق الجديد يحتاج إلى خبراء مختصين في قضايا الاستثمار الدولي.
ويحذر مراقبون من استيلاء المحاصصة المقيتة التي هيمنت على اغلب مفاصل الدولة العراقية على الصندوق، مما يؤدي الى ضياع الهدف الأساس من تشكيله، وتحويله الى نافذة من نوافذ الفساد التي توصل المسؤولين الى مصادر الثروة الوطنية، الذين لا يجيدون التعامل مع كميات الأموال الكبيرة بشفافية وأساليب اقتصادية بعيدا عن الهيمنة الحزبية والسياسية.
بعد عقود من الآن تبرز الحاجة الفعلية لإيرادات صندوق السيادة الذي وجد لحفظ حقوق الأجيال القادمة، في الوقت الذي اكل السابقين والحاليين اغلب الحقوق، وهنا يتحتم على الحكومة الحالية وضع ضوابط تصون بها حقوقهم وضمان مورد اقتصادي يشعرهم بالاهتمام الحكومي والمفقود منذ عقود، وبدون هذه الإجراءات سيتحول الصندوق الى باب للاستزادة المالية والنهب المبطن.
اضف تعليق