الإنسحاب من الإنتخابات لن يؤثر على إجرائها، وفي بعضها هي جزء من عمل سياسي، يحاول تثبيط التفاعل الشعبي، من أجل العودة لاحقاً بأقل جمهور منافس، مع قوى ضامنة لجمهورها وتستدعيه متى ما تشاء، وبما أن معظم مقومات وظروف الإنتخابات صارت جاهزة، وبأهمية الإنتخابات ومفصلياتها، وجدية القوى المشاركة...
الانتخابات مفهوم واضح لتعبير شعبي، عن اختيار الناس لمن يمثلهم، ويمثل ركيزة النظم الديمقراطية، أما الإنسحاب فله مفاهيم عدة لكنها في العراق تقتصر في فهم الناس على نوعين، أحدهما يتعلق بالمشاركة الحزبية والشعبية في الانتخابات، والثاني يخص إنسحاب القوات القتالية الأمريكية، وماله من أثر على الواقع السياسي والإجتماعي والأمني والإنتخابات.
المفاهيم ليست وحدها الحاكمة في العراق، بقدر أحاديث السياسة والتكهنات وأقاويل لا أصل لها، ومخاوف من المجهول وإفتراض عدو غير موجود وتوقع المستحيل.
دعوات الإنتخابات واحدة من أهم معالجات جدلية مشاكل النظام السياسي، ورؤية للخروج من الإعتراضات على طبقة سياسية، تسيء بعضها لعمل غيرها وتنسى نفسها، ولتقصيرها في العمل التشريعي والخدمي، وبعض من العلل يتصورها بعضهم لوجود الإحتلال والتداخلات الخارجية، متناسياً أنه لو كانت الجبهة الداخلية رصينة، لما سمحت لتدخلات الإحتلال والدول الأخرى، وكل هذه التناقضات أدت الى عزوف ونقصان في شرعية الناخبين، إعتراضاً على الأداء، أو تأثراً بإعلام.
حسم موضوع إنسحاب القوات الأمريكية القتالية، نهاية العام الحالي، بعد أربع جولات تفاوضية لمناقشة إعادة صياغة أطر التحالف الإستراتيجي الأمريكي العراقي، وبعد إجتماعات متكررة مع رئيس مجلس الوزراء، للخروج برؤية وتوصيات عراقية ملزمة للوفد التفاوضي، قبيل زيارة الكاظمي لواشنطن، ويبدو أن الجانب الأمريكي كان ينتظر قرارا عراقيا، أو لم يعد يصمد امام الإجماع السياسي، وتنامي خطاب داخلي أمريكي لسحب قوات باتت تتعرض لضربات متوالية، وأصبحت بصفة المشتكي الى المجتمع الدولي، وليس ذلك الطرف الذي لوح بالقوة.
إن إعلان الجانب الأمريكي سحب قواته، بالإتفاق مع الحكومة العراقية، يعطي محفزاً للعملية السياسية، ومسؤولية على القوى السياسية بزرع مفاهيم الديمقراطية والمشاركة الشعبية، وترسيخ سيادة الدولة بأن يكون القرار عراقيا، وللمواطن إرادة في صنع القرار ومصدر للسلطات، أما إنسحاب بعض القوى فربما يترتب عليه إنسحاب بعض الجمهور، وأن كان بنسبة ضئيلة.. وهذا ما يدفع بعض القوى الشعبية والسياسية، الى الإعتراض على الحكومة والعملية السياسية القادمة، وبذلك هي دعوات للتأسيس لعدم الإستقرار، والإعتراض بذريعة عدم المشاركة في الحكومة والبرلمان.
الإنسحاب من الإنتخابات لن يؤثر على إجرائها، وفي بعضها هي جزء من عمل سياسي، يحاول تثبيط التفاعل الشعبي، من أجل العودة لاحقاً بأقل جمهور منافس، مع قوى ضامنة لجمهورها وتستدعيه متى ما تشاء، وبما أن معظم مقومات وظروف الإنتخابات صارت جاهزة، وبأهمية الإنتخابات ومفصلياتها، وجدية القوى المشاركة، والتي تصر على إجرائها في وقتها المحدد، فلابد للشعب أن يكون فاعلاً، في تقرير مصير المرحلة القادمة.
اضف تعليق