تعد جائحة كورونا من العوامل الرئيسة التي ساعدت على ظهور جائحة الجوع التي مست اغلب الافراد من ذوي الدخل المحدود، الذين فقدوا اعمالهم نتيجة قيام الشركات والمعامل بشقيها المحلي والدولي لاسيما الرصينة والكبيرة المنتشرة في جميع انحاء العالم تسريح اعداد كبيرة من العاملين البسطاء...
عندما تذهب للحي الصناعي لإصلاح عطل ما في مركبتك، لا تخرج بعطل واحد، وكأن الأعطال متفقة على مهاجمتك مرة واحدة عندما تأتي الفرصة المناسبة، وهكذا الحال عندما ظهرت جائحة كورونا رافقتها بعض الاعراض التي هاجمت البشرية ومن بينها الجوع الذي يعد أخطر بكثير من الفيروس نفسه على الافراد وقد يكون اشد بطشا.
وتعد جائحة كورونا من العوامل الرئيسة التي ساعدت على ظهور جائحة الجوع التي مست اغلب الافراد من ذوي الدخل المحدود، الذين فقدوا اعمالهم نتيجة قيام الشركات والمعامل بشقيها المحلي والدولي لاسيما الرصينة والكبيرة المنتشرة في جميع انحاء العالم تسريح اعداد كبيرة من العاملين البسطاء.
ففي أمريكا وحدها تم انهاء خدمات أكثر من عشرة ملايين شخص في السنة الأولى من انتشار الجائحة، فهؤلاء الأشخاص المسرحين بالتأكيد سيصيبهم قدر كبير من الجوع بعد فقدان أعمالهم، فهم بالتأكيد ينتمون الى اسر ومسؤولين عن اشخاص من قبيل الأولاد والزوجة والام والأب، وبالتالي تضاعفت الاعداد وصارت قطاعات من البشر العاطل عن العمل.
وعلى الرغم من تصدر اخبار فيروس كورونا العناوين الاخبارية حول العالم، وخصوصا بعد تحوّر السلالات الجديدة وصولا الى المتحوّر دلتا الذي يصعب اكتشافه من قبل أجهزة كشف الفيروسات، لكن هنالك فيروسا (الجوع)، أكثر بطشا في الافراد ولكنه لم يأخذ قسطا من الاهتمام والتناول بين الأوساط الدولية والمجتمعية بصورة عامة في الوقت الذي يعتبر من أشرس الأعداء الذي نال من الشخوص.
ووفقاً لتقرير جديد أطلقته منظمة "أوكسفام"، وهي اتحاد دولي لـلمنظمات الخيرية التي تركز على تخفيف حدة الفقر في العالم، تأسست أوكسفام في 17 شارع برود في أكسفورد، في عام 1942، ووفقا للمنظمة فان الفقر يقتل 11 شخصاً كل دقيقة وهو ضعف معدل الأشخاص الذين يتوفون بـ "كوفيد-19 تقريباً"، وتتوقع أوكسفام أن تستمر هذه المعدلات في الارتفاع.
وقد خلفت الجائحة اعداد كبيرة تعيش في ظروف صعبة جدا أقرب ما يكون من المجاعة، وتشير التقارير العالمية المختصة الى وجود ما يقرب من 155 مليون شخص حول العالم يعيشون في مستويات قريبة من انعدام الأمن الغذائي وهو رقم يزيد على العام الماضي بـ 20 مليوناً، ما يؤشر الى ان حجم الضرر من الجائحة اخذ بالتزايد والتنامي بشكل يومي.
أكثر من عام مر على ظهور جائحة كورونا في العراق ولا تزال البلد تخلو من خطة لمساعدة الأشخاص الذين فقدو عملهم بالكامل، وبقي معظمهم يبحثون عن معونات من هنا وهناك مع التخلي الكامل من قبل الجهات الحكومية، بينما شرعت بعض الأنظمة بتوزيع المنح المالية على الأشخاص الذين اجبرتهم الظروف على البقاء في بيوتهم وخسارة مرتباتهم الشهرية لينظموا بعد ذلك الى معسكرات الفقراء.
وتحضرنا هنا تجربة الولايات المتحدة حيث قامت بتوزيع مساعدات مالية على هذا النوع من الأشخاص، لحين عودة الحياة بشكل تدريجي، وهذا بالتأكيد من الإيجابيات التي يحملها النظام السياسي القائم في التعامل معه الافراد في أوقات الاضطراب، حيث أسهم هذا الاجراء وبصورة مباشرة بعدم انهيار الوضع الاقتصادي، خلافا لما حصل في معظم اقتصاديات العالم.
فهي عملت من خلال هذا الاجراء على تقويض الفقر وحصره بشريحة اقل من نظيراتها من شرائح المجتمع، أضف الى ذلك إبقاء السيولة النقدية متوفرة في السوق المحلية، ولم يحصل الانكماش الاقتصادي الذي أصاب بقية الأسواق العالمية، ففي بعض الدول أدت الجائحة الى خشية من نتائج هذا التفشي وانعكاساته على حياة الافراد الشخصية والجماعية.
ويعتبر الاستقرار السياسي العامل المساعد على السير بهذا الاتجاه، فالمناخ السائد في البلد وما يتضمنه من سياسات تتعلق بالمواطنين والقضايا المرتبطة بهم من قريب وبعيد، هو الذي يرسم بيانية التعامل مع هذه المتغيرات التي طرأت واثرت بشكل كبير على حياة الافراد، ونرى كيف عاشت البلدان غير المستقرة سياسيا تحت وطأة الفيروس لغاية الحين.
ومع تفاقم ازمة الجوع وارتفاع حدة المشكلات يقف العالم عاجزا عن اتخاذ خطوات سهلة وممكنة التطبيق لوضع حد لهذه الظاهرة، فلا تزال المساعدات المخصصة للشرائح المعوزة تذهب وفق المزاج السياسي، والسماح للمساعدات بالوصول إلى من هم بأمس الحاجة إليها، سيحدث فرقاً فورياً ويغير واقع الأمور، ويبقى هذا الاجراء لا يمكن اعتباره حلا نهائيا لمسألة الجوع التي لا تزال من المسائل المعقدة، ومن هنا يجب إعادة التفكير والنظر جذرياً في حال الاقتصاد، في سبيل إيجاد اقتصاد عالمي أكثر عدلاً وشعوراً بالطبقات الجائعة والتي انهكتها الجائحة.
اضف تعليق