ما زالت نظرية القطيع ماضية في تطبيقاتها التي تعمد الى تجهيل الانسان بحقوقه وتجبره على المضي في قناعات غيبية تنتظر وعودا وتبشر بالصبر على مظالم السلاطين، هذا التراكم الكمي في تسيير الرأي العام بان قدره ليس بيده، وان المكتوب على الجبين لابد وان يحدث...

ما زالت نظرية (القطيع) ماضية في تطبيقاتها التي تعمد الى تجهيل الانسان بحقوقه وتجبره على المضي في قناعات غيبية تنتظر وعودا وتبشر بالصبر على مظالم السلاطين، هذا التراكم الكمي في تسيير الرأي العام بان قدره ليس بيده، وان المكتوب على الجبين لابد وان يحدث، فيما يغرف السلاطين من مغانم الحياة من دون انتظار الحور العين كما بفعل مروجوا الفكر السلفي بالتكليف الشرعي بمفهومي البيعة والتقليد.

وهكذا ما زال الصراع على السلطة وتغانم مكاسب الدنيا قائما بمسميات دينية متعددة الأطراف، عرفت في العصور المظلمة في اوروبا التي انتفضت بعد ظهور صناعة البخار والبارود لانتاج وعي مجتمعي متجدد كان له رواده.

عراقيا السؤال كيف يمكن مقارنة تجهيل الراي العام الجمعي، مقابل تسويق الجهل من قبل وعاظ السلاطين ونهازي الفرص لاسيما وان الموسم الانتخابي يدور كل اربعة سنوات، مما جعل مهنة محلل سياسي أو استراتيجي او أمني او متخصص في كذا وكذا لذات الشخص الذي يدور على مختلف القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي، حتى بات لبعضهم مكاتب اعلامية!

تصوروا وعاظ السلاطين بعناوين محلل بكذا وكذا، يؤسس مكتبا اعلاميا مهمته اعادة نشر ما يفيض به على كروبات التواصل الاجتماعي لتعميق حالة التجهيل المجتمعي بان هذا الفطحل وذلك الجهبذ له جمهورا من المتابعين مثل نجوم هوليود او بوليود!

النتيجة الوحيدة التي صاحبت انتشار تقنيات التواصل الاجتماعي عدم إيصال الفكرة الأساسية بان هذه التقنيات لخدمة المجتمع وتقليص فجوات العمل التطوعي، فيما انتهت الى حالة من التباعد عن الواقع، حتى بات الجيران لا يعرف من هو جاره فيما يعرف مسميات رمزية على مواقع التواصل الاجتماعي!

الامر الاخر في هذه الفرضيات ان وعاظ السلاطين يصدرون مقاطع صوتية وافلام قصيرة تعتمد منهج الفبركة العميقة، الجميع يتذكرون قصص تسقيط شخصيات عامة مثل أستاذة جامعية نجحت من خلال التقنيات المتوفرة في دولة الإمارات العربية المتحدة إثبات فبركة المقطع المنشور بصوتها وصورتها بشكل مخل بالادب العام.

السؤال كم من هذه الأنماط والاساليب سيتم استخدامه في الحرب الانتخابية المقبلة؟ وكيف يمكن السيطرة عليها؟ ومن يفترض ان يحاسب من يقدم على مثل هذه الافعال؟ فيما يصدق الراي العام الجمعي ما ينتشر في هشيم عدم الثقة المجتمعية!

في المقابل من يقوم بضبط إيقاع الترويج الانتخابي؟ هل هي مسؤولية مفوضية الانتخابات وهيئة الإتصالات والاعلام، ام انها مسؤولية مجتمعية على النخب والكفاءات الاكاديمية والمثقفة التصدي لها، من خلال رفض قبول نشر اي موضوع للتسقيط السياسي من دون مصدر رسمي يمكن ان يجبر على تحمل المسؤولية المجتمعية والقانونية على حد سواء.

هل يمكن وضع برنامج متكامل يتعامل مع هذا الموضوع؟ الجواب نعم وهذا دور بيت الخبرة لمراكز التفكير العراقية، فهل من مبادرات نخبوبة متخصصة تكافح وعاظ سلاطين وامراء الطوائف السياسية ومفاسد المحاصصة.. يبقى من القول لله في خلقه شؤون!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق