q
مرة أخرى تقع الأنظمة العربية المطبعة مع إسرائيل ومن لم تُطبع بحرج امام ما تقوم به فصائل المقاومة الفلسطينية من رد على الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، اذ يستقبل القطاع يوميا عشرات الصواريخ بينما يشيع عدد من الشهداء بظل صمت عربي مطبق...

مرة أخرى تقع الأنظمة العربية المطبعة مع إسرائيل ومن لم تُطبع بحرج امام ما تقوم به فصائل المقاومة الفلسطينية من رد على الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، اذ يستقبل القطاع يوميا عشرات الصواريخ بينما يشيع عدد من الشهداء بظل صمت عربي مطبق.

قادة الدول العربية لا يعرفون ماذا عليهم فعله في الأيام القادمة، فالأوضاع تزداد تعقيدا، ولا نية للطرفين في التراجع عن الحرب، فيما تؤكد حركة حماس مواصلتها إطلاق الصواريخ، وتواصل إسرائيل أيضا الرد بطريقة أكثر وحشية ودموية.

فعمدت الى قصف الأبراج المهمة في القطاع والبنى التحتية التي تقدر بمئات الملايين من الدولارات، ما يبرهن وجود إصرار إسرائيلي على تخريب القطاع وتشويه وجهه الحقيقي، معاقبة للفلسطينيين الذين لم يفعلوا شيئا سوى الدفاع عن حقوقهم والذود عن وطن اجدادهم المُعتدى عليه.

الاسئلة التي تدور في اذهان الملايين من العرب وليس كاتب هذه الكلمات فحسب، هي على ماذا تعول الشعوب العربية في المرحلة الراهنة؟، وهل تنتظر وقفة جادة مقابل حملات التطبيع التي قامت بها مؤخرا أربعة دول وهي السودان والمغرب والإمارات والبحرين، الى جانب الأردن ومصر؟

الإجابة معروفة وقد تكون صادمة في بعض الأحيان ففي اشد الحالات والأزمات التي مر بها الشعب الفلسطيني لم نر أي موقف شجاع من قبل الحكومات العربية، اذ اكتفى الجميع بالإدانات والشجب الذي وعلى ما يبدو مطبوعا وجاهزا يقرأ في كل مرة دون تغيير طفيف.

ويعود السبب وراء الصمت العربي الى عوامل عديدة نذكر أهمها هي ان عمليات التطبيع لا تزال حديثة العهد على الرغم من وجود تواصل غير معلن سبق هذه الخطوات، وان أي موقف رافض او لا يتفق مع الرغبة الإسرائيلية، من شأنه ان يخلق نوع من التزعزع والهزة لأركان البناء غير المكتمل.

فالحكومات المطبعة لا تزال في مراحلها الأولى ولم تحصد الثمار المرجوة من التطبيع، والاحداث الدائرة في الوقت الحالي لا تصب بمصلحتها مطلقا، فلا عجب ان تتدخل لإيقاف عمليات الهجوم على المدن الفلسطينية والإسرائيلية، لديمومة سير قطار التطبيع الى محطاته الأخيرة دون عرقلة او تأخير عن الوصول في المدد الزمنية المرسومة.

الموقف العربي الضعيف الذي أشرنا اليه ليس توصيف نابع من ضيق مخيلة الشعوب العربية، بل ناتج من المواقف الحقيقية المتكررة تجاه الاعتداءات الإسرائيلية المتوالية على سكان القطاع، وعلى الرغم من الدعوات الأخيرة لعقد اجتماعات طارئة لمناقشة تطور الأوضاع، لكن تبقى هنالك قلة ثقة لدى الجمهور العربي بالقيادات السياسية.

هذه القيادات التي لا تجرأ على قول الحقيقة وتُصرح بان ما يحدث في فلسطين هو انتهاك صريح لحقوق الانسان، من الخطأ ننتظر منها موقف شجاع يزلزل الأرض تحت اقدام الإسرائيليين، وجل ما تقوى على فعله هو التنديد والكلمات الفارغة، والتي ربما يكون متفق عليها مع تل ابيب لعدم التحسس منها او البنيان عليها فهي لا تخرج عن إطار البروتكول العربي المتخاذل.

ولا تتعدى المواقف المتخذة غير انها صدرت لحفظ ماء الوجه امام الشعوب العربية المضطهدة التي تريد من يبعث فيها الامل بأن هنالك لا تزال امة عربية تربطها الروابط الدينية والقومية، يجب المحافظة عليها من الضياع، لكن في الحقيقة لم يبقى من هذه الامة غير اسمها، فهي لا تستطيع فعل شيء في ظل ما يربط بعض أعضاءها من علاقات طيبة بإسرائيل، ويتغنى المُطبعون الجدد بهذا التقارب القائم على الخوف على المصالح.

في تصريح لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قال انه تعرض لضغوط لم يسمها ولكن من الواضح ان أمريكا تدفع بتجاه وقف التصعيد مراعاة لمصالحها في منطقة الشرق الأوسط ولضمان وقوف العرب الى جانبها في الأيام القادمة، فهي تحتاج الى وقفتهم بالتزامن مع تنامي الدور الإيراني، خصوصا بعد فتح الجبهة الجديدة مع إسرائيل من خلال دعمها المتواصل لحركة حماس.

لا أحد يجزم على ان الأنظمة العربية ستقدم حلولا منطقية إزاء القضية الفلسطينية، فالجميع منشغل بهمومه الداخلية وعلاقاته الدبلوماسية مع المحاور الدولية، ولم يكن بمقدورها تغيير الواقع الجديد الذي أرسى دعائمه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حين قام بنقل مقر السفارة الامريكية الى القدس معترفا بها عاصمة لإسرائيل المحتلة بالأساس.

اضف تعليق