q
جميع الحكومات منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام ١٩٢١ حتى اليوم لم تتعامل على مدى قرن كامل بكونها دولة مواطنة تتعامل مع أصحاب المصلحة في واقع اجتماعي واقتصادية يمكن ان ينتج حكومة ترعى هذه المصالح، فيما كانت دائما حكومة طبقة موظفين يتعاملون مع أصحاب المصلحة...

اثار الصديق الدكتور طورهان المفتي سؤالا كبيرا خلال مشاركته القيمة في ندوة نظمها مركز حلول للدراسات المستقبلية عن الحوار المنشود والسياسات المطلوبة، بان جميع الحكومات منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام ١٩٢١ حتى اليوم لم تتعامل على مدى قرن كامل بكونها دولة مواطنة تتعامل مع أصحاب المصلحة في واقع اجتماعي واقتصادية يمكن ان ينتج حكومة ترعى هذه المصالح.

فيما كانت دائما حكومة طبقة موظفين يتعاملون مع أصحاب المصلحة وفق معايير لم ترسخ القناعات بأهمية توليد التقاليد والاعراف المجتمعية والاقتصادية لانتاج دولة عقد اجتماعي دستوري يحقق للشعب مباني العمران السياسي المستدام.

هذا الفارق وتراكم اثامه جعل المكونات الطائفية والقومية تتوافق في مفاسد المحاصصة كثقافة لانتاج اشباح دولة لكل مرحلة زمنية لها طبيعة محركات إقليمية ودولية، من دون ان تحقق الدولة الحديثة تلك القدرة على رصانة الهوية الوطنية العراقية، التي تردع اي تدخل او نفوذ او إطماع خارجية.

ربما هناك من يرى ان بنيان الدولة لا يقتصر على مفهوم السيادة ومضمون الهوية الوطنية، لكن اي نموذج في العالم الحديث وفق معايير الأمم المتحدة للاعتراف بالدول يتحدد برقعة ارض وشعب يحكم بموجب عقد اجتماعي دستوري، بما يؤكد تساوي الاضلع الثلاثة للدولة، فلا دولة بلا ارض وبلا شعب وبلا هوية سيادة.

أجد في هكذا اطروحة عن عقد اجتماعي دستوري جديد، هو ما يتطلب ان يطرح للنقاش في الحوار الوطني العراقي المنشود وليس الخلافات بين قوى سياسية على مصالح حزبية بعناوين المكونات الطائفية والقومية!

لذلك لابد ايضا من طرح السؤال الاخر عن تلك الحلول الغائبة لاقناع المشككين بامكانية التوصل الى عقد دستوري جديد لاقامة دولة المواطنة المدنية حيث تتساوى المنفعة العامة للدولة مع المنفعة الشخصية للمواطن، الم ينجح المهاجرون للولايات المتحدة الأمريكية من خلق حلم الرفاهية والاندماج في عقد دستوري واضح وصريح، وان كان في التطبيق ظهر التمييز العنصري لكن نفاذ القانون على الجميع .

جعل حقوق الانسان والاستجابة لمقياس الديمقراطية حقيقة وان ظهرت افكار نشاز، لكن الاغلب الاعم ملتزم بمتن الدستور، كيف والحال ان الانسان في بلاد الرافدين عاش على الاقل القرن الماضي تحت ظل دولة الموظفين واحزابهم، الا يمكن لهم الانتقال بالحوار الوطني العام الى دولة الشعب والمواطن، لكي توظف الاحزاب في تنمية مستدامة؟؟

يقابل ذلك تلك المحاولات والمناقشات عن حقوق المكونات الطائفية والقومية، وان ثمة تنازع وتضارب في مصالح احزاب الموظفين لا تجعل الكرد او الشيعة او السنة يطمئنوا لبعضهم البعض كمواطنين من غير غطاء تلك الاجندات الحزبية التي يقال انها تمثل مصالحهم فيما واقع الحال انها تنهب أموالهم في مفاسد المحاصصة وتفتح نوافذ السيادة للتدخل الاجنبي!

اعتقد مطلوب من الكفاءات الاكاديمية والمثقفة المجتمعية والاقتصادية والسياسية مناقشة الأفكار التي تدمج مصالح المواطن العراقي بشكل جمعي، وهناك تجارب سبقنا فيها الكثير من الامم مثل ماليزيا وسنغافورة وراوندا، وكل منها كانت تتضمن تنوعات عرقية ودينية متقاتلة في حروب أهلية، سرعان ما تحولت إلى بناء دولة تنمية مستدامة ولعل رواندا الأفريقية تمثل علامة فارقة في هذا السياق.

هل يمكن توسيع دائرة تفاعل الأفكار وتلاقحها لإنتاج برنامج حوار وطني جديد يطرح نموذجا للعقد الاجتماعي الدستوري؟؟ سؤال مطروح للنقاش ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق