وهناك الكثيرون ممن يريدون تحرير سوريا من بشار الاسد لكنهم سعداء بظلم البحرينيين على يد نظام ال خليفة وال سعود، والعكس صحيح فهناك من يريد تحرير البحرين ولا يهمه ان قتل بشار الشعب السوري كله، وهناك من يريد تحرير مصر من الطاغية السيسي لكنه في غاية السعادة لتحول تركيا الى سلطنة يحكمها السلطان اردوغان والعكس صحيح...
الظاهرة الترامبية سواء ترامب نفسه او مؤيدوه في الولايات المتحدة او مؤيدوه خارجها ومنهم العرب والعراقيون توفر لنا فرصة لتسليط الضوء على قضية مهمة كان لها ولا زال اثار سلبية علينا جميعا.
هذه القضية هي وجود عدد هائل من البشر يعتقد ان قيم انسانية كبرى مثل الحرية والعدالة والديموقراطية متجزأة بمعنى ان شعبا يستحقها وشعوب اخرى لا تستحقها او انها مهمة لشعب ما (شعبي او الشعوب التي احبها لاسباب معينة - طائفية مثلا) وغير مهمة لشعوب اخرى لا (احبها) لنفس الاسباب.
الامثلة كثيرة وهذه عينة منها، فهناك الكثير من العراقيون الذين يريدون تحرير العراق من ايران لكن وسيلتهم هي استعباد الولايات المتحدة بديكتاتورية ترامب!
وهناك الكثيرون ممن يريدون تحرير سوريا من بشار الاسد لكنهم (سعداء) بظلم البحرينيين على يد نظام ال خليفة وال سعود. (والعكس صحيح فهناك من يريد تحرير البحرين ولا يهمه ان قتل بشار الشعب السوري كله!).
وهناك من يريد تحرير مصر من (الطاغية) السيسي لكنه في غاية السعادة لتحول تركيا الى سلطنة يحكمها السلطان اردوغان (والعكس صحيح فهناك من يريد تحرير تركيا ولا يعنيه ظهور فرعون جديد في مصر).
هذا يعيدنا الى حالة مرت بها منظمات المعارضة وحركات الاستقلال قبل عقود وافضل مثال لذلك الحركات الفلسطينية التي تدعي انها تريد تحرير فلسطين لكنها لم تخجل من ان تعمل كمخبر واحيانا كسلاح لاغتيال معارضي الدول التي منحتها اللجوء فقط لان حكام هذه الدول طلبوا منها ذلك.
الحرية والعدالة والسلام والامن والديموقراطية قيم واستحقاقات لكل البشر وليست حكرا للغرب على حساب الشرق ولا للسنة على حساب الشيعة او العكس.
وكل ما لا يرى مشكلة في معارضة الخامنئي وتأييد ترامب او معارضة بشار وتأييد بن سلمان او معارضة السيسي وتأييد اردوعان (والعكس لكل الامثلة ايضا) لديه حول عقلي او شيزوفرينيا.
الطغاة هم انفسهم في كل مكان ومن يعتقد ان صعود طاغية في مكان ما سيساعد في زوال طاغية في مكان اخر واهم.
هؤلاء الطغاة يستفيدون من بعضهم البعض. ولا زلت اتذكر كيف اخبرني متحدث باسم الرئيس روحاني مرة في عام 2015 ان العناصر المحافظة في ايران تفضل فوز ترامب بالانتخابات.
تماما كما ان وجود بشار يعطي شرعية لقمع البحرين وكما ان وجود اردوغان يعطي شرعية للسيسي والعكس صحيح.
انتم لا تفهمون الاساس النظري الذي ينطلق منه الطغيان وهو العدو الذي من اجل دحره يجب ان نضحي بحريتنا. وهذا بالضبط ما يسهل عمل الطغاة رغم العداء الظاهري بينهم، لهذا اقول - ولا يعنيني حتى ان كان 99% من البشر يفكر بهذه الطريقة العوجاء - انتم جميعا اما طائفيون او عنصريون او ببساطة مصابون بشيزوفرينيا او خلل عقلي.
الحرية والعدالة حق للجميع ولن يتحرر شعب باستعباد شعب اخر، لهذا لن يتحرر العرب (من ايران) باستعباد الامريكان على يد ترامب ومن فكر بهذه الطريقة بحاجة لمراجعة مستشفى الامراض العقلية!
اضف تعليق