العراق كنزٌ أمميّ، ومصلحةٌ دوليّة، حُكّامنا لا يُدركونَ ذلك، ونحنُ ليس بوسعنا إنقاذ أنفسنا، وإنقاذ العراق من الطوفان، لأسباب عديدةٍ وكثيرة، لذلكَ فإنّ السفينةَ\" قادمةٌ لا محالة، أيّاً ما كان نوح، وسنركبها واحداً واحداً، بإرادتنا، أو بإرغامنا على الركوب، وتذكّروا تايتنيك...
قالَ وزير خارجية فرنسا، جان إيف لودريان، أن "لبنان هو تايتنك من دون أوركسترا.. واللبنانيون في حالة إنكار تام لكونهم يغرقون، ولا توجدُ حتّى موسيقى"، العراق هو أيضاً تايتنك، هو أيضاً بدون أوركسترا.
غير أنّ العراقيّين يُدركونَ واقعةَ الغرقِ هذه أكثر من اللبنانيّين، وهم ليسوا في حالة إنكارٍ تامٍّ لغرق بلدهم، وهم يعرفونَ أنّ بلدهم على وشك الغرق، وأنّهم سيغرقونَ حينها معه، من لايُدرِكُ ذلك، وهو في حالةِ إنكارٍ تامٍّ لذلك، هُم "حُكّامُ" العراق الآن.
العراقيّون من عامّةِ الناسِ وخاصّتهم (وعلى اختلافِ مِلَلِهِم، ونِحَلِهم، وأطيافهم، وإثنيّاتهم)، يعرفونَ أنّهم يغرقونَ سياسيّاً، واقتصاديّاً، واجتماعيّاً، وإقليميّا، ودوليّاً.. بينما لا يعرفُ، أو لا يُدرِكُ حكّامهم ذلك.
وإذا كنّا عاجزينَ (كعراقيّين) عن انقاذ أنفسنا من الغرق (لأسبابٍ كثيرة)، فهل سيتركُ "الكبارُ" هذا العراقَ عُرضةً للغرق؟؟ أرى أنّهم لن يسمحوا بذلك في نهاية المطاف، لأنّ هذا العراق، عراق، وليس جمهوريّة موزٍ تافهة، ولا بلداً منسيّاً في مجاهل أفريقيا جنوب الصحراء.
العراق ليس ضئيل الأهميّة، ولا قليل القيمة، كما يتصورهُ أولئكَ الذين يحكمونهُ (أو يتحكّمونَ بهِ) الآن، وليتذكّر من تنفعهُ الذكرى، أنّ قانون "تحرير" العراق قد سَنّهُ الديموقراطيّون، وأنّ هناك من كان يعتقدُ يومها (في العراق القديم)، أنّ جورج بوش الأب هو "العدوّ"، وأنّ بيل كلينتون هو "الصديق" القادم.
ولنضَع نصب اعيننا الآن، أنّ "وضعَ" العراق سيكونُ بنداً رئيساً في المفاوضات القادمة بين إيران والولايات المتحدّة الأمريكيّة، وأنّ لا مكانَ لـ "حُكّامنا" على الطاولة، بـ "رثاثتهم" الحاليّة هذه.
العراقُ مهمٌّ للجميع. الحقيقةُ الدوليّةُ الراسخةُ الان، هي أنّ وأنّ أمنهُ وأستقرارهُ ووحدة أراضيهِ، هي مسؤولية الجميع.
وإذا كانت الفوضى قد استمرّتْ تنهشُ العراقَ طيلة سبعة عشر عاماً، فإنّ لا أحد سيسمحُ لهذه الفوضى بإبتلاعِ العراق في نهايةِ المطافِ، ولا بمحوهِ من خريطة العالم، ولا بـ "تجييرهِ" صكّاً على بياض، لصالحِ هذا أو ذاك.
العراق "كنزٌ" أمميّ، ومصلحةٌ دوليّة، "حُكّامنا" لا يُدركونَ ذلك، و"نحنُ" ليس بوسعنا إنقاذ أنفسنا، وإنقاذ العراق من الطوفان، لأسباب عديدةٍ وكثيرة، لذلكَ فإنّ "السفينةَ" قادمةٌ لا محالة، أيّاً ما كان "نوح"، وسنركبها واحداً واحداً، بإرادتنا، أو بإرغامنا على "الركوب"، وتذكّروا تايتنيك.
لقد غرقت السفينةُ "الفارهة – الباذخة" .. السفينةُ "المتينةُ – الكبيرة - الغنيّةُ"، التي كان الجميعُ يظنّ بأنّها لا تغرق .. وغرق معها "الركّاب" في نهاية الأمر .. وغرق حتّى "الموسيقيّون" في لحظةِ الفجيعة، لأنّ "السيّد" القبطان و "مساعديه"، لم يُشاهدوا الجزء الطافي من جبل الجليد، ولم يتجنّبوهُ في الوقت المناسب، في تلكَ المياهِ العميقةِ والشاسعة، لـذلك "المُحيطِ" المُخادِع، الذي كانوا يُبحِرونَ كالعميانِ فيه.
اضف تعليق