ان بايدن ربط بين اصلاح الديمقراطية الاميركية وبين النظام التعليمي، وإن قدرة الولايات المتحدة على أن تكون قوة من أجل التقدم في العالم وتعبئة العمل الجماعي تبدأ في الداخل. لهذا السبب سأعيد تشكيل نظامنا التعليمي بحيث لا يتم تحديد فرصة الطفل في الحياة من خلال الرمز البريدي أو العرق...

في عدد شهر اذار/ نيسان ٢٠٢٠ لمجلة "فورين افيرز"، نشر جو بايدن مقالا حول خططه في حال تم انتخابه رئيسا للولايات المتحدة اتهم فيه ترامب بأنه "ابتعد عن القيم الديمقراطية التي تمنح القوة لأمتنا وتوحدنا كشعب".

صحيح ان الديمقراطية الاميركية حازت اعجاب الكاتب الفرنسي توكوفيل (١٨٠٥-١٨٥٩)، الا انها ليست افضل النماذج الديمقراطية في العالم. يكفي ان نتذكر ثلاثة امور بشانها: الاول ان اعضاء اعلى سلطة قضائية، اي المحكمة الاتحادية، يعينون من قبل الرئيس مدى الحياة ولا يتم انتخابهم. والثاني ان تمثيل الولايات في مجلس الشيوخ غير عادل. والثالث السياسات العدوانية التي مارستها الولايات المتحدة ضد الدول الاخرى منذ استقلالها عن بريطانيا عام ١٧٧٦حتى الان. اخرجت اساءات ترامب الولايات المتحدة من قائمة الدول الديمقراطية ال٢٢ الاولى في العالم ودخلتها في قائمة الديمقراطيات المعيبة في مؤشر الديمقراطية الذي اصدرته "الايكونوميست" البريطانية عام ٢٠١٩ تحت الرقم المتسلسل ٢٥.

بايدن تعهد في المقال انه سيتخذ، كرئيس، "خطوات فورية لتجديد ديمقراطية الولايات المتحدة"، مذكّرا بان "انتصار الديمقراطية والليبرالية على الفاشية والاستبداد ادى إلى خلق العالم الحر"، مؤكدا ان هذه الحقيقة "لا تعرف ماضينا فقط، وانما ستحدد مستقبلنا".

وبناء على هذا الرؤية قال ان البند الاول في جدول اعماله سيكون اصلاح وتنشيط الديمقراطية الاميركية وتعزيز "تحالف الديمقراطيات التي تقف معنا في جميع أنحاء العالم".

والنقطة اللافتة للنظر جدا ان بايدن ربط بين اصلاح الديمقراطية الاميركية وبين النظام التعليمي، قائلا: "إن قدرة الولايات المتحدة على أن تكون قوة من أجل التقدم في العالم وتعبئة العمل الجماعي تبدأ في الداخل. لهذا السبب سأعيد تشكيل نظامنا التعليمي بحيث لا يتم تحديد فرصة الطفل في الحياة من خلال الرمز البريدي أو العرق".

كما ربط بين البعد الداخلي للديمقراطية وبين البعد العالمي لها مؤكدا انه سيدعو "القادة الديمقراطيين في العالم لإعادة تعزيز الديمقراطية". واشار الى ان الديمقراطية تتعرض لضغوط أكبر من أي وقت مضى منذ الثلاثينيات حيث أفادت منظمة فريدوم هاوس أنه من بين 41 دولة تم تصنيفها على أنها "حرة" من عام 1985 إلى 2005، سجلت 22 دولة انخفاضًا في الحرية خلال السنوات الخمس الماضية.

واعلن انه في السنة الاولى من توليه المنصب "ستنظم الولايات المتحدة وتستضيف قمة عالمية من أجل الديمقراطية لتجديد الروح والهدف المشترك لدول العالم الحر. وسيجمع بين الديمقراطيات في العالم لتقوية مؤسساتنا الديمقراطية، ومواجهة الدول التي تتراجع بصدق، وصياغة أجندة مشتركة" حيث ستعطي الولايات المتحدة الأولوية للنتائج من خلال تحفيز التزامات الدولة الجديدة المهمة في ثلاثة مجالات: مكافحة الفساد، والنضال ضد الاستبداد، وتعزيز حقوق الإنسان في دولهم وخارج البلاد.

ووعد بانه سوف يصدر توجيهاً رئاسياً يحدد مكافحة الفساد كمصلحة أمنية وطنية أساسية ومسؤولية ديمقراطية، وسيقود الجهود الدولية لتحقيق الشفافية في النظام المالي العالمي، وملاحقة الملاذات الضريبية غير المشروعة، ومصادرة الأصول المسروقة، وجعل الأمر أكثر صعوبة على القادة الذين يسرقون من موظفيهم للاختباء خلف شركات واجهة مجهولة.

وقال ان قمة الديمقراطية الموعودة سوف تضم أيضًا منظمات المجتمع المدني من جميع أنحاء العالم التي تقف في الخطوط الأمامية للدفاع عن الديمقراطية. وسيصدر أعضاء القمة دعوة للعمل من أجل القطاع الخاص، بما في ذلك شركات التكنولوجيا وعمالقة وسائل التواصل الاجتماعي، والتي يجب أن تعترف بمسؤولياتها واهتمامها الكبير في الحفاظ على المجتمعات الديمقراطية وحماية حرية التعبير.

في الوقت نفسه استدرك قائلا انه لا يمكن أن تكون حرية التعبير بمثابة ترخيص لشركات التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي لتسهيل انتشار الأكاذيب الخبيثة. يجب على هذه الشركات أن تتصرف لضمان أن أدواتها ومنصاتها لا تعمل على تمكين دولة المراقبة، أو تقويض الخصوصية، أو تسهيل القمع أو نشر الكراهية والمعلومات المضللة، أو تحفيز الناس على العنف، أو البقاء عرضة لسوء الاستخدام.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق