يعتقد البعض ان مواجهة الفساد واقتلاع جذوره من القطاع العام في العراق قد يأتي بخطوات آنية او من طرف واحد في السلطة، بينما يفترض بالعراق باعتباره دولة دستور ومؤسسات ان تعمل جنبا الى جنب في مواجهة وتصحيح الاخطاء ضمن اطار التعاون بين السلطات وتفعيل الاداء المؤسسي...
تحركات رئيس مجلس الوزراء الاخيرة في مواجهة الفاسدين واناطة الموضوع بلجنة تنسق عملها مع جهاز مكافحة الارهاب، تعتبر خطوة مهمة واولى في طريق قطع الطريق على استمرار سلسلة الفساد المتجذرة في العراق.
لكن السؤال: اين هيئة النزاهة من هذه الخطوات؟ وماذا كانت تعمل سابقا!!! وما دور مكاتب التفتيش في الوزارات وما دور القضاء واين البرلمان من كل ما يجري.
للأسف يعتقد البعض ان مواجهة الفساد واقتلاع جذوره من القطاع العام في العراق قد يأتي بخطوات آنية او من طرف واحد في السلطة، بينما يفترض بالعراق باعتباره دولة دستور ومؤسسات ان تعمل جنبا الى جنب في مواجهة وتصحيح الاخطاء ضمن اطار التعاون بين السلطات وتفعيل الاداء المؤسسي بدءا من الهيئات المستقلة مرورا بتفعيل رقابة البرلمان وصولا الى السلطتين التنفيذية واخيرا القضائية.
لكن، ما يحدث اليوم من اوامر قبض بحق بعض الشخصيات من الخط الثاني المتهمة بالفساد او التلاعب بالمال العام او هدره ليس كافيا وليس هو العمل المطلوب فقط وان كان جيدا الى حد ما... بل المطلوب التالي:
1. توفر الارادة لدى كافة القوى السياسية للسير في هذا الملف وتقديم الفاسدين حتى لو كانوا من اعضائها او قياداتها، وهذا غير ممكن التحقيق في الوقت الحاضر لسببين:
الاول – انها لم تصل الى مرحلة من النضج لتصحيح مسارها الداخلي بعد.
الثاني - انها تخشى من ضياع شعبيتها ونحن على اعتاب انتخابات مبكرة قادمة.
2. التعاون بين السلطات الثلاث تشريعية وتنفيذية وقضائية والتنسيق في كل خطوة في مواجهة الفساد والفاسدين، حتى تأتي النتائج ايجابية على كل المستويات.
3. تشريع منظومة قوانين رادعة تحد من الفساد وتحول دون انتشاره وتوسعه، وهذه مسؤولية البرلمان التي تقاعس عنها لسنوات.
4. القيام بحملة توعية من مخاطر الفساد واثره على البلد عامة ومسؤولية من يقوم به امام الله والقانون، وهذه مهمة المؤسسة الدينية والتربوية والاعلامية.
ان تغول الفساد وتحوله خلال السنوات الاخيرة الى ثقافة مجتمعية انتشرت بشكل واسع في كافة المجالات حتى اصبح الفاسد لا يخجل من فساده بعد ان كان عيبا او حراما قبل فترة من الزمن، يستدعي من جميع السلطات والمؤسسات ذات العلاقة والخيرين واصحاب المسؤولية الشرفاء النهوض كلا بواجبه حتى تنجح محاولات الكاظمي الاخيرة في ملاحقة الفاسدين ولا يبقى وحيدا في هذا الميدان الحساس والخطير.
ولكي تصل الرسالة صحيحة للفاسدين بجدية الخطوات المتخذة ولا يعتبرونها استعراضية او زوبعة في فنجان شربنا من فساده المر في زمن النظام السابق واستفحلت خطورته ومرارته في السنوات الاخيرة حتى أصبح يهدد قوت المواطن وكيان الدولة برمتها؛ فانه يجب ان يطال كبار الفاسدين وصغارهم دون استثناء او تمييز حتى يكون ناجحا بكافة المقاييس.
اضف تعليق