هل الدولة العراقية قوية؟ هل إن ما اقوم به سواء كنتُ مسؤولا أمنيا ام سياسيا ام دينيا ام جماعة، يقوّي الدولة العراقية أم يضعفها؟، اجابتك عن هذا السؤال بنفسك هي الحل السحري لعلاقتك بالمستقبل، وهي التي تحدد دورك، بل تحدد مدى أمنك سواء كنت فردا أو جماعة أو محافظة...

هل الدولة العراقية قوية؟ هل إن ما اقوم به سواء كنتُ مسؤولا أمنيا ام سياسيا ام دينيا ام جماعة، يقوّي الدولة العراقية أم يضعفها؟، اجابتك عن هذا السؤال بنفسك هي الحل السحري لعلاقتك بالمستقبل، وهي التي تحدد دورك، بل تحدد مدى أمنك سواء كنت فردا أو جماعة أو محافظة أو عشيرة أواقليماً، ربما تستفيد جزئيا من ضعف الدولة وفوضى القانون لتحقيق اهداف مباشرة مرحلية، لكنك في النتيجة ستضرر من ضعف الدولة.

الدولة الضعيفة، تعني ان الجميع مهدد فيها، ولذلك لايمكنك ان تقوم باضعاف الدولة وتطالب الاخرين بالخوف منها، حتى وإن كنت رئيسها تزج بها في اتون الحروب غير المتكافئة وتهلك جيشها ثم تتوسل الاخرين باحترامها وايلاء الاعتبار لسيادتها!! وبالتفصيل اذا كنت من مكون ما، لاتخاف الدولة ولاتحترمها ولا تحرص على سيادتها، فكيف تطالب مسؤولا من مكون آخر يجلس بعيدا عن عاصمتها بان يخاف منها ويهابها ويحرص على سيادتها !!، وهذا ينطبق على الاخير ايضا وهو يبتز الدولة ولايخشاها منها، فكيف يطالب دولة أجنبية باحترامها والحذر من مس سيادتها ؟..

نحن امام معادلة واضحة اذا اهنت الدولة فانك تعرضها للاهانة من اعدائك، اذا اهنت موظفا او استخدمت سلاحا شخصيا لتصفيه خصم، أو اعتديت على طبيب أو شرطي، او قصفتَ سفارة أو مؤسسة تحت حماية الدولة، لايحق لك بعد ذلك ان تلوم دولة خارجية على استمكان بلادك الضعيفة المهانة من قبلك، هذا هو وضع بلدان الدنيا سواء القوية المتماسكة المحكومة بقانون عام، او الهشة الضعيفة التي تفترس كياناتها بعضها بعضاً.

ما يحصل اليوم بين قوات مكافحة الارهاب وتنظيم حزب الله، تبرره الاولى بمنع تهديد سيادة الدولة، وهذا الموضوع في التحليل البسيط لاعلاقة له بالحشد الشعبي ككيان كلي واسم له توصيف قانوني يفترضه جزءاً من القوات المسلحة العراقية، ياتمر بامرة القائد العام للقوات المسلحة، لكن هذا التوصيف وهذا الكيان الرسمي الامني الكبير، يواجه اشكالا تنظيميا في أن الويته التي يتكون منها بقيت كيانات منفصلة متصلة، متصلة بالعنوان العام منفصلة بالآليات والتسمية والمؤسسات الأمنية التابعة لها، فعلى سبيل المثال اللواء الاول والخامس والتاسع تابع لبدر، والثامن لعاشوراء والخمسون لبابليون والثالث عشر بعد المئة لسرايا السلام ثم تنظيم حزب الله موضوع الخلاف الدائر الان الذي يملك حصة اللواء 45، وهكذا؛ كل جماعة بقيت كما هي وحملت اسم لواء يتمتع بكل مزايا المؤسسة الامنية الرسمية وهي فصائل ساهمت ضمن عنوان الحشد الشعبي الذي شارك في طرد تنظيم داعش وكان مؤشراً لقوة الدولة بعد ان تهاوى جيشها اما احتلال فلول التنظيم مدينة الموصل، لكن هذه الالوية – الكيانات مختلفة الافكار والتطلعات والمواقف، واحيانا تضم اعضاء من منتسبيها قد يقومون بافعال خارج اطار المهمة الاساسية والانضباطية لعنوان الحشد الواسع داخل أو خارج العراق.

السؤال الاساسي الان: هل ان اي اجراء او عملية يقوم بها لواء من مئات الالوية هذه، يمثل الحشد الشعبي وبأمر من قيادته العليا؟ هل ان هيئة الحشد الشعبي – المؤسسة العراقية الامنية هي المسؤولة عن كل ما يصدر من هذا الالوية مجتمعة؟ وهل ان اي مساءلة او نصح او مواجهة مع عنصر ما من هذه الالوية يرتكب جريمة او خطأ، يعني ان الحشد الشعبي ارتكبها !!؟ عند هذا السؤال المركزي لابد من تفكيك المهمات والاليات حفاظا على العنوان العام، ولكن من يجرؤ على الاجابة ومن هو مخول بها في بلد لايمكن لاي منطق او حوار ان يغير القناعات مهما كان موضوعيا.

بيان مكافحة الارهاب الذي سمعناه والمبررات التي ساقها بعد العملية التي جرت ليلة الخميس24/25 / حزيران الجاري، تتصل بمكافحة عناصر تقوم بضرب صواريخ كاتيوشا على مواقع رسمية وسفارات اجنبية وتحديدا ماتعرض له مقر مكافحة الارهاب والجندي المجهول ومطار بغداد وايضا السفارة الامريكية التي يفترض انها تحت حماية الدولة مهما كان مستوى العلاقات بين البلدين، والعثور على موقع لتصنيع الصواريخ والعبوات..وأن هذا الفعل معاد للدولة من اي جهة صدر ويندرج تحت اطار مكافحة الارهاب المنصوص عليه بالدستور حسب التعريف المباشر.( كل فعل اجرامي يقوم به فرد او جماعة منظمة استهدف فرداً أو مجموعة افراد أو جماعات أو مؤسسات رسمية أو غير رسمية أوقع الاضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة بغية الاخلال بالوضع الامني او الاستقرار والوحدة الوطنية او ادخال الرعب او الخوف والفزع بين الناس او اثارة الفوضى تحقيقا لغايات ارهابية كذلك الاعتداء بالأسلحة النارية وبدافع إرهابي على السفارات والهيئات الدبلوماسية في العراق كافة وكذلك المؤسسات العراقية كافة والمؤسسات والشركات العربية والأجنبية والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية العاملة في العراق وفق اتفاق نافذ)، فهل نحن امام دولة قوية تؤدي مهامها وفق هذا المفهوم ؟ او دولة ضعيفة تتغاضى عنه لاسباب مختلفة ؟ وبعيدا عن ماجرى والاطراف المستهدفة الان، ماذا لو ان فرقة من الجيش العراقي نفسه او من حرس الرئاسات قامت بفعل ينطبق عليه التعريف اعلاه، ماهو دور الدولة منه ؟. لماذا نتصرف بشكل مستقل واذا تمت مساءلتنا نستغيث بالعنوان الاكبر ؟.

لايمكن للمراقبين ان يربطوا اية اجراء لاقامة القانون سواء في بغداد او أي من المحافظات والاقاليم في السيطرة على المنافذ الحدودية او ردع الهجمات الفردية على مؤسسات الدولة، بأنه فعل سلبي مارق يجب ايقافه !!. وعليه يجب تقوية الدولة العراقية من جميع الفصائل والمؤسسات والمحافظات والاقاليم، اي اضعاف للدولة هو تهديد للمجتمع كله، فلايمكن للدولة التي تخاف من جماعة مسلحة أن لاتخاف من اقليم كردستان مثلا، ولايمكن للدولة التي تخاف من اقليم على اراضيها، ان لاتخاف من دولة اخرى تعتدي عليها. السبيل الوحيد والوحيد فقط، هو انتاج اجماع جديد على ان قوة الدولة ضمانة للجميع، وان اي جهاز او كيان او مؤسسة او اقليم او جماعة تريد الاستقواء على الدولة بالسلاح او التحالفات الخارجية فانما هي في معسكر إضعاف الدولة، عراقية كانت أم أجنبية.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق