والشدو هو صوت حادي الإبل يحدو لها وهو التَرَنُّم والَغَنِّاء، وهو ايضا، الجزءُ القليلُ من الشيءِ الكثير.
وشدو الربابة قسم اول من عنوان كتاب، تكملته (بأحوال مجتمع الصحابة) للمصري خليل عبد الكريم، انتقد فيه (الصحابة العدول) كما دأبت المدرسة السنية على تلقيبهم، وهم كلهم عدول، يستوي في ذلك السقيم والصحيح والمعوج والمستقيم، وتبعا لذلك لاضير في تلك المدرسة ان يقرن معاوية بن ابي سفيان بعلي بن ابي طالب، فهما الاثنان (رضي الله عنهما).
مرد ذلك التقليد البائس، حديث مروي عن شيخ المضيرة ابو هريرة، وايضا ( رضي الله عنه) وهو عنوان كتاب لشيخ ازهري يدعى محمود ابو رية، نزع الحصانة والقدسية التي تلطى خلفها هذا الاسم قرونا طويلة، يقول ابو هريرة : قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ( لا تسبوا أصحابي لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه ).
ومعروف ان اغلب مصادر السنة المكتوبة والتي نقرأها الان مرت عبر القناة الأموية والعباسية كما أوضح ذلك المؤرخ العراقي عبد العزيز الدوري في كتابه نشأة علم التاريخ عند العرب.
بَعد ثورة العشرين ضَد الاحتلال البريطاني في العراق شُكّلت أول حُكومة عِراقيَّة والتي بادرت بِبناء نواة الجيْش العراقي في 6 يناير/كانون الثاني عامّ 1921، حيْثُ تم تشكيل فوْج حملِ اِسم فوْج الامام موسى الكاظِم، الّذي تألِف من ضُبّاط عِراقيِّين سابِقين كانوا يعملون في الجيْشِ العُثمانيَّ في ثكنة الخيالة في الكاظِميَّة في العاصِمةِ بغداد وسُميَ بِفوْج الامام موسى الكاظِم في 9 اذار 1922 بِإرادةِ ملِكيَّة.
يكتب احد العراقيين في الفيس بوك:
عندما تم اطلاق تلك التسمية على أول نواة للجيش العراقي اسم (فوج موسى الكاظم)، لم يعترض عراقي واحد بحجة أن الاسم يحمل دلالة طائفية، بل العكس يفخر العراقيون جميعا بهذا الاسم، وبهذا التأسيس ..
ومن المؤكد أن ملايين الحناجر رددت (لا والله والعباس)، ولم تثر حساسية طائفية عند هذا أو ذاك .
أنا على يقين من أن الزوبعة التي تثار، حول (لبيك يا حسين) نوع من التصيد في الماء العكر.
لكن الاعلام العراقي، بشقه السني لازال يشدو بربابته حول تلك التسمية لعمليات تحرير الانبار، رغم تغييرها الى (لبيك ياعراق)، ولايزال الاعلام العربي، يشدو بربابته حول تلك التسمية، ولاهم له غيرها من جميع ما تمر به البلدان العربية والمسلمة. فهي الحدث الابرز ولايزال يتفاعل كل لحظة.
لكن حقيقة ما سبب تلك الاثارة؟
اعود الى بداية الموضوع والسطور الاولى، لايختلف المسلمون السنة حول مكانة الحسين بن علي بن ابي طالب طالما اعقب اسمه (رضي الله عنه) لانه سيتساوى مع غيره كقاتله يزيد مثلا، لكن الحسين نفسه يمكن ان يقتل مرة ثانية او عاشرة او الفا اذا اعقب اسمه (عليه السلام) ويكون يزيد متبوعا باللعنات.
انه الامتداد الطبيعي لتلك المصادر الاموية والعباسية التي دونت مادونت من احاديث اصّلت للاستبداد والغلبة والتقديس الموهوم..
شدو الربابة نسمعه كل حين، في كل موقف يكون الشيعة طرفا فيه مقابل السنة، فالحشد الشعبي يشبه داعش ولايختلف عنه، وادانته واجبة في رأي الاعلام العربي السني، وتلفيق الجرائم والصاقها به، اسهل من ذكر الحقائق عن جرائم داعش، لانهم الروافض، والمجوس، والملاعين الذين يكيدون للاسلام في الخفاء.
الم يسلموا بغداد الى المغول؟
الم يسلموا فلسطين الى اليهود؟
الم يكونوا خلف صفقات الاسلحة الفاسدة للجيوش العربية في العام 1948؟
الم يكونوا خلف العدوان على مصر في العام 1956؟
الم يكونوا خلف هزيمة العرب في العام 1967؟
الم يكونوا خلف الداعمين للاحتلال الاسرائيلي للبنان في العام 1982؟
الم يكونوا خلف الانقلابات في سوريا والعراق وليبيا ومصر، وخلف الانظمة المستبدة في جميع البلدان العربية؟
الم يكونوا سبب خراب تلك البلدان منذ نيلها استقلالها عن الدول الاستعمارية؟
شدو الربابة للإعلام السني، يمكن ان يلفق حتى ما يستحيل تلفيقه مثلما فعل قبل ذلك اعلام الدولة الاموية والعباسية طيلة قرون، من اجل تكريس صور نمطية للآخر كي يسهل الغاؤه وتحطيمه.
لكننا في هذا العصر، عصر المنجزات التقنية الباهرة، لايمكن لشدو الربابة ان يستمر طويلا، سيتعب الحادي وتتكسر الربابة.
اضف تعليق