العراق يعاني من ازمة قلبية الان، ويفترض ان تكون حياته بعدها أفضل من حياته قبلها. يفترض ان نفكر جميعا، ونتبادل الرأي، ونطلق نقاشات عامة حول كيفية جعل حياتنا أفضل بعد هذه الازمات، سنخسر كثيرا الى عادت حليمة الى عادتها القديمة بعد زوال الازمة المركبة...

سيكون من البؤس الشديد ان نخرج من دائرة الازمات الثلاث بعد حين دون ان نفتح صفحة جديدة لمستقبل حياتنا في هذا البلد، اما الازمات الثلاث في: ازمة فيروس covid-19، وازمة اسعار النفط، والازمة السياسية المزمنة.

في عام ٦ شباط من عام ١٩٩٨ تعرضت لازمة قلبية. واثناء مكوثي في المستشفى قرات بعض الكتيبات الصحية. احدها يقول ان الذي يتعرض الى ازمة قلبية تطول حياته بعدها، لانه سوف يغير الكثير من عاداته الحياتية السيئة في مجال التغذية والصحة الخ.

العالم كله يقول الان ان عالم ما بعد كورونا سيكون مختلفا عن العالم قبله. فقد شهد العالم، على سبيل المثال، الطاعون الاسود عام ١٣٤٧ والذي ادى الى انهيار النظام الاقطاعي الذي كان سائدا في اوروبا.

العراق يعاني من ازمة قلبية الان، ويفترض ان تكون حياته بعدها افضل من حياته قبلها. يفترض ان نفكر جميعا، ونتبادل الرأي، ونطلق نقاشات عامة حول كيفية جعل حياتنا افضل بعد هذه الازمات. سنخسر كثيرا الى عادت حليمة الى عادتها القديمة بعد زوال الازمة المركبة.

ولان المرض مشخّص، والوصفة الطبية جاهزة، فالمفروض ان نبدأ باخذ العلاج فور خروجنا من دائرة الازمات الخانقة.

فاما المرض المشخّص فهو التخلف بكل اعراضه وتمظهراته الخارجية وفي مقدمتها الفساد المالي والاداري، ثم مختلف اشكال التخلف السياسي والاقتصادي والاجتماعي وغير ذلك مما كتبت عنه الكثير.

ووصفة العلاج معروفة ايضا وهي الدولة الحضارية الحديثة التي تتكفل اصلاح الخلل الجذري في المركب الحضاري والقيم العملية المتعلقة بعناصره الخمسة.

لابد ان تجتمع كلمة العراقيين على ضرورة التغيير الحضاري بعد انجلاء الازمة. وانما اركز على استخدام كلمة "الحضاري" في وصف التغيير لانني ضد الممارسات غير الحضارية، بل المتخلفة، التي يقوم بها البعض باسم مكافحة الفساد وما شابه. لا يمكن بناء عالم حضاري جديد باساليب متخلفة، وما اكثرها.

التغيير الحضاري عملية واسعة وطويلة وتشمل الافراد والجماعات والمجتمع والدولة بمؤسساتها المختلفة. وعلى كل طرف ان يقوم بحصته من العمل بقدر ما يستطيع على قاعدة "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ".

وهذا يتطلب الكثير من الامور التي يقع قسم اساسي منها على عاتق الحكومة بوصفها الفاعل الاكبر في المجتمع.

وبما اننا نمر بمرحلة طارئة، تتطلب بعض الاجراءات العاجلة ذات المردود المباشر، فيجب التفكير بمشروعات عمل سريعة تحسن من مستوى الخدمات، وتوفر فرص عمل لملايين الشباب العاطلين عن العمل.

ومن هذه المشروعات السريعة، المباشرة ببناء وتجهيز سلسلة طويلة من المدارس في مختلف مناطق العراق، والمهملة منها بشكل خاص، وتأهيل المستشفيات الموجودة وبناء سلسلة من المستوصفات، وبناء مجمعات سكنية على غرار مجمع بسمايا في محافظات العراق المحتاجة لذلك، وتوفير قطع زراعية للشباب وغير ذلك. وهذه افكار انتاجية وتوفر فرص عمل وذات مردود سريع. سوف تعترض هذه الافكار عقبات مالية وادارية. وفي العراق عدد كبير من الاشخاص ذوي العقول المبدعة القادرين على ابتكار حلول لمثل هذه العقبات. ويجب على الحكومة ان تنفتح عليهم وتستفيد من افكارهم في هذا الخصوص. ربما تنفع القروض الداخلية او الخارجية، او سحب مبلغ قليل من الاحتياطي النقدي، او بيع قليل من احتياطي الذهب، او غير ذلك. لست اقتصاديا، لكننا لا نشكو العوز في الاقتصاديين ورجال الاعمال الحريصين على حل مشكلات بلدهم، وعلى الصعيد السياسي لا ينبغي التردد في اجراء الانتخابات المبكرة في مدة لا تتجاوز العام.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق