اسعار النفط ستستعيدُ توازنها سريعا، ولكن بمعدلاتٍ أقلّ من أسعارها ما قبل كورونا وسيبقى السياسيون يأكلون من خام برنت، إلى أنْ يقضي اللهُ أمراً كان مفعولا، ويجدونَ لنا رئيس مجلس وزراء جديد، يأكُل ويوصوص معهم، سواء أكانَ سعر النفط 100 دولار، أو 10 دولار للبرميل...
قيلَ الكثير، وكُتِبَ الكثير عن النفط، واقتصادنا "النفطي"، وعن نفط "نظامنا" الأسود، الذي "سوّدَ" وجوهنا جميعاً، كَتَبْنا مُحذّرينَ، ومُنذِرينَ، ومُتوَعّدينَ، ومُهدّدينَ أولئكَ القَيّمينَ على "نظامنا" الإقتصادي، بالويلِ والثبور، إنْ لم يضعوا حدّاً لمحنتنا "النفطيّة"، ولم يأتِ ذلكَ بأيّ نتيجة، فهذا "النظام"، كما يبدو، لا يخافُ من أمثالنا، ولا يحتاجُ اليهم، ويترفّعُ عنهم، ويعتقِدُ أنّهُ في منزلةٍ أعلى وأسمى منهم جميعاً.
هذا "النظام" لايخافُ من دَم أبناءهِ النازفِ منذ ستّة أشهر، ولا يخافُ على مصادرِ الرزقِ الشحيحةِ لفقراءه، ولا يخافُ حتّى من "الثورة" التي وصلتْ إلى عتباتِ بيتهِ "الأخضرَ"، الذي تتلطّخُ جدرانهُ الآن، ببركات ولَعنات الريعِ النفطيّ.
ولأنّ "النظام" لا يخافُ من ضياعِ غنائم سُلطتهِ المُطلقة على رقابنا النحيلة، فيجبُ علينا نحنُ أيضاً أن لا نخاف من هذا "الإنهيار" الآني، لأسعار النفط العالمية، ذلكَ أنّ ليس من مصلحة روسيا-بوتين (وهي من أكبر مُنتجي ومُصدّري النفط في العالم)، أن ينخَفِضَ سعرُ النفط أكثر فأكثر، وإلاّ فإنّ السيّد فلاديمير بوتين سيجدُ نفسهُ خارجَ" ساحة" الكرملين.
وليسَ من مصلحة أمريكا –ترامب (وهي من أكبر مُنتجي النفط الصخري في العالم، ومن أكبر المستهلكين للنفط في العالم)، أن ينخَفِضَ سعرُ النفط أكثر فأكثر، وإلاّ فإنّ السيّد دونالد ترامب سيجد نفسهُ (في نهاية هذا العام) خارجَ "ساحة" البيت الأبيض.
وليس من مصلحة المملكة السعوديّة (وهي من أكبر مُنتجي ومُصدّري النفط في العالم، والحليف الإستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية)، أن ينخَفِضَ سعرُ النفط أكثر فأكثر، وإلاّ فإنّ السيّد سلمان، والسيّد محمّد بن سلمان، سيجدان نفسيهما خارجَ "الساحة" قبل صلاة الجمعة القادمة، في الحَرَم المكّي الشريف.
وليس من مصلحة أسواق المال العالميّة، من طوكيو إلى نيويورك، أن ينخَفِضَ سعرُ النفط أكثر فأكثر، وإلاّ فإنّ هذه الأسواق ستنهار، وستتكبّدُ الشركات الكبرى خسائر هائلة، وستُعلِنُ الكثير من البنوك الكبرى إفلاسها على الفور.
وحتّى الصين (وهي من أكبر مُستهلكي ومُستورِدي النفط في العالم، بما في ذلك نفطنا العراقيّ "الثخين")، والتي يُفتَرَضُ أنّ من مصلحتها أن ينخَفِضَ سعرُ النفط أكثر فأكثر (عسى أن يُعوّضها ذلك عن خسائر محنتها من فايروس كورونا، ومن تداعيات الحرب التجارية مع أمريكا-ترامب على صادراتها ووارداتها الرئيسة). حتّى هذه الصين ستُدركُ سريعاً أنّ السيّد ترامب لن يسمح لها بإستغلالِ هذه الفرصة، وسيقرُصُ "إذن" السيّد بوتين، وسيُنَسّق مع السعودية، من أجل التوصُّل إلى تحديد أسعارِ نفطٍ "مُعتَدِلة" ومُرضية للجميع، ولاتُلحِق الضرر بالمصالح الأمريكيّة، وبعكسه فإنّ السيّد شي جين بنغ، سيجد نفسهُ خارجَ "ساحة" تيان آن مين.
أمّا "جماعتنا"، فَإنّهُم سيشربونَ "الصافي" ممّا "يخبطهُ" الآخرون بهذا الصدد .. فهُم في نهايةِ المطافِ لا يَهِشّونَ ولا يَنِشّونَ، رغمَ أنّ "نوقهم" و "جِمالِهم" كُلّها، سارحةٌ مارِحة، في أسواق النفطِ العالميّة.
لهذا كُلّه، فإنّ اسعار النفط ستستعيدُ توازنها سريعا، ولكن بمعدلاتٍ أقلّ من أسعارها ماقبل كورونا .. وسيبقى "جماعتنا" يأكلون و "يُوصوصون" من بركات "مولانا" خام برنت .. إلى أنْ يقضي اللهُ أمراً كان مفعولا، ويجدونَ لنا رئيس مجلس وزراء جديد، يأكُل و"يوصوص" معهم، سواء أكانَ سعر النفط 100 دولار، أو 10 دولار للبرميل.
وبهذه المناسبة "السعيدة"، وفي الوقتِ الذي أزُفٌّ اليكم فيه هذه "البُشرى"، فإنّني أودُّ تذكيركم بأنّ السيّد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي (وكانَ حاضِراً إجباريّاً في حينه)، لم يقطَع رواتبنا عندما اصبحَ سعر النفط في حدود عشرين دولار للبرميل في نهاية عام 2014، وكُنّا يومها في أقسى أيّام محنتنا مع "داعش". وبإنّنا بناءً على ذلك، لن نسمحَ للسيّد عادل عبد المهدي(الغائب طَوْعيّاً)، ولا لأيّ شخصٍ يحِلُّ محله (سواءِ اكانَ حاضراَ "إجباريّاً" أو غائباً "طوعيّا")، أنْ يقتَطِعَ فِلساً واحداً من رواتبنا، لحين زوال هذه الغُمّة عن هذهِ الأُمّة.
اضف تعليق