فلا عجب ان نشاهد عمليات التسوية والاتفاقات تحدث في المنافذ الحدودية، بصورة أقرب ما تكون لما يحدث في أفلام المافيات، وهنا يكون الضحية الأول من جميع ما يحدث هو الفرد المسكين الذي ليس لديه القدرة على تغيير الأوضاع، في حال اطلع على ما يحدث خلف الكواليس...
وضعت والدتي الإفطار في يوم الجمعة والسعادة بانت على محياها، فهي مشتاقة لذلك المنظر الذي لم يتكرر سوى مرة في الأسبوع، نظرا لانشغال الجميع بالأعمال الوظيفية وغيرها من الالتزامات، نظرت لعلبة الأجبان الموضوعة امامي، شيء ما اثار فضولي وقررت ان اقرأ صلاحية الإنتاج ومدى نفاذها فوجدت ان المنتوج قد انتهت صلاحيته منذ أكثر من شهر ولم يسحب من الأسواق بصورة عامة.
غالبا ما تنتشر في المناطق الشعبية ومنها التي اسكن فيها المحال التجارية بصورة بسيطة، اذ تُدار تلك المحال من أشخاص بسطاء في المعلومة احيانا، وقد تكون النساء الكبار هي من تتولى شؤون الأسواق في احيانا اخرى.
لو لم يتبادر الى الذهن قراءة تاريخ الانتهاء لاكملت الإفطار واتحمل النتائج بأي شكل من الأشكال، والتي أهمها ما يتعلق بالجانب الصحي، الذي يعتبر رأس مال اي فرد من الأفراد، وهنا نقف لنطرح هذا التساؤل، من يتحمل الفساد بالأغذية والمنتجات المستوردة؟، هل هي الجهات الصحية في البلاد؟.
صحة الإنسان لابد ان تعطى أهمية أكبر من قبل المتصدين لهذا الملف الذي يهم جميع المواطنين دون استثناء، فهل هنالك بيت لم يتسوق يوميا سلعة او أكثر؟، بالتأكيد الإجابة لا، وهنا توجب تشديد الإجراءات الموضوعة على دخول السلع عبر المنافذ الحدودية البرية والبحرية.
ان تشديد الرقابة من شأنه ان يجنب الملايين الإصابة بمختلف الأمراض التي تصيب الإنسان وقد يكون الحيوان أيضا، وهو ما قد يفتك بالطاقات البشرية، ومع التطور الحاصل في المجال التكنولوجي أصبح من السهولة إحكام السيطرة على المنافذ الحدودية بشقيها.
فالبضائع التي تم ذكرها في المقدمة تنقسم الى قسمين، الأول هو ما تم ادخاله بصورة قانونية وسليمة طبق مقاييس السيطرة النوعية المتبعة في البلاد، لكن ما جعل منها سلع غير صالحة للاستخدام هو تأخرها في المخازن او بالميناء، وكذلك في مخازن تجار التجزئة.
أما القسم الآخر فهو تلك السلع التي تم ادخالها بصورة غير شرعية، كأن تكون بفعل تأثير المال والسلاح، بالنسبة للأشخاص المتنفذين بالسلطة والذين يملكون القدرة على التلاعب بالأوضاع بمجرد الاتصال هاتفيا، ذلك بسبب سلطة المال والسلطة التي أصبحوا يتمتعون بها.
فلا عجب ان نشاهد عمليات التسوية والاتفاقات تحدث في المنافذ الحدودية، بصورة أقرب ما تكون لما يحدث في أفلام المافيات، وهنا يكون الضحية الأول من جميع ما يحدث هو الفرد المسكين الذي ليس لديه القدرة على تغيير الأوضاع، في حال اطلع على ما يحدث خلف الكواليس، لكنه الآن لم يعلم شيئا عن الواقع المؤلم.
ولم يكن المواطن وحده الضحية في هذه المعادلة الصعبة، لكن هنالك من تم إلحاقه وهو الموظف الحكومي النزيه، الذي يحمل الهم الوطني ويسعى بشتى الطرق، لكنه يصطدم بجدار المحسوبية وقد يكون التصفية في ذات الآن.
بينما نجد بعض بائعي الضمير لا يهمهم سوى مصلحتهم الشخصية، فنراهم غير مكترثين لما قد يحصل للأفراد جراء هذه المعاملات، طالما حصل على حصته المتفق عليها دون معاناة تذكر، لو تكلمنا بصورة عامة عن دخول السلع والبضائع ذات الجودة المتردية، بالتالي فانها ستؤثر على النمو الاقتصادي في البلاد، كون تلك المستوردات قليلة الكفاءة بصورة عامة، ما يجبرنا على استبدالها بين الحين والآخر، وبذلك أصبحت هنالك زيادة في الإنفاق القومي وهو ما يضعف المكانة الاقتصادية.
وللتخلص من هذا الخطر الذي يهاجم البيوت العراقية لابد من قيام الجهات الرقابية بتشديد منظومتها الرقابية، وتفعيل عمل اجهزة الرقابة بمختلف اشكالها، ذلك لضمان تدفق البضائع والسلع المختلفة، بما يحقق المصلحة العامة، وتتماشى مع حاجة الأفراد المتزايدة يوما بعد آخر.
ومن بين هذا الأساليب هو معاقبة المستوردين بعقوبات صارمة، قد تكون اتلاف هذه الكميات الكبيرة من السلع ما يعرض مستورديها الى أضرار مالية كبيرة، ومن ثم يتجنبون هذا النوع من الاستيراد، وقد تمتد العقوبة لتشمل سحب اجازة المتاجرة من الخارج لمنع انزلاق البلد الى حافة الهاوية نتيجة جشع وتخبط الطامعين.
اضف تعليق