q
مواقفكم باتت تتناغم مع منظور بعض المسؤولين وقادة احزاب وميليشيات خارجة على القانون، تتعارض مواقفها مع كل اعتبار للأمن الداخلي والسلم الاهلي والحفاظ على ارواح المواطنين مهما كانت عقائدهم او انتمائهم الديني او العرقي. واصبح القتل ولا شيء سوى القتل لدى اصحاب القرار ثمن العدالة...

بعد فقدان امل وقف القتل في المحافظات المنتفضة وتمادي السلطة من بعد استقالة عبد المهدي في قمع المتظاهرين السلميين وانتهاك حقوقهم. ومن ثم تصاعد نمط القمع، ساعات بعد ترشيح رئيس وزراء جديد تحيطه العديد من الملاحظات. استوجب بحكم القرابة مكاشفة السيد وزير الداخلية ياسين الياسري والسيد محافظ مدينة النجف لؤي الياسري رأينا:

لو دامت لغيرك ما وصلت اليك ـ، فخذ من الدهر ما صفا كي لا تفوتك مروءة الوعد فتترتب عليه ملامات تؤدي الى نتائج غير محمودة.

الانسان في الدولة المدنية المتحضرة يا حضرات السادة أثمن رأس مال في المجتمع. والموظف من الدرجة الاولى في مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية مسؤول امام القانون عن حياة وامن المواطن واية انتهاك يعرضه للمساءلة والعقاب. وجاء على لسان الرسول "المؤمن من آمنه الناس على دمائهم واموالهم".

قبل استقالته وعد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي باحترام حرية التعبير وتعهد بتوفير أجواء آمنة للمتظاهرين ومحاسبة الفاسدين وملاحقة القتلة وتقديمهم للعدالة. لكننا لم نلحظ لحد الساعة شيئا من هذا القبيل. على العكس، فعمليات القنص والخطف والقتل بكواتم الصوت لا تزال مستمرة وآفة الغدر على يد قوات الامن والميليشيات اشتدت وبلغ عدد الشهداء المتظاهرين السلميين أبناء هذا الوطن حسب الاحصائيات في جميع محافظات الجنوب والوسط بما فيها بغداد والنجف أكثر من 650 مواطنا بريئا، وأكثر من 26 الف جريح من بينهم اكثر من 8 آلاف معوق.

وفي أكتوبر 2019 واثناء تواجدك يا حضرة الوزير بين المتظاهرين في وسط بغداد أكدت لهم "أن قواتكم الأمنية موجودة لحمايتهم ولن تسمح لأحد بالتعدي عليهم". لكن ما جرى ويجري لحد الان وامام انظار قوات الشرطة ومكافحة الشغب، وربما بتوجيه من مسؤولين في منظومة الحكم، أوقع المزيد من الاعتداءات والقتل، بالاضافة الى حرق خيم المتظاهرين على يد ميليشيات مسلحة وعصابات تابعة لجهات غير معروفة درجت العادة على تسميتها بـ "الطرف الثالث".

وفي 30 نوفمبر 2019 ومن مدينة النجف جاء على لسان محافظها لؤي الياسري: "نؤكد للجميع اننا ماضون في طريق وأد الفتنة وعدم استخدام العنف فقواتكم الامنية متواجدة لحمايتكم ولفرض الامن واستتبابه وهو واجبها، ولن تسعى لإراقة اية قطرة دم عراقية سواء من المحتجين او من القوات الامنية. أخيرا ايها الاحرار المطالبين بالإصلاح.. بكم ننتصر وبكم نتحرر".. لكن الذي حدث غير ذلك، اذ ان التعامل مع المتظاهرين الذين لم يخرجوا ضد القانون، بل ضد الفساد لاجل "وطن" يحميهم وفيه يبنون مستقبلهم ومستقبل أبنائهم والاجيال القادمة، كان شبيها بساحة حرب.

مأخذنا ايها السادة، أن مواقفكم باتت تتناغم مع منظور بعض المسؤولين وقادة احزاب وميليشيات خارجة على القانون، تتعارض مواقفها مع كل اعتبار للأمن الداخلي والسلم الاهلي والحفاظ على ارواح المواطنين مهما كانت عقائدهم او انتمائهم الديني او العرقي. واصبح "القتل ولا شيء سوى القتل" لدى اصحاب القرار ثمن العدالة في العراق. وكنا نأمل ان تحيدوا عن تلك المواقف وبدلا عنها اتخاذ موقف جريء يضاف الى ارث السادة آل ياسر المشرف، يكلل بالاستقالة انصافا للشعب والوطن بدل التسويف والمماطلة للبقاء في السلطة. وعليه فإننا براء من اي سوء يتعرض له الانسان العراقي بسبب التجاوز على حرمة القانون والدستور تحت ذريعة مكافحة الارهاب.

الصدق كلمة، والعدل كلمة، والحق كلمة، لها كلها شأن ومقام ولأجلها قضى الحسين (ع).

وجدير أن نذكر بتحذير الرسول (ص) من غي المنافقين قائلا: "آية المنافق ثلاث، إذا حدَث كذب، وإذا وعَد أخلف، وإذا اؤتمن خان".. وتاريخ السادة آل ياسر من فروع شجرة علوية زيدية النسب ياسرية الحسب، فيما يتعلق بالشأن الوطني وكرامة الانسان والظلم والتخلف والاستبداد، مشهود له في المحافل والكتب. توارثوا المكانة والرهافة والمواقف الصادقة، فأصبحوا موضع تقدير في مرابع العشائر الفراتية والعراق. وهل من لا يعرف مآثر السيد نور السيد عزيز الياسري والسيد علوان السيد نعمة الياسري في الدفاع عن المظلومين والمعذبين في الارياف ودورهما القيادي في ثورة العشرين الوطنية ضد الانكليز لأجل كرامة الانسان العراقي وتحرير بلاده.

أما بخصوص المتظاهرين ومطالبهم، يستوجب عليّ ـ انا الياسري ـ، حفيد هذين القائدين الوطنيين، قول كلمة انصاف وتقدير للأمانة والتاريخ: هم عشاق أرض الرافدين ومن عليها، حضارتها وشعبها، ماضيها وحاضرها. منهم الكاتب والشاعر والفنان ومنهم الطبيب والباحث والمهندس والطالب والعامل والفلاح.

هم على تنوعهم كرماء من هذا الوطن.. هم الباحثون عن الوجوه المشرقة التي كرمتها الشموس بضوئها.. الغائرون في التربة إلى أعمق أعماقها.. الطالعون بأيد بيضاء نقية وكريمة.. لا يقبلون ضيماً أو قهراً ولا يرتضون خنوعاً أو إذلالاً أو احتلال.

المنتفضون عراقيون حتى النفس الأخير، هدفهم سيادة العراق واستقلاله، سيادة الأمن فيه وسعادة أهله.. هدفهم إعلاء شأنه وإظهار حضارته بأبهى صورة. هم التربة بكل خصوبتها وهم القوميات والطوائف، الأديان والمذاهب. هم الحالمون بعراق خال من الموت، من الجوع والمرض والقهر.. إنهم من العراق فمن وجد في نفسه كفاية فليشارك لأجل بسط العدل وصناعة المستقبل.. إنهم يحلمون، أفلا يحق لهم ذلك، بدل ان تصد صدورهم رصاصة الغدر؟!

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق