أصبح الانتخاب الفردي حقيقة ملموسة بعد اقرار قانون انتخابات مجاس النواب، فيما دعت المرجعية الدينية العليا الى امرين في ان معا وهما: الانتخابات المبكرة، وتنظيم صفوف النخب الفكرية والكفاءات الوطنية لخوض الانتخابات المبكرة، واقرار القانون بصورته الحالية يعني ان الطبقة السياسية اضطرت الى التنازل...

أصبح الانتخاب الفردي حقيقة ملموسة بعد اقرار قانون انتخابات مجاس النواب يوم الثلاثاء، فيما دعت المرجعية الدينية العليا الى امرين في ان معا وهما: الانتخابات المبكرة، وتنظيم صفوف النخب الفكرية والكفاءات الوطنية لخوض الانتخابات المبكرة، واقرار القانون بصورته الحالية يعني ان الطبقة السياسية اضطرت الى التنازل عن اهم ادواتها في الامساك بالسلطة والحفاظ على الاقطاعيات السياسية واعني به الانتخاب بالقائمة، ويعود الفضل في اجبار النواب على اقرار هذا القانون الى التظاهرات الاحتجاجية ودماء الشهداء والدعم المستمر للمرجعية الدينية.

والانتخاب الفردي المبكر يقضي في صورته النموذجية التي دعوتُ اليه منذ عام ٢٠١٠ ما يلي: (١) ان يخوض المرشحون، سواء كانوا حزبيين ام مستقلين، الانتخابات بصورة فردية وليس بشكل قائمة، و (٢) وان يصوت الناخبون على مرشحين افراد، و (٣) ان يعتبر المرشح فائزا اذا حصل على ما لا يقل عن ٥٠٪ من اصوات المصوتين (وليس من عدد السكان او من يحق لهم التصويت)، و (٤) وان يعتمد مبدأ الدوائر الانتخابية المتعددة على اساس الكثافة السكانية، وليس على اساس القضاء، وبعدد مساوٍ لعدد النواب، (لايمكن اجراء الانتخاب الفردي اذا اعتبر العراق كله دائرة واحدة).

والانتخاب الفردي بهذه الشروط والمواصفات هو القانون العادل والمنصف والاداة السلمية والدستورية للتغيير والاصلاح والاستبدال والطريق الى الدولة الحضارية الحديثة.

لكن القانون الجديد لا يفي بكل هذه المتطلبات وخاصة الثالث والرابع، ولهذا قلتُ انه "اقل من الطموح وافضل من الموجود"، اي افضل من القانون رقم ٤٥ لسنة ٢٠١٣. لكنه ليس القانون الذي كنا نطمح اليه وما زلنا نسعى الى تحقيقه.

تبقى الكلمة الان للجمهور، وامامنا خياران:

الخيار الاول: القبول المؤقت بالقانون لاجراء الانتخابات المبكرة على اساسه، ثم دعوة مجلس النواب الجديد الى تعديل القانون لاعتماد الكثافة السكانية في رسم الدوائر الانتخابية لتاتي مطابقة لعدد اعضاء مجلس النواب.

الخيار الثاني: مواصلة الضغط لتعديل القانون قبل نشره في الجريدة الرسمية، والطلب من رئيس الجمهورية عدم المصادقة على القانون، حسب صلاحياته الدستورية، واعادته الى مجلس النواب لتعديله، والامر متروك للجمهور.

ويتصور البعض ان قانون الانتخاب الفردي يقصي او يمنع الاحزاب من المشاركة في الانتخابات، وهذا تصور خاطيء، حيث يمكن للجميع، احزابا ومستقلين، المشاركة في المنافسة الانتخابية، حسب الشروط القانونية، وبالترشيح الفردي.

لكن مما ينبغي الالتفات اليه، هو ان الافراد لا يمكن ان يحققوا الفوز الساحق المؤدي لاحقا الى تشكيل الكتلة البرلمانية صاحبة الاغلبية المطاقة في مجلس النواب مالم يوحد هؤلاء الافراد جهودهم في تنظيم او تشكيل انتخابي شامل واحد يضع خطة انتخابية موحدة يتم من خلالها توحيد المرشحين، وتوجيه الناخبين للتصويت لهم. وهذا يقضي بان يكون لهذا التنظيم الانتخابي الكبير مرشح واحد في كل دائرة بحيث يعطي الجميع اصواتهم له. وبناء على هذا، يتعين على الراغبين تجنب تشكيل احزاب وتنظيمات كثيرة قبل الانتخابات، كما كان يحصل في الانتخابات الماضية حيث تجاوز عدد الاحزاب المسجلة اكثر من ٢٠٠ حزب الامر الذي ادى الى ضياع حوالي مليوني صوت، وعدم فوز هذه التنظيمات.

ان قانون الانتخاب الفردي يفقد قيمته الاصلاحية اذا لم يتم خوض الانتخابات بتنظيم انتخابي واحد يشمل الجميع في مقابل الاحزاب الحاكمة، يبقى ان نقول ان الخطوة التالية بعد نشر القانون هي التحرك للدعوة الى تطبيق المادة ٦٤ التي تقضي بحل مجلس النواب، واعتبار الحكومة حكومة تصريف اعمال، والدعوة الى اجراء الانتخابات المبكرة حسب طلب المرجعية.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق