آراء وافكار - مقالات الكتاب

من هو الفاسد اذن؟

تعرفون جيدا انكم اصبحتم رمزا لقهر إرادة الشعب، والإغناء غير المشروع عبر الدرجات الوظيفية، واللا حقوق الخاصة، وان كل ذلك يجري بطرق يشرعها القانون، اي انها \"حيل قانونية\"، وتعرفون جيدا، انكم تجار، لا زعماء أو قادة، وبسبب ذلك فان الشعب يبغضكم، ولم تعد تنفع معه اية بيانات...

خرج رئيس الجهورية برهم صالح – على سبيل المثال لا القصد فيه او نحوه- على الجمهور بابتسامة عريضة، تكشف عن انفصام مع الواقع، وهو يعلّق قميص التظاهرات الأبيض في زاوية من مكتبه، في رمزية دعمه للاحتجاج. وإذا كان القياس برهم، فان القول، ان لا فاسدا على الاطلاق، في العراق، ولا مسؤولا اثرى من منصبه، يصح تماما، لان الجميع اليوم يقول انه نزيه، راكبا الموجة لكي يضمن المستقبل السياسي!.

وعلى هذه السحنة يتصرّف المسؤولون والأحزاب، والنواب في العراق، ما يجعلك ليس منذهلا من ان واحدا لم يجرأ على تقديم الاستقالة من المنصب، وسبب ذلك ان المنصب بامتيازاته ورواتبه وحماياته، شُرّع بقانون فاسد، وأصل الفساد هو هذا القانون.

نقول الى رئيس جمهورية وامتيازاته الهائلة، وفوجه الرئاسي الذي يكلّف الميزانية، الأموال الطائلة، والى رئيس مجلس نواب، وطرقه في الاثراء، عبر الامتيازات والصفقات.

الى نواب.. الى وزراء.. الى امثالهم من المسؤولين الذي يعرفون "ظلمهم" للشعب العراقي، ويدفنون رؤوسهم في أكياس الأموال المسروقة، ويركبون "الموجة".

تعرفون جيدا انكم اصبحتم رمزا لقهر إرادة الشعب، والإغناء غير المشروع عبر الدرجات الوظيفية، و"اللا حقوق الخاصة"، وان كل ذلك يجري بطرق يشرعها القانون، اي انها "حيل قانونية"، وتعرفون جيدا، انكم تجار، لا زعماء أو قادة، وبسبب ذلك فان الشعب يبغضكم، ولم تعد تنفع معه اية بيانات طلاء، وتصريحات دعم استهلاكية للمتظاهرين ودعوات الى الإصلاح.

رئيس يخرج الى المتظاهرين قائلا لهم انه يوافق على اجراء انتخابات مبكرة، لكنه يتحرك في الخفاء للإبقاء على امتيازاته، ومغانمه، وابتكار أساليب تخدير المتظاهرين بالوعود، رئيس برلمان ينزع "سترته" بين المتظاهرين، في ساحة النسور، وليس في ميدان التظاهر الحقيقي، وتحيط به الحمايات التي تكلّف الدولة أموالا طائلة ويقول للمتظاهرين انا معكم، في وقت كشفت فيه وثائق ان افراد عشيرته استحوذت على التعيينات الجديدة في الحشد العشائري وغيره.

وزراء صعدوا المنصب على سلم المحاصصة النخرة، متورطون بملفات الفساد، يصدرون بيانات التأييد للتظاهرات.. نواب، من أصحاب الكومشنات والعمولات، المفضوحة والتي لا تحتاج الى برهان، يعلنون الاحتجاج مع المتظاهرين.

طائفيون عرفوا بشحنهم المذهبي ودعواتهم الى التقسيم، يقفون مع المتظاهرين، تجار سياسيون دعموا الإرهاب، ماديا ومعنويا، ولايزالون يتلقون الأوامر من الدول الإقليمية، ينضمون الى المحتجين، حمايات النواب، تقدم الدعم للمتظاهرين.

أبواق تقيم في دول الجوار، وتتلقى التعليمات منها، تسخّر كل الجهود مع المتظاهرين.. مستشارو وزراء ومسؤولين، يتحننون مع الفقراء، ويتزلفون الى الشباب الثائر، سياسيون يتاجرون بالعقارات المحجوزة للنظام السابق، وللمشمولين بالمسائلة والعدالة، تسجل باسماءهم واسماء احفادهم، ويتظاهرون ضد الفاسدين.

منظمات "مريبة" الأهداف والهويات، لا تعرف بالضبط مصادر تمويلها، تخترق التظاهرات، وتفرض اجندتها على الشعارات والبيانات، فضائيات تعيش على ابتزاز المسؤولين، والوزارات، وأخرى تأسست من المال المسروق، تتبنى هتافات المتظاهرين وتنتقي منها ما يتناسق مع اهداف الممولين.

مقدمو برامج يتحمسون لتظاهرات الإصلاح، وهو يعرفون جيدا ان الفضائية التي يعملون فيها، هي نتاج مشروع فساد وسرقة من أموال العراقيين، ولذلك لن تجد فضائية واحدة، تعلن الإفلاس، كحال فضائيات أوربا والعالم، والسبب هو "حنفية" المال المسروق، التي لا تنضب، ودولارات ابتزاز الوزارات.

موظفون من أصحاب الرواتب المليونية، يرفعون الأعلام، وينددون بغياب العدالة الاجتماعية، تدوينات وتغريدات الصفوة السياسية والنيابية المتفسخة، كلها تؤيد التظاهر، وتدعم استمراره، لقهر الفاسدين، مستشارون امنيون، وزعماء نقابات متعددة الألوان والهويات، من المصنّفين في خانات المستفيدين، وعليهم شبهات استغلال المنصب الحكومي ، يلتقطون الصور مع المتظاهرين.

دول تستثمر في التظاهرات، وهي التي دعمت أحزابا وشخصيات فاسد، مهربو النفط، وسارقو أموال النازحين، والمسؤولون على الأراضي والعقارات، وعاقدو الصفقات الفاسدة، وتجار المفخخات، والقناصون، ومزور المستندات، وسارقو الرواتب، يصدرون بيانات الإصلاح.

فمن هو الفاسد اذن؟، سؤال يبدو ساذجا لمن لم يدرك الحقيقة.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق