ان انحراف النظام الجديد عن مساره الديمقراطي منذ تشكيل مجلس الحكم في تموز من عام ٢٠٠٣ اضاع فرصة اقامة نظام ديمقراطي كفوء في العراق. فقد تحولت المحاصصة الحزبية والتوافقية والمكوناتية الى مرتع خصب للفساد المالي والاداري والسياسي، الامر الذي أنتج بدوره حكومات غير قادرة على القيام بوظائفها...
انتهيت في المقال السابق الى القول بان انحراف النظام الجديد عن مساره الديمقراطي منذ تشكيل مجلس الحكم في تموز من عام ٢٠٠٣ اضاع فرصة اقامة نظام ديمقراطي كفوء في العراق. فقد تحولت المحاصصة الحزبية والتوافقية والمكوناتية الى مرتع خصب للفساد المالي والاداري والسياسي، الامر الذي أنتج بدوره حكومات غير قادرة على القيام بوظائفها، فتعثر الاعمار والخدمات وفرص العمل، فارتفعت البطالة وتردت الخدمات وفشل النظام التربوي في تنشئة جيل حضاري جديد يكون القاعدة الاجتماعية لحياة سياسية سليمة.
وكنت بينت في مقال سابق انه يوجد طريقان للخروج من الازمة التي يمر لها بلدنا حاليا هما: الطريق الدستوري، والطريق الثوري.
يلتزم الطريق الدستوري بمواد الدستور والاليات الديمقراطية التي شرعنها، اما الطريق الثوري فهو يتجاوز الدستور والاليات الديمقراطية ويستولي على السلطة بالثورة الشعبية او الانقلاب العسكري.
ومن الواضح ان الطريق الدستوري اقل كلفة واسهل من الطريق الثوري لتحقيق التغيير، فضلا عن انه يؤسس لخاصية "المراكمة" في المجتمع العراقي، والتي تعني انطلاق كل خطوة جديدة من نقطة ايجابية موجودة فعلا وعدم البدء من جديد في كل عملية تغيير كما كان في السنوات السابقة منذ عام ١٩٥٨ الى عام ٢٠٠٣.
يستهدف المقترح الذي اقدمه هنا حل الارمة بطريق دستوري، اي بالاستناد الى ما يتيحه الدستور من اليات للتغيير والاصلاح.
واهم ما يوفره الدستور في هذا المجال هو المادة (64) التي تقول:
اولاً :ـ يُحل مجلس النواب، بالأغلبية المطلقة لعدد اعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث اعضائه، او طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في اثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء.
ثانياً :ـ يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، الى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ اقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الامور اليومية.
وبموجب هذه المادة يتم ما يلي:
١. يقوم الشعب بالضغط على النواب لعقد جلسة يتم فيها اقرار الانتخاب الفردي ثم حل مجلس النواب. وفي هذه النقطة يفترض ان الكتل التي اعلنت نفسها معارضة (سائرون، الحكمة، النصر) وبقية الكتل التي اعلنت تاييدها للتظاهرات ان تؤيد بالفعل والقول هذه الخطوة.
٢. تتحول الحكومة الى حكومة تصريف اعمال.
٣. يدعو رئيس الجمهورية الى انتخابات جديدة خلال ٦٠ يوما. ويجب ان يتم ذلك عن طريق #الانتخاب_الفردي وباشراف دولي محكم. وهناك مطالبات بشأن مفوضية الانتخابات يتعين النظر جديا فيها.
٤. بعد انتخاب مجلس النواب يتم تشكيل الحكومة الجديدة على اسس مهنية، وليس على اساس المحاصصة الحزبية والطائفية والعرقية.
٥. وبعد ذلك، يقوم مجلس النواب والحكومة، كل في مجال اختصاصه وصلاحياته، بتنفيذ برنامج اصلاحي ذي ثلاث مجموعات من النقاط:
المجموعة الاولى: يتم تنفيذها خلال سنة من تشكيل الحكومة.
المجموعة الثانية: يتم تنفيذها خلال ٤ سنوات من تاريخ تشكيل الحكومة.
المجموعة الثالثة: يتم تنفيذها خلال ١٢ سنة من تاريخ تشكيل الحكومة، يعني خلال ٣ دورات برلمانية لماذا؟ لانها مرتبطة بدورة دراسية كاملة في المدارس.ولهذا تفصيل ليس الان وقته.
ولم اكتب تفاصيل هذه النقاط لانها متروكة للحكومة والبرلمان، فضلا عن ان الكثير من الكتاب اضافة الى المتظاهرين قدموا العديد من الافكار والمطاليب التي يمكن جدولتها على اساس المجموعات الثلاث السابقة.
لكني اشير هنا الى مطلب التحول الى النظام الرئاسي، حيث يتعين اجراء استفتاء عام على هذه النقطة بعد تشكيل الحكومة ليتم الاخذ بها عند تعديل الدستور في حال فازت في الاستفتاء.
اضف تعليق