q
اصلاح المسار السياسي كان مطلوبا منذ لحظة تشكيل مجلس الحكم من قبل رئيس سلطة الاحتلال بول بريمر في ١٣ تموز ٢٠٠٣، فقد كان مجلس الحكم اول هيئة ادارية سياسية تشكل بعد سقوط النظام الدكتاتوري، وكان من المفروض ان تكون التشكيلة الجديدة خطوة باتجاه الديمقراطية، البديل الموضوعي للدكتاتورية...

اصلاح المسار السياسي كان مطلوبا منذ لحظة تشكيل مجلس الحكم من قبل رئيس سلطة الاحتلال بول بريمر في ١٣ تموز ٢٠٠٣، فقد كان مجلس الحكم اول هيئة ادارية سياسية تشكل بعد سقوط النظام الدكتاتوري، وكان من المفروض ان تكون التشكيلة الجديدة خطوة باتجاه الديمقراطية، البديل الموضوعي للدكتاتورية.

لكنها بدل ذلك كانت خطوة اولى في طريق الانحراف عن الديمقراطية. فقد تم تشكيل المجلس على اساس المحاصصة المكوناتية (شيعة وسنة وعرب وكرد الخ). وفي حينها كتبت الكثير من المقالات منتقدا بشده هذا التوجه الذي كان اعلى من صوتي.

تعالت في السنوات الاخيرة الاصوات المطالبة بالإصلاح. احدهم اخذ قرارات اجرائية مثل الغاء منصب نواب رئيس الجمهورية، تحت عنوان الحزمة الاصلاحية التي اتضح لاحقا انها غير دستورية. والبعض الاخر دعا الى حكومة التكنوقراط. واليوم هناك مطالبات بالتحول الى النظام الرئاسي، او الغاء مجالس المحافظات، وغير ذلك. في هذا الموج المتلاطم من الدعوات، احببت ان اوضح بعض النقاط المهمة، كما يلي:

١. ابتداءً، الفت نظر الاصدقاء الاعزاء الى ان النظام السياسي الحالي في العراق ليس نظاما برلمانيا بالكامل، انما هو اقرب الى النظام المجلسي. والادق انه نظام تلفيقي هجين.

٢. كما ان التحول الى النظام الرئاسي لا يعني الغاء البرلمان، انما يعني ان رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التنفيذية (الحكومة) وهي مسؤولة امامه فقط، وليس امام البرلمان.

٣. كما ان التحول الى النظام الرئاسي لا يعني الغاء الاحزاب، التي سوف تبقى تتنافس في انتخابات البرلمان، وانتخابات رئيس الجمهورية.

٤. وللتحول من النظام التلفيقي الهجين الى اي نطام سياسي اخر مهما كان سيكون اما باتجاه توسيع الديمقراطية، او تقليلها.. المفروض ان يحصل الاول.

٥. للمقارنة، فان النظام في بريطانيا: برلماني، وفي الولايات المتحدة: رئاسي. اما في فرنسا: فهو شبه رئاسي، وفي .سويسرا: مجلسي

٦. من الضروري ان نتذكر ان المجتمعات تتطور عن طريق تراكم الخبرات السياسية، وليس عن طريق البدء من جديد في كل مرة. ومن هنا افضل ان تكون الخطوات الاصلاحية مستندة الى الدستور، بما فيها الدعوة الى تعديل الدستور نفسه.

٧. ويستطيع المنادون بالاصلاح تشكيل حزب حضاري حديث يستحوذ على القسم الاعظم من اصوات الناخبين ليكون هو الحزب الحاكم، وغيره في المعارضة. ولهذا يتعين عليهم عدم هدر طاقتهم.

٨. ان التحول من نظام سياسي الى نظام سياسي جديد لا يُفرض على الناس بقرار فوقي، وانما لابد له من استفتاء شعبي عام يتضمن على الاقل ٣ اختيارات.

٩. ان التغيير او الاصلاح اما ان يكون دستوريا او ثوريا. التغيير الدستوري يتم وفق وفي اطار الدستور، وافضل مادة دستورية تصلح للاستناد اليها في التغيير هي المادة ٦٤ التي تقضي بان يحل مجلس النواب نفسه، وتتحول الحكومة الى حكومة تصريف اعمال، وتجرى الانتخابات خلال ٦٠ يوما. هنا نؤكد ضرورة اجراء الانتخابات بطريقة الترشيح الفردي والتصويت الفردي والدوائر المتعددة (عددها نفس عدد النواب).

١٠. يرفع الحراك الجماهيري عدة مطاليب. ليس من المعقول ان تكون الجهة التي توجه اليها المطاليب هي نفس الطبقة الحاكمة الان، انما يجب ان تتوجه الى السلطات الجديدة الذي سوف تتولى الادارة بعد تنفيذ المادة ٦٤ حسب الفقرة ٩ اعلاه.

١١. يجب التاكيد دائما ان الدعوة الى التغيير والاصلاح لا تنطلق من دوافع الحسد والانتقام والكراهية؛ وانما من دوافع العدل والخير والمصلحة العامة وسيادة القانون. لا يصح ان يعيد المظلوم اعادة انتاج الظلم بطبعة جديدة.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق