حين دعاني المجمّع الثقافي الجعفري للحديث عن الإصلاح العاشورائي في خدمة الإنسان وجدتها فرصة مناسبة للحديث عن التضحية والشجاعة في مواجهة الظلم، لحدث تاريخي رمزي كبير ظل العالم يستذكره باستلهام وأمل، وكان فاصلاً تاريخياً مهماً ظلّ استحضاره يتصاعد عاماً بعد عام حتى أصبح حدثاً كونياً...
حين دعاني المجمّع الثقافي الجعفري للحديث عن الإصلاح العاشورائي في خدمة الإنسان وجدتها فرصة مناسبة للحديث عن التضحية والشجاعة في مواجهة الظلم، لحدث تاريخي رمزي كبير ظل العالم يستذكره باستلهام وأمل، فلم يكن استشهاد الإمام الحسين في العام 61 هجري في معركة الطف الشهيرة في كربلاء حادثاً عابراً، بل كان فاصلاً تاريخياً مهماً ظلّ استحضاره يتصاعد عاماً بعد عام حتى أصبح حدثاً كونياً بكل ما تعني هذه الكلمة من تحقق ومعنى ودلالة. والحق يُقال فقد تردّدت في الاستجابة للمشاركة، خشية من إقحام اسمي خارج نطاق اهتمامه واختصاصه وتوجهه الفكري والثقافي، وكي لا تذهب التفسيرات وربما الظنون إلى أن مثل هذه المساهمة تستهدف التقرّب أو التزلّف للتيار الديني السائد وتفريعاته ذات الأبعاد المذهبية، ولذلك اقترحت على الجهة المنظمة أن أتحدث عن تجارب ملموسة تحت عنوان “اليسار وعاشوراء” وهي جزء من مشهد بانورامي لعاشوراء في النجف في الخمسينات التي عشتها، ودور اليسار والحركة الشيوعية في إحياء مناسبة استشهاد الإمام الحسين ، حيث لم يكن هناك وجود لأحزاب الحركة الإسلامية، كما ظهر لاحقاً، وخصوصاً بعد ثورة 14 تموز (يوليو) العام 1958.
ولكنني وضعت كل ذلك جانباً لأقدّم صورة حيّة من قلب المشهد وهي شهادة تاريخية حيّة لا علاقة لها بما يجري من اصطفافات سياسية، وذلك بحكم نشأتي في بيئة دينية لا أتنصل عنها ولا أتكبر عليها أو أستخف بها، بل كنت ولا أزال أحترمها وأعتز بها كجزء أصيل من تكويني الثقافي والمجتمعي، مثلما ترعرعت في عائلة يسارية وذلك جزء لا يتجزأ من روافدي الروحية، وهو أمر لا أخفيه وكنت قد قلت في وقت سابق أن أهم ينابيع التكوين الأولى كان القرآن الكريم وماركس والأدب بشكل عام والشعر بشكل خاص، حيث كبرنا مع الجواهري. ومع ذلك فقد كان ينمو معي الفكر النقدي للتيار الديني واليساري معاً.
وهو ما انعكس على كتاباتي منذ أكثر من 3 عقود من الزمان، على الرغم من أنني من دعاة تقاربهما مثلما هي دعوتي للتقارب مع التيار العروبي، كجزء من الخبرة والدرس التاريخي، وهو درس لا غنى عنه بتقديري ، لاسيّما الاعتراف بالآخر. وفي مطالعة لي قبل أكثر من عقدين من الزمان عن السيد محمد باقر الصدر (نشرت في صحيفة المنبر التي كان يصدرها السيد حسين الصدر في لندن) جئت على أهمية التفاهم بين التيارين وما سبّبه صراعهما من تأثير سلبي على كل منهما، سواء على الصعيد الفكري أو العملي، والشيء بالشيء يذكر فقد كان الصراع الذي نشب بين التيارين اليساري والعروبي أشد قسوة وعبثية ولا معنى له وقد دفعت جميع الأطراف ثمنه باهظاً.
ومن وحي المناسبة الجليلة ابتدأت حديثي ببعض الخواطر والاستذكارات ، وحاولت أن استفزّ الذاكرة لتخرج من زواياها حتى وإن كانت مبعثرة أو متناثرة، للذهاب إلى عبق تلك الأجواء بطقوسها الاحتفالية المهيبة، وفي محفل استذكاري، حرص المشاركون فيه على مساهمتي، على الرغم من أنني أشرت في بداية حديثي بالقول ” لا يُفتى ومالك في المدينة”، لكن المشهد البانورامي الذي قدمته بحضور متميّز لبناني وعربي، مسلم ومسيحي ودرزي ومن طوائف مختلفة، كان مؤثراً كما فهمت ولاحظت.
وحينما نتحدّث عن المأساة الإنسانية للإمام الحسين الذي خرج في مواجهة الظلم خصوصاً قوله الأثير “إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي” فإنما نقصد استعادة (الحدث) بالتحقق : كيف وأين؟ واستحضار التاريخ (بامتلاء السردية بمعناها الإنساني)، فإنما لتأكيد حضور المعنى (لماذا نحن نحتفل وما هي رمزية مثل هذا الحدث ؟) وذلك للوقوف عند الدلالة.
فما هي العبر والدروس من ذكرى استشهاد الإمام الحسين.؟ ولعلّ ذلك ما كان يقصده اليسار حين يواجه الظلم ويتصدى للظالمين، أي أنه يستغل إيجابياً هذا الحدث كجزء من فضاء شعبي للتحريض والتعبئة خارج دائرة الدين أو التديّن وخارج التفريع الطائفي أو المذهبي، فذلك لم يكن يعنيه لا من قريب ولا بعيد، بل كان واضحاً في رفع شعاراته الوطنية وسط حشود شعبية تستلهم مسيرة الإمام الحسين وكفاحه البطولي في مقاومة الظلم وعدم الرضوخ للظالم كجزء من عقيدتها الإيمانية.
والمسألة بقدر ما هي يقينية إيمانية عقائدية لدى البعض، فإنها وجدانية وواقعية ضد الظلم لدى اليسار الذي كان آنذاك يحسن استخدامها بدقة واقتدار كجزء من توجهه التحريضي التنويري، مع أن خيطاً رفيعاً فاصلاً بين اليقين الديني الإيماني وبين التوجه المدني اليساري في توجيه الأنظار صوب الظلم، وكان فيدل كاسترو في حواره مع القس بيتو في العام 1986 قد طرح المشتركات بين الكنيسة والماركسية على أساس الكفاح الدنيوي لتحقيق العدالة والمساواة بين البشر، لكن الأمر لا يخلو من حيرة وهذه الأخيرة تعبير عن سؤال قلق وأداء وخشية من الاستثمار لغير صالح التوجه الإنساني.
لأنها تطرح أسئلة تتعلّق بالفلسفة وهذه تولد أسئلة جديدة، خصوصاً وأن للشهادة والتضحية بالنفس بطولة وشجاعة رمزية ونبلاً وحميمية لا تتعلق بالزمان ولا بالمكان، بل تتجاوز ذلك إلى الفضاء الإنساني، وحسب ابن عربي فـ”الزمان مكان سائل والمكان زمان متجمّد”. كثيرون يحتفلون بهذه المناسبة ، بعضهم عن إيمان، ولكن الإيمان بدون العقل يقود إلى يقينية صماء وسيكون متعصباً ومتطرفاً وحتى عنيفاً وقد يصل إلى الإرهاب ، ولنتوقف عند بعض الممارسات التي لا علاقة لها بالمناسبة ولا علاقة لها بالدين والمذهب، وهي كثيرة لدرجة أصبحت من الطقوس المسكوت عنها، حتى وإن كان بعض علماء الدين لا يقرّونها، لكنهم لا يواجهون العامة بها.
بل يعبرون عنها بطريقتهم الخاصة الأقرب إلى الهمس والمواربة منه إلى الإفصاح والإعلان . والبعض الآخر يحتفي بالمناسبة انطلاقاً من تقليد طقوسي ديني أو حتى اجتماعي متوارث، وبالطبع فهناك فارق كبير بين الإيمان والعادة أي ما استقر عليه من تواتر الاستعمال وكثرة الاستخدام، والفارق يتعلق بالمدخلات، فحتى الإيمان سيكون مختلفاً بين شخص وآخر، فهناك إيمان واعي وآخر أعمى، مثلما يتعلق بالمخرجات من حيث التوجه والآداء وما يترتب عليه سواء بالإيمان أو التقليد.
شخصياً ما يهمني من هذه المناسبة هو القيم والمثل الإنسانية ، فشجاعة الإمام الحسين حين يواجه الظالم إنما هي “فضيلة من فضائل القلب”، والشجاعة كرم أخلاقي وسمّو إنساني، وهي عكس الجبن والخنوع وشحّ الأخلاق، لأن الشجاعة تتعلّق بالخير، والسياسة بهذا المعنى هي ” فعل خير”، أما الجبن والخنوع بما فيه من غدر وخسّة، فهو “فعل شر” ولا علاقة له بالسياسة، والشرير ليس شجاعاً في حين أن الشجاع خيرٌ. والإيمان دون ضمير سيكون كاذباً ومشوّهاً، لا يمت إلى جوهر الدين وقيمه ، بل سيكون تعبيراً عن مصالح خاصة أو حزبوية طائفية لضيق أفق واستعداد لإلغاء الآخر أو إقصائه أو تهميشه، وهكذا يكون الفرق كبيراً بين العارف وغير العارف والمؤمن الحقيقي والمؤمن المزيّف، مثلما هو الفرق كبير أيضاً بين العالِم والجاهل و”هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون” (القرآن الكريم، سورة الزمر- الآية 9).
يقول ابن عربي
“أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تراه، فإنه يراك”. وهكذا يختلف الإيمان الواعي عن الإيمان المتخلّف، وكان الإمام جعفر الصادق يعبّر عن جوهر الدين وقيمه السمحاء حين يقول ” وما الدين سوى الحب”، ففيه يكشف نور القلب وصدق السريرة. ولذلك حين نتحدث عن الإيمان ، فماذا نقصد وأي مؤمن نعني: لأن المؤمن دون وعي سيكون منقاداً وخاضعاً ومسخّراً وقد يرتكب أفحش الأعمال، فيحمل سكيناً ليطعن أقرب إنسان إليه أو كاتم صوت ليطلق النار عليه أو يلبس حزاماً ناسفاً ليفجّر متجراً أو مدرسة أو مستشفى أو يسرق من المال العام أو الخاص سواء باسم الدين أو تحت غطائه، لا يهمّه من الدين سوى المظاهر، سواءً أطال لحيته أو لبس العمامة أو انتسب إلى هذا الحزب أو هذه الجماعة إن كان رجلاً أو ارتدى النقاب أو الحجاب إن كانت امرأة، وهؤلاء كانوا المادة الخام، وخصوصاً من الشباب والشابات للتنظيمات الإرهابية مثل “القاعدة” وربيبتها “داعش” والجماعات المسلحة بمختلف تسمياتها خارج القانون، فإيمانها يختلف عن إيمان الروحانيات وإسلام القيم الإنسانية وروح التسامح والسلام ومحبة الآخر وإيمان العدل والمساواة الذي خاطب فيه الإمام علي عامله في مصر مالك بن الاشتر النخعي بقوله: لا تكن عليهم (أي على الناس) سبعاً ضارياً لتأكلهم ” فالناس صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق” .
لعلّ هدف الأديان جميعها والإسلام تحديداً والإمام الحسين بشكل خاص هو الإنسان لأنه القيمة العليا والحقيقة الأهم التي استخلفها الله على الأرض، وهو ما يعطي البشر المؤمنين الحقيقيين الكشف والفيض والإلهام، فهناك علاقة للخير بالإيمان، فهل يمكن أن يكون السفاح والجلاد شجاعاً أم أن الشجاعة صفة لصيقة بالخير؟ الحسين لا يخص الشيعة وحدهم ولا يعني المسلمين فقط ولا يقتصر على المؤمنين، وإنما هو قيمة إنسانية لبني البشر، للناس جميعاً، لكل من يناضل ضد الظلم ومن أجل إحقاق الحق، وفلسفته التي تقوم على مقاومة الظلم تعني جميع المظلومين وفي جميع العصور، فهناك علاقة بين الظاهر والباطن والعلّة والمعلول والسبب والنتيجة والماضي والحاضر، وكل فعل تضحية ومقاومة ضد الظلم إنما هي استلهام لسيرة معطّرة مصحوبة بالفداء النبيل، تلك التي أقدم عليها الإمام الحسين براحة ضمير ووعي وطهارة روحية. ولهذه الأسباب كان اليسار معنيّاً بقضية استشهاد الإمام الحسين، بل إنه في الأربعينات والخمسينات كان القوة الأبرز التي تحتفل به مع جمهرة الناس، وتجد منهم:
1- قرّاء المنابر الحسينية، مثل الشيخ محمد الشبيبي والد حسين الشبيبي الذي أعدم في العام 1949 مع فهد (يوسف سلمان يوسف) أمين عام الحزب الشيوعي حينها وزكي وبسيم ويهودا صدّيق من قيادة الحزب. وكان “مجلس الشبيبي الحسيني العاشورائي” يكتظ في هذه المناسبة التي يتحدث فيها عن الظلم والظالمين.
2- شعراء المواكب الحسينية، مثل الشاعر عبد الحسين أبو شبع وهو عضو في الحزب الشيوعي منذ العام 1956 واسمه الحزبي “علي”، وكان في الستينات عضو لجنة المثقفين في النجف، حيث كان المشرف عليه السيد صاحب جليل الحكيم، سكرتير محلية الحزب الشيوعي في النجف حينها.
3- القرّاء المحرضون (الرواديد) ومنهم فاضل الرادود، وكان محسوباً على ملاك الحزب الشيوعي، وكان يقرأ القصائد الحسينية ، التي يكتبها أبو شبع وعدد من الشعراء الشعبيين حينها.
4- منظّمو الجمهور، حيث كانت خلايا خاصة تفرّغ لهذا الغرض في عاشوراء والمناسبات الدينية الأخرى، ويتصدّرها بعض أبناء المدينة من الشيوعيين أو امتداداتهم أحياناً من عوائل معروفة، وكان “عزاء محلّة البراق” الأشهر في النجف وشعاراته الأكثر ثورية وتتحسب لها السلطات أكثر من حساب في كل عام.
وكان العديد من العوائل الدينية في النجف على ملاك اليسار والحركة الشيوعية ولديهم نفوذ كبير حتى داخل أوساط الحوزة والمدارس الدينية والمقامات المقدسة، ومن هؤلاء: آل الرفيعي الذي كان منهم الكليدار وآل شعبان ومنهم (سرخدمة، أي رؤساء الخدم) وآل الحكيم وآل الخرسان وآخرين، وهؤلاء جميعهم في حضرة الإمام علي. ولم يكن الأمر يقتصر على عدد من الرجال، بل إن بعض النسوة انخرطن في صفوف الحركة الشيوعية ورابطة المرأة وهن من العوائل الدينية المعروفة.
أما خارج الحضرة العلوية، فهناك آل الشبيبي وآل الجواهري وآل بحر العلوم وآل زيردهام وآل الدجيلي وآل سميسم وآل مطر وآل الخليلي وغيرهم كانوا من المحسوبين على الحركة الشيوعية. وفي مدرسة الخليلي في عكد السلام درس الشيخ حسين مروّة والشيخ محمد شرارة في العشرينات وتحوّلا لاحقاً من الدراسة الحوزوية إلى الحركة الشيوعية، وقال حسين مروّة في استذكاراته: لقد تعرّفت على ماركس في النجف، وذلك حين أعطاه حسين الشبيبي كتاب ” البيان الشيوعي” ليقرأه وقال لقد قرأته مرتين، لكن لم أفهم معناه في بداية الأمر، ثم زادت اهتماماته ، حتى أصبح من كبار الماركسيين، لاسيّما حين كتب ” النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية ” أربعة أجزاء..
كانت الشعائر العاشورائية مهيبة وصبغتها العامة وطنية لتمجيد البطولة والاستشهاد والقيم والمثل الشجاعة والإنسانية، والمقصود بذلك استنهاض الهمم لمقاومة الاستبداد، بشكل مباشر أو غير مباشر، وكان لبعض علماء الدين من المجدّدين دور مهم في تجديد الحوزة العلمية النجفية التي كانت تقليدية وراكدة قياساً لما حصل حولها من تطور، وأذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر عدداً من علماء الدين الذين سعوا لتخليص الحوزة ومناهجها من الماضوية التلقينية وفتح نوافذ للجدل والحوار والعلم عليها وفي مقدمتهم: السيد أبو الحسن والشيخ محمد حسين والشيخ علي كاشف الغطاء وعبد الكريم الزنجاني، الذي انشغل بالفلسفة، وكان السيد محمد البغدادي مثار جدل سياسي ومجلسه عامر في النجف لحوارات معمّقة، خصوصاً بعد فتوى السيد “محسن الحكيم” بشأن الشيوعية ” كفر وإلحاد” العام 1960? ومن التيار الجديد كان الشيخ محمد رضا المظفر وشملت المدرسة التجديدية الحديثة الشهيد محمد باقر الصدر والسيد محمد بحر العلوم والسيد مصطفى جمال الدين والشيخ محمد مهدي شمس الدين والسيد محمد حسين فضل الله والسيد محمد صادق الصدر وغيرهم.
وادى اليسار دوراً في تسييس التوجه الديني للدفاع عن مصالح الناس ضد الإقطاع والنظام الملكي وحلف بغداد وللتضامن مع العرب والعروبة، وذلك بنزع ثوب السلطة عن الدين وإبراز الجانب الوجداني الضميري والقيمي الإنساني في قضية استشهاده الحسين لتأكيد الاستعداد للتضحية بأبعادها الرمزية والنفسية وبجانبها الاجتماعي والروحي، ومن جهة أخرى بالاستقامة، لاسيّما باستلهام المُثل النبيلة التي دفع الحسين حياته من أجلها، علماً بأنه واجه عدواً شرساً ومدججاً بالسلاح والمال والمغريات، بأنصار لا يتجاوزن 73 شخصاً بينهم 17 من أهل بيته، لكنه أصرّ على المواجهة ، لأنها مواجهة للظلم، وهكذا انتصر الحق على الدم والخير على السيف، لأن قضية الحسين ظلّت قائمة ومستمرة ويتغنى بها كل من يريد مواجهة الظلم ، وكما يقول الجواهري:
فداءٌ لمثواك من مضجع
تنوَّر بالأبلج الأروع
بأعبق من نفحات الجنا
ن روحاً، ومن مِسكِها أضوع
ورعياً ليومك يوم «الطفوف»
وسقياً لأرضكَ من مصرع
وحزناً عليك بحبس النفوس
على نهجكَ النيّرِ المهيعِ
ولديّ نماذج عديدة لتثوير حركة الجمهور خلال الذكرى العاشورائية والمناسبات الدينية الأخرى سواء ضد حلف بغداد العام 1954-1955 أو ضد تزوير الانتخابات النيابية وحل المجلس العام 1954 أو ضد العدوان الثلاثي على مصر أو انتصاراً لثورة الجزائر ،وخصوصاً بعد خطف طائرة أحمد بن بلّة ورفاقه واعتقال وتعذيب جميلة بوحيرد، وسأكتفي بذكر ما حصل بعد العام 1956 حيث انتفض العراق ، وخصوصاً بغداد والموصل والحي والنجف، فكانت المواكب الحسينية هادرة بالتنديد بالعدوان الثلاثي ، لاسيّما بعد سقوط شهداء عديدين، وحيث ارتفع اسم عبد الناصر كرمز في مواجهة الامبريالية حينها، فردّدت الفتية اليسارية شعارات تقول :
كالو القائد جمال رواحنه كله إله
يا هله
نريد مثله نمثله
يا هله
وأمريكا بالدولار
وفرنسا أم العار
والثالثة بريطانيا رمز الخيانة
يا علي – حيدر.
اضف تعليق