هناك مجموعة منافع تكاد لا تحصى لاستمرار التيار الكهربائي، نختار منها خمسا , هي الأقرب إلينا في حياتنا اليومية. فمنذ (بداية تشرين الأول 2013 وخلال الاشهر الاولى من عام 2014) شهدنا استمرارا للتيار الكهربائي، وبتجهيز استمر احيانا (24) ساعة دون انقطاع.. هذه الحال لم نشهدها منذ (20) عاماً، وهو زمن يصبح فيه الطفل شاباً، والشاب كهلاً، وتُعمر فيه البلدان. الا ان فرحة العراقيين لم تدم طويلا.. فسرعان ما عادت حليمة الى عادتها القديمة، وعدنا من حيث بدأنا.

ولنعد الى منافع استمرار الكهرباء..

فالمنفعة الأولى من هذه المنافع بيئية.. أي أننا حصلنا على بيئة أفضل من السابق من خلال الخلاص من مخلفات المولدات التي كانت تنفث بدخانها في مناطقنا ومحلاتنا وازقتنا.. ولو تسن لوزارة البيئة أن تعقد مقارنة بنسبة التلوث في أجواء العراق عامة.. وأجواء بغداد خاصة بين الفترة التي سبقت الاستقرار، وفترة الاستقرار.. لوجدت تحسناً واضحأ، ساعد في ذلك نظام الزوجي والفردي الذي قلص عدد العجلات التي تسير في الشوارع بمقدار 25%، وهذه المنفعة وحدها تُعد غاية في الأهمية لأثارها الإيجابية على الصحة العامة.

اما المنفعة الثانية فهي حماية الأجهزة المنزلية ومصابيح الانارة من العطب، فما زلنا نعاني تذبذب التيار، وتحويله من وطنية إلى مولدة، وبالعكس والتجهيز المفاجئ، والانقطاع المفاجئ، وهذا أدي إلى عطب وتلف عدد كبير من الأجهزة المنزلية التي تعمل بالطاقة الكهربائية.. إضافة إلى مئات الآلاف من المصابيح التي تتوهج وتنطفئ في اللحظة نفسها، معلنة عن انتهاء العمر التشغيلي للمصباح بسبب رداءة التيار الكهربائي وعدم انتظامه.. ولهذه المنفعة مردودات اقتصادية كبيرة على مستوى الأسرة بشكل خاص، والدخل الوطني بشكل عام.. وهذا معناه توفير ملايين الدولارات من العملة الصعبة كانت تصرف لشراء أجهزة تعويضية للأجهزة التي اعطبت.

والمنفعة الثالثة هي تقليص إنفاق الأسرة بمعدل (50-125) ألف دينار شهرياً وحسب مبلغ الاشتراك في المولدات الخاصة.. أي أن الانفاق تقلص لدينا خلال فترة انتظام التيار بالمبلغ المذكور، ليذهب هذا المبلغ الى سد فقرات أخرى من الميزانية الشهرية للأسرة، أو أنه يصرف على التطوير وشراء مستلزمات ما كان من السهل شراؤها سابقاً.. أي أنه يصرف على تحسين الغذاء وتنويعه، وهي منفعة يقر الجميع بأهميتها.. خاصة وأنها تسهم بشكل مباشر بتحسين الوضع المالي للأسرة العراقية مهما كان مستوى دخلها.

والمنفعة الرابعة تتعلق باستهلاك الوقود المستورد المستخدم في تشغيل المولدات الاهلية (زيت الغاز)، فإذا افترضنا أن كل مولدة شارع تستهلك (100) لتر من زيت الغاز يومياً، وأن هناك أكثر من مليون مولدة في المدن العراقية بما فيها العاصمة بغداد، فهذا يعني أننا وفرنا (100) مليون لتر من هذه المادة، وهو ما يعزز الخزين الوطني، ويسهل تجهيز محطات الوقود والمركبات التي تعمل بزيت الغاز، خاصة وأن معظم هذه المركبات انتاجية، وانها تستخدم أما للنقل العام والخاص، أو نقل البضائع، وبعملية حسابية بسيطة نضرب هذه الكمية بسعر اللتر الواحد المعلن رسمياً وهو (500) دينار، فهذا يعني توفير (50) مليار دينار، ولأن الوقود يستورد بالدولار.. فإن المبلغ يصبح (40) مليون دولار يومياً، ويرتفع ليصبح مليارا و (200) مليون دولار شهرياً، ولا نريد أن نحسب ذلك سنوياً. فأي هدر للاموال العراقية نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، وأية منفعة تلك التي يحققها استمراره.

المنفعة الخامسة والأخيرة ضمن اختيارنا، وليست آخر المنافع في السلسلة الطويلة هي دوران عجلة الصناعة.. فقد توقفت هذه العجلة منذ فترة طويلة، وتحول الصُناع الماهرون وأصحاب الورش الصغيرة إلى عاطلين عن العمل، فضلاً عن المعامل الكبيرة والمصانع ذات الانتاج الاستراتيجي.. إن دوران عجلة الورش والمعامل الانتاجية الصغيرة سيسهم بشكل واضح في تحسين سوق العمل، وازدياد الطلب على الأيدي العاملة، كما أنه سيسهم في زيادة الانتاج الوطني من السلع والبضائع، بما يخفض الاستيراد منها.. وهذا يعني توفير العُملات الصعبة داخل البلاد.. لا نريد ان نستطرد أكثر في هذا الموضوع وذكر منافع أخرى , لأن مساحة العمود لا تتسع لذلك.. إلا أن ما نكسبه على وفق ذلك يُعد كثيراً، وليس قليلا، وهناك مكاسب أخرى، ومنافع أخرى، يعرفها الجميع.. مع امنياتنا بكهرباء مستمرة بلا حسد ودون انقطاع أبداً سرمداً.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق