مكافحة الفساد يتوقف بعدة مطبات أهمها التشريعات ثم الآليات والتنفيذ؛ فالتشريعات معظمها غير مناسبة والبيئة مريضة لا تسمح بإنجاح المشاريع بل منها من يسمح للفساد ويشجعه، وأن وجدت قوانين تعجز الآليات التي تؤدي بدورها للتنفيذ، في حال هيمنة الفاسدين على تلك الأدوات....

الفساد من أخطر المفردات التي رافقت العملية السياسية بعد 2003م، وكأن العراق وصل الى مرحلة إستحالة القضاء عليه، فبدى وكأنه مرض عضال أنتشر في معظم مفاصل الدولة وحسب إعتراف القوى السياسية والسلطات الحكومية..ثم أصبح له تفاسير مختلفة حسب قواميس إختلفت في قرائتها لما لها وما عليها.

لا يوجد وصف حقيقي كي نقول هذا فاسد وذاك لا، وربما تقاطع تفسير بتفسير وأتهم أحدهم الآخر بالفساد.

ماذكره رئيس مجلس الوزراء في مؤتمره الأسبوعي رقما يصل الى 4000 آلاف ملف وحسب ما يتضح أنه لوزراء وكبار السلطة التنفيذية والدرجات الخاصة، وكأنه رقم مهول لكونه يرتبط بشخصيات ثانوية وفروع أخرى، وهذا ما يعزز نظرية تفشي الفساد وصعوبة محاربته، وطبيعة الشخصيات التي تورطت به وتملك أدوات التملص من العقاب نتيجة وجود هذا الفساد.

يبدو أن الملف بهذا الشكل سيطال معظم القوى السياسية، وأنها متورطة بشكل مباشر، والتي إرتضت لنفسها المحاصصة والدفاع المستميت عن الفاسدين او على حصتها من المناصب، وجعلت من المنصب مورد مغانم يدر الأرباح والوظائف والسلطة، وللتستر على ملفات كي لا يُطاح بسمعتها السياسية والإنتخابية.

رغم الخطوات التي أشار لها مجلس الوزراء وإستحداث مجلس مكافحة الفساد، من أجل تطويق الفساد وقطع السبل التي تؤدي الى نموه، إلا أن الحقيقة تكمن بالتفاصيل وبالذات التي تمس المواطن، وقد نسمع توجهات كبير ولكن تعيقها حلقات صغيرة، ويبقى الكلام حبرا على ورق بذرائع تدعيها جهات، وبالنتيجة تنتهي الأطروحة لإيجاد حلقات تزيد المشهد تعقيداً ولا تعطي حلولاً آنية.

على سبيل المثال ما تزال بطاقة الماستر كارد غير مفعلة في معظم المؤسسات، ولا يوجد تفكير جدي بإيجاد بطاقة إلكترونية لكل مواطن لإستيفاء أموال الماء والكهرباء والبنزين على سبيل المثال، بل عندما نسمع فقدان أثر مشروع السكن الوطني الذي تحدث عنه رئيس الوزراء والبرلمان، ولكن وضع في إدراج وزارة الإسكان والإعمار، وتذرع وزيرها بعدم وجود بنى تحتية، أو رفضه من قبل المحافظين ومدراء البلديات وبعض الأحزاب، لتعارضه مع أطروحاتها التي تشدد في محورها على إبقاء المواطن بحاجة دائمة لسطوة الأحزاب، ومن ثم يستخدم مشروع الخدمة كورقة إنتخابية.

مكافحة الفساد يتوقف بعدة مطبات أهمها التشريعات ثم الآليات والتنفيذ؛ فالتشريعات معظمها غير مناسبة والبيئة مريضة لا تسمح بإنجاح المشاريع بل منها من يسمح للفساد ويشجعه، وأن وجدت قوانين تعجز الآليات التي تؤدي بدورها للتنفيذ، في حال هيمنة الفاسدين على تلك الأدوات.

النتيجة عرقلة متعمدة تشترك فيها معظم القوى السياسية، وكأنه أفعالها أفخاخ، ومحاربة الفساد تعبيد لطريق مفخخ، ورغم هذه الأرقام المهولة، فأنه يمثل جزءامن المكتشف، فما بالك بغير المعروف منها والمتستر عليه من الفاسدين؟!

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق