التظاهر بدون هدف سياسي بعيد المدى يؤدي الى استهلاك الطاقة الحرارية للمجتمع، وهذا ما قام عليه الدليل في الحالات المماثلة. فتظاهرات تونس ومصر والجزائر والسودان، مثلا، اثمرت عن حصول تغيير سياسي كبير، على عكس تظاهرات حصلت بدون هدف سياسي فانها استهلكت طاقة الشباب دون ان تحقق نتيجة مطلوبة...
التظاهر من الحقوق السياسية التي كفلها الدستور، وهي تندرج تحت بند حق المشاركة في الشؤون العامة وحق حرية التعبير المنصوص عليهما في الدستور، جاء في المادة (20): للمواطنين رجالاً ونساءً، حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح.
وجاء في المادة (38): تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب:
اولاً :ـ حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.
ثانياً :ـ حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر.
ثالثاً :ـ حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون.
ويتمثل الشكل الاولى للتظاهر في كونه وسيلة احتجاجية لاظهار عدم الرضا عن امر ما. ولهذا قد يرافق التظاهر الاحتجاجي اعمال تصفها السلطات الرسمية في البلد بانها مخالفة للقانون مثل قطع الطرق او اقتحام الممتلكات الخاصة او المباني الحكومية او احراقها الخ.
وهذا يسمح لنا بالقول بان هناك امكانية في ان يساء استخدام هذا الحق، كما في اية حالة اخرى. فان مشروعية الحق شيء وممارسة هذا الحق شيء اخر. وشرعية الحق ليست غطاء لكافة اشكال ممارسته، انما يجب التاكد دائما من سلامة ممارسة الحق باشكالها المختلفة.
لا شك ان المسيرات والتظاهرات تعبر عن حالة احتجاج وعدم رضا، لكنها في نفس الوقت يمكن ان تكون احدى وسائل التغيير والاصلاح والبناء.
وبناء على هذا، يمكن تطوير الية التظاهر بما يجعله وسيلة ديمقراطية صالحة وسليمة للتغيير والاصلاح والبناء، وليس فقط للتعبير عن الاحتجاج وعدم الرضا، وذلك من خلال هندسة وتصميم التظاهرات بطريقة حضارية على الشكل التالي:
* يحدد هدف سياسي بنّاء للتظاهر، مثل الغاء المحاصصة، او الغاء الطائفية السياسية، او محاربة الفساد، او الالتزام بالديمقراطية الصحيحة، وتحسين الخدمات.. الخ، وعدم حصرها بالشعارات المطلبية والخدمية المحدودة.
* يخرج المتظاهرون على شكل مسيرة منتظمة سلمية هادئة، حيث يتم تقسيمهم الى كراديس او مجموعات تضم كل واحدة منها ٢٠ متظاهرا يرددون بطريقة جميلة شعارا سياسيا محددا يتضمن احد الاهداف السياسية المذكورة اعلاه. ويمكن كتابة قصيدة باللغة الفصحى يتضمن كل بيت منها هدفا سياسيا، ويخصص بيت واحد لكل مجموعة.
* يتم تشجيع النساء بالمشاركة في هذه المسيرات وذلك بتخصيص مجموعة او اكثر للنساء تتقدم المسيرة.
* يمتنع المشاركون في المسيرة عن احداث اي ضرر بالممتلكات الخاصة او العامة.
* يتم التنسيق مع السلطات المعنية قبل خروج المسيرة حسب متطلبات القانون، ولتحديد خط سير المسيرة، وعدد المشاركين فيها، وحمايتها من اي اعتداء.
* يتجمع المشاركون في المسيرة في نقطة النهاية وتُلقى كلمة تحدد اهداف المسيرة ومطاليبها.
* بعد انتهاء المسيرة يقوم المشاركون فيها بتنظيف خط سيرها.
* يُمنع بتاتا التجاوز على الشخصيات والجماعات.
* يجري التنسيق مع وسائل الاعلام لتأمين تغطية مهنية جيدة للمسيرة.
* تلتزم القوات الامنية بعدم استخدام وسائل حادة وعنيفة مع المتظاهرين مثل استخدام الرصاص الحي، او الخلب، او القنابل المسيلة للدموع، او غيرها، او اعتقال المتظاهرين، ما داموا ملتزمين بالطابع السلمي للتظاهرة وبالقوانين ذات العلاقة.
التظاهر بدون هدف سياسي بعيد المدى يؤدي الى استهلاك الطاقة الحرارية للمجتمع، وهذا ما قام عليه الدليل في الحالات المماثلة. فتظاهرات تونس ومصر والجزائر والسودان، مثلا، اثمرت عن حصول تغيير سياسي كبير، على عكس تظاهرات حصلت بدون هدف سياسي فانها استهلكت طاقة الشباب دون ان تحقق نتيجة مطلوبة.
اضف تعليق