يمكن ان ينشأ أكثر من حزب وطني واحد، حزبان مثلا، إذا كان كل حزب منهما يحمل مشروعا للدولة وبرنامجا للخدمات يختلف عن الاخر، مثل هذه التعددية المحدودة والمبررة مقبولة في الدولة الديمقراطية الحديثة، من يؤسس هذا الحزب الوطني الجديد؟، والجواب: المواطنون الفعالون الشباب الرافضون للفساد والمؤمنون بالتغيير.

في هندسة بناء الدولة ترد مفردات كثيرة منها: الاحزاب. فالحياة السياسية الديمقراطية الحديثة لا يمكن ان تكون دون احزاب وطنية حضارية حديثة، وكلمة "الوطني" الواردة في تعريف الحزب ليست مقابلة لكلمة "عميل"، انما هي مقابلة لكلمة "فئوي"، اي عرقي او طائفي او ديني او مناطقي.

الحزب الوطني هو ما كان متصفا بالمواصفات التالية:

اولا، يحمل مشروعا سياسيا وطنيا و برنامجا خدميا مصمما للبلد كله وليس لفئة عرقية او طائفية محددة او منطقة معينة.

ثانيا، ان يكون باب العضوية فيه مفتوحا لكل المواطنين المؤمنين بالمشروع الوطني، اي الدولة الوطنية الحضارية الحديثة، وليس مقصورا على اتباع دين معين او طائفة محددة او قومية واحدة.

ثالثا، ان يكون منتشرا جغرافيا في كل او على الاقل الاعم الاغلب من محافظات العراق وليس مقتصرا على محافظات من لون واحد غالب.

طبعا الى جانب الحزب الوطني يمكن ان تتاسس احزاب لخدمة فئة محددة، مذهبيا او عرقيا او مناطقيا، لكنها ستكون احزابا محلية فئوية مغلقة، ذات موقع ودور محدد ومحدود في هندسة الدولة. بالنظر الى قائمة الاحزاب الموجودة في مجلس النواب العراقي، وبتطبيق هذه المعايير عليها، سنلاحظ ان هذه الاحزاب جميعها لا تنطبق عليها هذه المعايير؛ فهي كلها او الاعم الاغلب منها احزاب مغلقة، اما شيعية او سنية او كردية، بعضوية من لون واحد، وانتشار جغرافي محكوم بالخطوط القومية او الطائفية التي ترسم الخارطة السياسية في البلد الان. ولهذا لا نجد حزبا كبيرا قادرا على تأمين اغلبية حاكمة في مجلس النواب.

وبكلمة مختصرة صريحة:،لا يوجد في العراق الان حزب وطني قادر على لعب دور قيادي اساسي في الدولة العراقية. والدور القيادي هو ان يكون للحزب عدد من الاعضاء في مجلس النواب قادرين على تأمين الاغلبية اللازمة للحكم حسب الدستور، من جهة، ويحظى باعتراف جميع المكونات المجتمعية بوصفه ممثلا لها من جهة ثانية.

ليس لدينا حزب لديه ١٦٥ نائبا من مختلف الاديان والطوائف والقوميات والمحافظات، بحيث يستطيع تشكيل حكومة. وهذا خلل كبير في بناء الدولة العراقية. وهذا هو من اسباب الانسداد الذي تواجهه الدولة العراقية.

وامام هذه المعضلة لابد من التفكير العملي الجاد بخارطة طريق تخرج العراق من عنق الزجاحة. خارطة طريق تقدم حلا جذريا للمشكلة ولا تُشغل الناس بحلول ترقيعية، ولا تكتفي بتوجيه اللوم والعتب والنقد الى هذا وذاك.

خارطة طريق عنوانها: الحزب الوطني الحضاري الحديث. لابد من تأسيس هذا الحزب في العراق وطي صفحة الشتات الحزبي والتعددية المفرطة في الكثرة والانقسام المجتمعي-السياسي الذي لا يمكن ان يؤدي الى وحدة وطنية حقيقية.

الوطنية هي الصفة الاساسية في هذا الحزب بمعنى انه عضويته متاحة لكل العراقيين، فهو ليس حزبا شيعيا ولا سنيا ولا كرديا الخ، انما هو حزب عراقي وطني، يحمل مشروعا حضاريا لكل العراق وبرنامجا خدميا لكل العراقيين الاحرار، الشركاء بعدل وانصاف في الثروة والسلطة والوطن، ويستخدم الاساليب الحديثة والديمقراطية في العمل والتنظيم والتحشيد و الترشيح للانتخابات التشريعية والمواقع التنفيذية في الدولة والمواقع القيادية في الحزب.

يمكن ان ينشأ اكثر من حزب وطني واحد، حزبان مثلا، اذا كان كل حزب منهما يحمل مشروعا للدولة وبرنامجا للخدمات يختلف عن الاخر. مثل هذه التعددية المحدودة والمبررة مقبولة في الدولة الديمقراطية الحديثة.

من يؤسس هذا الحزب الوطني الجديد؟

والجواب: المواطنون الفعالون الشباب الرافضون للمحاصصة والطائفية والعصبية العرقية والفساد والمؤمنون بقدرتهم على التغيير.

.........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق