فلم تعد منظومتنا الاجتماعية والقيمية كما كانت عليه قبل هذا التاريخ، فقد بدت مكشوفة اكثر من غيرها لتأثيرات العولمة وما افرزته من اسقاطات كانت لابد منها لأي مجتمع مهما تحصّنَّ بمنظومة متوارثة من القيم والعادات والاخلاق والمُثل والاعراف، وتضاف الى ذلك التأثيرات العولمية والتطور المتسارع...

وللإجابة عن هذا السؤال بالنفي او بالإيجاب لا بد من المرور على اهم المعطيات السيوسولوجية للمشهد العراقي بعد التغيير النيساني المزلزل واستخلاص النتائج ومن ثمَّ الحكم، فلاينكر احد ان الواقع السيسولوجي العراقي لما بعد التغيير النيساني قد اختلف كثيرا عمّا كان قبل هذا التغيير اختلافا جذريا.

فلم تعد منظومتنا الاجتماعية والقيمية كما كانت عليه قبل هذا التاريخ، فقد بدت مكشوفة اكثر من غيرها لتأثيرات العولمة وما افرزته من اسقاطات كانت لابد منها لأي مجتمع مهما تحصّنَّ بمنظومة متوارثة من القيم والعادات والاخلاق والمُثل والاعراف، وتضاف الى ذلك التأثيرات العولمية والتطور المتسارع وغير الملحوق به في وسائل الاتصال والاعلام وبرمجيات التواصل والانفتاح الثقافي العولمي الهائل بين المجتمعات وفي توارد المعلومات والاخبار اذ تزايدت اعداد ضحايا جرائم الابتزاز الالكتروني مع اتساع استخدام شبكة الانترنيت وانتشار الاجهزة الذكية وصار واقعنا الاجتماعي يعجّ بالعديد من تلك الحالات المؤسفة والخطيرة على النسيج المجتمعي العراقي.

ومن الطبيعي ان يتأثر هذا النسيج اضافة الى البنية التحتية القيمية للمجتمع العراقي بكل ذلك، فصارت وسائل الاعلام بكافة انواعها ومواقع السوشيال ميديا كنتيجة تورد انباء مقلقة للغاية عن حالات اجتماعية مفزعة لم تكن غريبة اصلا عن المشهد السيوسولوجي العراقي من قبل فهي موجودة فعلا فيه ولكن لم تكن بهذه الصورة القاتمة من فداحة الخسائر ورعب التأثيرات التي تتركها وبأرقام باتت تثير القلق فعلا، مثل حالات الطلاق التي اصبحت تفوق معدلاتها العراقية معدلات نظيراتها في مجتمعات اخرى اكبر منه.

كل ذلك مؤشر اجتماعي خطير للغاية ويستدعي تدخّل الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والمرجعيات الدينية والقانونية والعشائرية وحتى التشريعية والاعلامية الى وضع اليد على اسبابها ورسم خارطة طريق للحد منها بطرائق اقتصادية/دينية/قانونية/عرفية/تعبوية مناسبة لذلك، لان ارقام الطلاق في العراق بدت لاتتناسب مع طبيعة اعراف المجتمع العراقي الذي عُرف عنه بالتماسك الاسري والتلاحم المجتمعي من قديم الازمان كما عُرفت الاسرة العراقية أنها اسرة متكاتفة ومتعايشة ومتلاحمة لأجيال متتالية وان حدث تصدع فيها يكون لأسباب معقولة تستدعي الطلاق وفق الضوابط الاجتماعية والعرفية والشرعية...الخ، وليس لأسباب بسيطة او تافهة كما يحدث اليوم في اروقة بعض المحاكم فمازلنا نسمع ونشاهد حالات طلاق لأسباب يبدو البعض منها مضحكا ومؤسفا في الوقت ذاته.

وتذكر وسائل الاعلام والتواصل ارقاما مخيفة عن حالات انتحار لشباب في عمر الورود وبارقا مخيفة ايضا ولأسباب تقترب في طبيعتها ضمنا من الاسباب التي تؤدي الى الطلاق وهي اغلبها تتعلق بالوضع المعيشي/الاقتصادي للبلد وتفشي ظاهرة البطالة لاسيما المقنّعة منها وتدني المستوى المعيشي للكثير من الاسر الى دون خط الفقر ناهيك عن الاحباط والشعور باليأس الذي ينتاب الكثير ممن يعيشون في ظل الفاقة وانعدام الامل في التوظيف او في احراز مستوى مادي ملائم وسط ارتفاع ملحوظ في مناسيب التضخم التي تصيب الاقتصاد العراقي، ناهيك عن استفحال حالات التشرد والتسول لذات الاسباب التي تتعلق بالوضع المعيشي/الاجتماعي المتفكك اساسا، يضاف الى ذلك تفشي تعاطي المخدرات بين الشباب وهي ظاهرة تستدعي تضافر جميع الجهود الحكومية الوطنية والاقليمية والدولية فضلا عن منظمات المجتمع المدني وغير ذلك من اجل الحد منها ومكافحتها لأنها ظاهرة غريبة جدا عن الواقع المجتمعي العراقي وغير مألوفة فيه ابدا.

وتأتي النزاعات العشائرية وماتتركه من آثار مرعبة بينها بسبب التفسير الخاطئ او المبالغ فيه لمايسمى بالسُنن العشائرية لتضيف حلقة جديدة من مسلسل الخراب الاجتماعي، ليس على مستوى الافراد او الاسر المنكوبة بل على مستوى المجتمعات والمدن باسرها حين نسمع ان العشائر في المنطقة الفلانية تتقاتل فيما بجميع انواع الاسلحة ومنها الصواريخ والطائرات المسيرة والقاذفات مسببة الرعب للسكان العزل وملحقة الكثير من الاذى والخسائر في الارواح والبنى التحتية وكأن القوم في حالة حرب لا هوادة فيها.

وبعد استكناه معطيات ماتقدّم ترد الاجابة بنعم حول من يسأل هل ان امننا الاجتماعي العراقي في خطر..

نعم انه في خطر والقادم اخطر.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق