الدولة العميقة هي مجموعة من المصالح السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية يسيطر عليها عدد من الأشخاص واللوبيات أو المؤسسات للحفاظ والدفاع على مصالحهم المكتسبة بطرق غير قانونية أخطرها ذات المدى السياسي لأنها تقوض العمل السياسي. ويختلف مفهوم الدولة العميقة من بلد إلى بلد حسب نظام الحكم...

"الدولة العميقة" هي مجموعة من المصالح السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية يسيطر عليها عدد من الأشخاص واللوبيات أو المؤسسات للحفاظ والدفاع على مصالحهم المكتسبة بطرق غير قانونية أخطرها ذات المدى "السياسي" لأنها تقوض العمل السياسي.

ويختلف مفهوم "الدولة العميقة" من بلد إلى بلد حسب نظام الحكم، وكلما تجذرت الديمقراطية والمحاسبة والتداول على الحكم، كلما ضعفت "الدولة العميقة" والعكس صحيح. وقد ظهر أول مرة مفهوم الدولة العميقة بشكل فعلي في تركيا لما أخذت مجموعة من المدنيين والعسكر الدفاع عن "الدولة اللائكية" اثر الانتقال الديمقراطي الذي شهدته حيث لعبت هذه الدولة أدوارا متعددة وفي بعض الاحيان عنيفة ضد التوجه الجديد للدولة.

ومن ذلك الوقت ظهرت "دول عميقة اخرى" في كل البلدان لكن بأشكال مختلفة ومتباينة حسب المصلحة. ومن أخطرها تلك التي تشتغل في مصر والتي أطاحت "بالمسار الديمقراطي" وأرجعت مصر إلى الحضيض. أما في تونس فضمن ما تسببت فيه هو رفع الأسعار والفلتان الأمني حتى صار الفرد التونسي يترحم على "بن علي" الذي حكم تونس بالقبضة الحديدة.

أما في الجزائر فقد استيقظت فجأة الدولة العميقة اثر اندلاع الحراك السلمي الذي استيقظ هو أيضا في الدقائق الأخيرة قبل وفاته الممنهجة.

ان تعريف الدولة العميقة في الجزائر هو "كل مؤسسة أو هيئة أو جماعة أو فرد" يعمل على عرقلة بشكل مباشر أو غير مباشر عنفوان الحراك السلمي الذي صدح به الشعب الجزائري من أجل التحرر والانعتاق هذه الدولة هي التي رشحت بوتفليقة للعهدة الرابعة وهي تعلم أنه مريض جدا؟ وبعد أن ضيعت خمس سنوات من حياة الشعب، أرادت ترشيحه لعهدة خامسة؟ وهي القطرة التي أفاضت كأس غضب الشعب الجزائري مما سرعت خروجه من الحفرة التي دفن فيها طيلة عشرين سنة الأخيرة على الأقل.

والدولة العميقة هي التي خلقت عشرات الآلاف من الأثرياء فجأة دون عمل منتج، وهي التي بذرت الملايير من المال العام، وهي التي تسببت في تسريح الآلاف الأساتذة والمعلمين المتشبعين بالخبرة البيداغوجة والوطنية وعوضتهم بشباب لا يمتلك أدني قدرة على التعليم؟ وهي التي توجه الرأي العام بما يخدمها عن طريق فبركة دكاكين إعلامية سمتها قنوات إعلامية.

وبمجرد ظهور الحراك السلمي بدأت الدولة العميقة في التشكيك في قدرته على الأخذ بزمام التغيير السلمي نحو الأفضل والاستقرار، بل شنت عليه حملة قذف في حق كل نشاطاته المفترضين، ولم تتوان في فبركة الإشاعات الواحدة تلو الأخرى وشن حملات التخويفات والتهديدات حتى لا تخرج الجماهير الى الشارع، وسمحت هذه "الدولة " لنفسها بتحريف حتى شعارات الحراك ومطالبه لصالحها أوحت أنها مطالب اجتماعية؟ قصد تفتيته وتقسيمه لأجزاء، بل سمحت لنفسها هذه الدولة نشر معلومات وأخبار خاطئة، عبر ألاف مواقع التواصل الاجتماعي حديثا وجندت الاف من الذباب الالكتروني للتخريب عقول الناس.

وحتى لا تنجر خلف لعبة الدولة العميقة من حيث تدري ولا تدري وتصبح بوقا، لا تخض في مواضيع ليست من اختصاصك أو بث أو ترويج أخبارا مصادرها مجهولة، وأن لا تنخرط في القيل والقال حول مواضيع ليست من الأولويات، وأن لا تدخل في نقاشات ذات بعد ديني أو مذهبي أو طائفي.

كما أنه من المستحسن قبل كل شيء أن تكن قدوة للآخرين، وأن تتقن عملك حيث ما كنت..

* استاذ جامعي وهران

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق