q
يشكل السلوك اليومي للمواطن العادي أحد اهم مساحات العمل من اجل اقامة الدولة الحضارية الحديثة، فمع عدم التقليل من اهمية العناصر الاخرى المكونة للدولة وهي: الشعب والحكومة والنظام القيمي، فان الشعب هو المكون الاول. والشعب مؤلف من افراد. فاذا تمكنا من اقامة الدولة الحضارية الحديثة...

يشكل السلوك اليومي للمواطن العادي احد اهم مساحات العمل من اجل اقامة الدولة الحضارية الحديثة، فمع عدم التقليل من اهمية العناصر الاخرى المكونة للدولة وهي: الشعب والحكومة والنظام القيمي، فان الشعب هو المكون الاول. والشعب مؤلف من افراد. فاذا تمكنا من اقامة الدولة الحضارية الحديثة في نفوس الافراد وذواتهم وشخصياتهم نكون بذلك قد ارسينا الاساس الصلب للدولة.

فالفرد هو الخلية الاولى في الدولة، بل هو الخلية الجذعية لها. فهذا المواطن يمكن ان يكون موظفا بسيطا في الدولة، او عضوا في حزب، او مسؤولا، او وزيرا او نائبا في البرلمان او اي شي اخر. فاذا كان هذا المواطن انسانا حضاريا حداثويا كان سلوكه في دائرة وجوده حضاريا وحداثويا.

اول ما ننتظره من هذا المواطن ان يكون منتظما، اي ملتزما بالقانون الذي ينظم حياته.لا يمكن ان يكون حضاريا من يخالف القانون ويتمرد عليه. فالقانون هو العمود الفقري للدولة الحضارية الحديثة وهو روحها وهويتها ودينها المدني.

ونتوقع من المواطن الحضاري الحداثوي ان يكون حريصا محافظا على المال العام والمرافق العامة والاثار التاريخية وغير ذلك. ويشمل هذا الحدائق العامة والطرقات والمباني المختلفة ووسائط النقل العام والنظافة في كل مكان.

ومن ميزات المواطن الحضاري التهذيب. اللسان تعبير عن الذات. والانسان مخبوء تحت طي لسانه. وطبيعة اللغة التي يستخدمها الانسان كاشفة عن مستواه الحضاري ومحتواه القيمي. لذلك كله يكون الانسان الحضاري مهذبا في لغته وتعابيره وتعاملاته. لا يشتم ولا يستخدم الالفاظ البذيئة ولا يتنابز بالالقاب ولا يكذب ولا يغتاب. انه انسان مهذب نظيف اللسان.

لا يحتاج الانسان الى الدولة لكي يحقق في نفسه هذه المزايا الثلاث (الامتثال للقانون، والحفاظ على المال العام، والتهذيب) ويوجد غيرها الكثير بطبيعة الحال. سواء فسدت الدولة او صلحت، سواء فسدت الطبقة السياسية او صلحت، فان المواطن الحضاري بامكانه ان يلتزم بالقانون ويحافظ على الملكية العامة وان يكون مهذبا. اما الذين يلقون كل شيء على الدولة، فانهم في الواقع يتهربون من مسؤوليتهم الفردية المباشرة عن ذواتهم.

نعم يمكن للدولة الصالحة ان تسهم في خلق الذوات الصالحة من خلال نظام التربية والتعليم ومعاقبة المسيئين وفرض الغرامات.

وفي كل الاحوال فان صنع الذوات الحضارية الصالحة يشكل القاعدة الاولى او الطبقة الاولى في بناء الدولة الحضارية الحديثة.

يسالني بعض الاصدقاء: اين ومتى وكيف يبدا العمل من اجل اقامة د ح ح؟ وجوابي: الان، اشرعوا باقامتها في ذواتكم.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق