خلال زيارة اوباما الثانية للسعودية، والتي عزّى فيها الملك "سلمان بن عبد العزيز" على وفاة اخيه الملك "عبد الله"، وتهنئته على تولي الحكم، كانت هناك الكثير من الصراعات بين العائلة المالكة وامرائها حول من سيحكم السعودية، والتي ربحها "السديريون" في نهاية المطاف، وكان حجم الخلاف اكبر من تغطيته بالحديث عن انتقال سلس من الاخ المتوفي الى الاخ الحي، حيث قام الملك الجديد، بعد مدة قصيرة من توليه السلطة بإصدار اكثر من (36) مرسوم ملكي، في اكبر حملة اقصاء وتعديل في المناصب، وقد شهد التأخير في اعلان وفاة الملك "عبد الله" على الخلافات والترتيبات بين الامراء، بعد ان تم اقصاء "متعب بن عبد الله" (الذي كان يحلم بخلافة والده) و"التويجري" (العقل المدبر والمقرب من الملك السابق وولده) عن اي منصب بعد ان سارت الامور في غير صالحهما، وجرى الترتيب للإطاحة بكبار مستشاري ومقربي الملك السابق على يد عدد من اولاد الملك "سلمان بن عبد العزيز" وبالأخص ابنه الشاب "محمد بن سلمان"، الذي يبلغ من العمر، بحسب مقربين، 27 عاما، على الرغم من محاولة الاعلام السعودي اعطاء صورة بأنه اكبر سنا، سيما وانه يتولى حاليا وزارة الدفاع السعودي، ويوصف على انه العقل المدبر لعملية "عاصفة الحزم"، مثلما يوصف بانه "الذاكرة المتحركة للملك سلمان".
بالعودة الى الملك "سليمان" فانه مصاب بمرض "الزهايمر" الذي يصيب الذاكرة تماما، حتى ان اوباما في زيارته الاخيرة واجه صعوبة في اتمام الحديث معه، كما غادر الملك قبل اتمام مراسيم استقبال اوباما، ما جعل الجميع في حيرة من امرهم، وتناقلتها وسائل الاعلام بكثير من علامات الاستفهام، الا ان الرواية الرسمية جاءت لتؤكد ان الملك غادر لأداء صلاه العصر، وكان لتعيين "محمد بن نايف" ولي لولي العهد (الذي كان على الاقل من حصة المبعد متعب بن عبد الله)، دور بارز لتقاسم المحمدان (محمد بن سلمان ومحمد بن نايف) السلطة والسطوة داخل العائلة المالكة، وهما من اشرفا على عملية التصفية واعادة توزيع المناصب بعد تولي سلمان الملك خلفا لأخيه، واختزال جميع السلطات الفعلية للمملكة بالمجلس السياسي والامني (الذي يديره محمد بن نايف)، اضافة الى تولي محمد بن سلمان وزارة الدفاع وادارة جميع القرارات التي تصدر من والده، ولم يبق سوى الامير "متعب بن عبد الله" الذي يتولى وزارة الحرس الوطني، وهي قوات رديفه للجيش النظامي ويزيد عدد مقاتليها عن (100) الف جندي، وربما يخشى "محمد بن سلمان" حدوث ما ليس بالحسبان في حال تم عزل "متعب" بصورة مباشرة من دون مقدمات، وربما تأتي اولى هذه المقدمات بعد اصدار الملك "سلمان" الامر بمشاركة الحرس الوطني السعودي بعاصفة الحزم.
وخلال الازمة السابقة على الحكم، والحالية حول "عاصفة الحزم"، تنامى الخلاف بين امراء ال سعود، الذين ينظر بعضهم الى البعض الاخر بتمايز وعنصرية (كون البعض ابناء اماء) يمكن تأشير سبب الخلاف الرئيسي:
- السلطة والحكم وتقسمها بين الامراء والعوائل التي تنتمي الى "ال سعود"، وما يشعر به البعض من غبن وظلم في عدم حصوله على اي جزء من الكعكة، وهو ما فاقم العداء والخلاف فيما بينهم الى درجة كبيرة.
- الاموال الطائلة والصفقات المشبوهة التي تتم بالخفاء، ويجري التنازع عليها فيما بين الامراء وكبار قادة الدولة، من خلال الاستثمارات الاجنبية والعقارات وصفقات النفط والسلاح وغيرها، والتي كانت سبب اخر للعداء بين التيارات الرئيسية داخل العائلة المالكة.
- وجود اكثر من جناح ناشط (معارض ومؤيد) للسياسية الداخلية والخارجية التي تتبعها المملكة العربية السعودية، في ظل عدم وجود رؤية استراتيجية واضحة للسياسة العامة للمملكة، وهو ما يتضح من خلال جملة من التناقضات في علاقاتها الخارجية (دعم السيسي ضد الاخوان والتراجع لاحقا عن ضرب الاخوان، اضافة الى تأزم العلاقة مع قطر والولايات المتحدة)، وحتى على المستوى الداخلي (هناك امراء رفضوا عاصفة الحزم ولم يؤيدوا توجهات محمد بن سلمان في ضرب اليمن).
محمد بن سلمان كان بحاجة الى "عاصفة الحزم" ليغير جميع المعادلات، وكرس الحكم له على حساب الجميع قبل ان تفوته فرصة ذلك كما فاتت الفرصة على سلفه "متعب"، وعندما تعلو طبول الحرب لا تسمع الاصوات الاخرى، والسعودية الان في حالة حرب ضد اليمن، والهدف اعادة الشرعية والقضاء على المتمردين، اما كيفية تحقيق ذلك فهذا امر اخر، قد يكون سلمان ومن معه قد تورطوا في ذلك، بعد ان تخلت باكستان ومصر وتركيا عن مساندتهم في الذهاب الى الحرب البرية، ولم يبق امامهم سوى الحرس الوطني السعودي في مجابهة الحوثيين، والجميع يعلم انها مقارنة غير عادلة، وقد تكلف المملكة اكثر مما توقع هذا الشاب، بعد ان دخلت الحرب منعطفا خطيرا لا يمكن الرجوع عنه بسهولة، سيما وان المتربصين لمحمد بن سلمان في الداخل السعودي اكثر من المتربصين له في الخارج.
اضف تعليق