الانسان، او المحتوى الداخلي للانسان، هو الاساس لحركة التاريخ. وحركة التاريخ، بل التاريخ، هو حركة الامة او الإنسان في الزمان والمكان. ويمثل المحتوى الداخلي للانسان الصورة المستقبلية التي تسعى حركة الانسان الى تحقيقها في الواقع، وعليه، يكون المستقبل هو المحرك لاي نشاط تاريخي للمجتمع...
الانسان، او المحتوى الداخلي للانسان، هو الاساس لحركة التاريخ. وحركة التاريخ، بل التاريخ، هو حركة الامة او الإنسان في الزمان والمكان. ويمثل المحتوى الداخلي للانسان الصورة المستقبلية التي تسعى حركة الانسان الى تحقيقها في الواقع.
وعليه، يكون المستقبل هو المحرك لاي نشاط تاريخي للمجتمع. علما بان المستقبل غير موجود فعلا في الخارج، في اللحظة الراهنة، انما هو ذو وجود ذهني فقط. انه موجود في ذهن الانسان الذي يؤمن به. وعليه يكون الوجود الذهني للمستقبل هو الحافز والمحرك والمدار لحركة المجتمع التاريخية.
ويتالف الوجود الذهني للمستقبل من عنصرين هما:
العنصر الاول، الفكر، وهو التصورات التي يحملها ويؤمن بها الانسان عن الهدف المستقبلي.
العنصر الثاني، الارادة، وهي الطاقة الحركية التي تحفز الانسان وتدفعه للحركة باتجاه هذا الهدف.
وبالامتزاج بين الفكر والارادة تتحقق فاعلية المستقبل ومحركيته للنشاط التاريخي (للانسان الفرد والمجتمع) على الساحة الاجتماعية.
الفكر والارادة يؤلفان المحتوى الداخلي للانسان الذي هو اساس حركة التاريخ.
الانسان الحضاري
لا تقوم الدولة الحضارية الحديثة الا بوجود الانسان الحضاري. فالإنسان هو اللبنة الاولى في هذه الدولة.
والانسان الحضاري هو ذلك الشخص الذي يتحلى بالقيم العليا الحاكمة لسلوكه وتصرفاته مع عناصر المركب الحضاري الخمسة، وهي: الانسان والطبيعة والزمن والعلم والعمل. هذه القيم تجعل الانسان إيجابيا، منتجا، فاعلا ينطبق عليه وصف المواطن الفعّال.
الانسان الحضاري مواطن فعال. وتتجسد فعاليته بالتزامه بمنظومة الحقوق والواجبات، وروحه الإيجابية التعاونية، وانخراطه في روابط طوعية مع الاخرين.
يتم بناء شخصية الانسان الحضاري من خلال المحتوى الداخلي له، والذي ينعكس على شكل تصرفات وانساق سلوكية ومواقف وعلاقات مع الطبيعة ومع الانسان. ويتألف المحتوى الداخلي للانسان الحضاري من فكرة وارادة. فإما الفكرة فهي الدولة الحضارية الحديثة وما يتفرع منها ويرتبط لها من قيم ومفاهيم. واما الارادة فهي الطاقة الروحية والعزيمة الواعية التي يخلقها الايمان في شخصية الانسان الحضاري. ويشكل هذا كله البعد المستقبلي في شخصية الانسان الحضاري. فمما يميز الانسان الحضاري عن الاخر المتخلف هو ان الانسان الحضاري ينظر الى المستقبل ويتطلع اليه ويتحرك نحوه ولا ينظر الى الماضي الا بقدر ما يساعده على فهم الحاضر ويحفزه نحو المستقبل.
مرحلتان
تمر صناعة الانسان الحضاري بمرحلتين هما: مرحلة ما قبل قيام الدولة الحضارية الحديثة، ومرحلة ما بعد قيام الدولة الحضارية الحديثة.
في المرحلة الاولى تتم صناعة الانسان الحضاري بجهد فردي ذاتي بحت. وهذه هي الخطوة التي لا تسبقها خطوة. يقوم اشخاص انتقلوا ذاتيا الى مرحلة الوعي الحضاري بتربية انفسهم وتثقيفها عبر "التثقيف الذاتي"، رغم تخلف مجتمعاتهم، لكي يجعلوا من انفسهم قادة التغيير الحضاري لمجتمعاتهم. هؤلاء هم الاباء المؤسسون للدولة الحضارية الحديثة. ولا يشترط ان يكون عدد هؤلاء كبيرا، فقد يكفي ان يكون العدد في العراق ١١٠٠شخص من الجنسين.
وفي المرحلة الثانية، بعد ان تقوم الدولة الحضارية الحديثة، تأخذ الدولة على عاتقها عبء تنشئة مواطنيها تنشئة حضارية من خلال المنظومة التربوية لمدارسها.
اضف تعليق