أثار فوز الديمقراطيين في مجلس النواب للانتخابات النصفية للكونجرس الأمريكي، طائفة من الأسئلة حول مستقبل الرئيس دونالد ترامب، علماً بأن الأغلبية في مجلس الشيوخ لا تزال بيد الحزب الجمهوري، فهل سيكون بإمكانه الفوز مجدداً لولاية ثانية عام 2020، وإذا كانت قد ارتبطت باسم عدد من رؤساء الولايات المتحدة...
أثار فوز الديمقراطيين في مجلس النواب للانتخابات النصفية للكونجرس الأمريكي، طائفة من الأسئلة حول مستقبل الرئيس دونالد ترامب، علماً بأن الأغلبية في مجلس الشيوخ لا تزال بيد الحزب الجمهوري، فهل سيكون بإمكانه الفوز مجدداً لولاية ثانية عام 2020؟
وإذا كانت قد ارتبطت باسم عدد من رؤساء الولايات المتحدة وسياساتهم وخططهم الاستراتيجية مبادئ معينة طبعت فترة تولّيهم للرئاسة، فإن مبدأ ترامب ما زال في طور التبلور وفي فترة الاختبار، علماً بأن أطروحاته صادمة للكثير من الأوساط، إلا أنها لقيت تأييداً داخلياً دون أن يعني ذلك عدم وجود معارضة شديدة لها من الديمقراطيين وبعض الجمهوريين، إلّا أنها واجهت صعوبات كبيرة على المستوى الدولي.
ومنذ الحرب العالمية الثانية يمكن القول إن مجموعة من المبادئ والمشاريع عُرفت باسم الرؤساء الأمريكان، وبالطبع فقد اختلفت تلك المبادئ طبقاً لتوازن القوى على المستوى الدولي، وخصوصاً بعد انتهاء عهد الحرب الباردة والإطاحة بالأنظمة الشمولية في شرق أوروبا وتحلّل الاتحاد السوفييتي، وفيما بعد مواجهة ما سمي ب«الخطر الإسلامي» و«الإرهاب الدولي».
لقد عرف العالم مبدأ ترومان الموسوم ب «القوة الضاربة»، ثم جاء مبدأ آيزنهاور الذي يدور حول نظرية «ملء الفراغ»، واعتمد نيكسون استراتيجية «دركي بالوكالة»، التي بلورها هنري كيسنجر ومن بعده بريجنسكي، أما مبدأ كارتر، فقد ارتكز على نظرية «التدخل العسكري السريع» باستثمار سياسة الانفراج الدولي وفي غمرة ارتفاع شعارات «حقوق الإنسان» التي استمرّت إلى عهد ريغان حيث تبنّى استراتيجية «التوافق الاستراتيجي مع الحلفاء» ولاسيّما بإطلاق سباق التسلّح فيما عُرف ب«حرب النجوم»، التي كانت أحد أسباب انهيار الاتحاد السوفييتي.
أما جورج بوش الأب فقد اعتمد على «استراتيجية استخدام القوة المباشرة» وامتدت إلى عهد كلينتون وإنْ خفّض من سقفها بسياسة الاحتواء، لكن جورج بوش الابن استمر عليها بعنف وكان من نتائجها احتلال العراق وأفغانستان، وظلّت استراتيجية أوباما تقوم على عدم التورّط في حروب جديدة، خصوصاً بعد «المستنقع العراقي»، علماً بأنه لم يول اهتماماً كبيراً للسياسة الخارجية، ولكنه حاول تهدئة بعض البؤر المتوترة، بعقد صفقة مع إيران، سرعان ما نقضها خليفته ترامب.
أما مبدأ ترامب فهو يقوم على خمسة أركان هي:
*الركن الأول - أمريكا والعالم، وهو سياسة اتّبعها لفرض هيمنة واشنطن على العالم، بما فيها الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، وكان العديد من توجهات ترامب مناقضاً لما كانت الولايات المتحدة تعتمده دولياً، مقلّصاً من الدعم المالي الأمريكي لبعض المنظمات والهيئات، وأبرز مثال على ذلك هو موقفها من «الأونروا».
*الركن الثاني - أمريكا والحلفاء، يعتمد على إجراء مراجعة جذرية لعلاقات واشنطن مع حلفائها التقليديين، ولاسيّما في حلف شمالي الأطلسي (الناتو)، وكان ترامب قد وجّه نقداً للحلف وسياساته وتوجهاته الراهنة، وذلك في محاولة لإعادة النظر بالأعباء المالية المتعلقة بالأطراف جميعها فيما يتعلق بالدفاع.
*الركن الثالث- أمريكا والعلاقات التجارية، وذلك ابتداء من إعادة النظر في بعض الاتفاقيات التجارية إلى جعلها أولوية في مجمل سياسة واشنطن مثل معاهدة منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا- Nafta) والاتفاقية التجارية مع كوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي، والاتفاقيات التجارية مع الصين، وفرض عقوبات على روسيا بسبب ضمها شبه جزيرة القرم إليها ومواقفها من أوكرانيا، كما رفضت واشنطن اتفاقية باريس للتغييرات المناخية، والحجة هي مصالح الولايات المتحدة التي تضرّرت.
*الركن الرابع- أمريكا والشرق الأوسط، وهي من أكثر مناطق العالم توتراً واحتقاناً، فضلاً عن انتشار العنف والإرهاب فيها على نحو لا مثيل له، وما زالت القوات الأمريكية موجودة في أفغانستان وفي العراق كذلك، بالرغم من انسحابها منها في عهد أوباما (نهاية العام 2011) لكن بعض هذه القوات، ولاسيّما مئات من الخبراء وآلاف من الجنود عادوا مجدداً إلى العراق خلال حرب قوات التحالف ضد داعش في العراق(2014)، كما أصبح لواشنطن موطئ قدم في سوريا بتحالفها مع القوى الكردية وقوى أخرى، وتريد أن يكون لها حصة في مستقبل سوريا، خصوصاً في ظلّ الحضور الروسي والإيراني والتركي.
وكان نقل السفارة الأمريكية إلى تل أبيب والحديث عن «صفقة القرن» لتسوية القضية الفلسطينية من صلب التغييرات في ملف الشرق الأوسط، حيث يعتبر الرئيس الأمريكي ترامب الأكثر تطرفاً في دعم «إسرائيل» والدفاع عن انتهاكاتها للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن بما فيها تلك المتعلقة بالاستيطان، ولاسيّما القرار 2334 لعام 2016.
*الركن الخامس -أمريكا وإيران التي تعتبرها واشنطن منبع الإرهاب، لذلك دعا لتشديد العقوبات عليها، وقد ابتدأت فعلياً عند مطلع الشهر الجاري (نوفمبر/ تشرين الثاني) منتقداً إدارة الرئيس أوباما في تراخيها لمنع إيران من تطوير ترسانتها النووية، ولا يخفي ترامب استراتيجيته في تغيير النظام الإيراني، من خلال العقوبات والضغط من الخارج وتشجيع أعمال المعارضة الداخلية.
اضف تعليق