في زمن العجائب، زماننا، وفي بلد الغرائب، عراقنا، ليس غريباً أن تصبح "ثلاجة" رمزاً وطنياً، فاختلاف الموازين في هذا البلد، جعلت "ثلاجة" ناجح الميزان رمزاً "للشرف الرفيع الذي لم يسلم من الأذى".
منذ سقوط الطاغية عام 2003، وما نتج عنه من إحتلال دول التحالف للعراق، تحت غطاء الشرعية الدولية، بدأت حمى التصريحات الإعلامية –السياسية منها خاصة- تجتاح وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، وهي باختلاف مسمياتها وعناوينها، كان ومازال صداها يأخذ حيزاً كبيراً في فكر المتلقي العراقي، باختلاف ثقافته، وانتماءه، وميوله الشخصي، حتى أن كثيراً منها قد تجاوز حدود الأدب والمنطق، ليعبر أحيانا عن مصالح سياسية، فردية كانت أم حزبية، أم مدفوع الثمن، لتوجيه الرأي العام حول قضية معينة، والتغطية على قضية اخرى.
إن احتلال ما يسمى بالدولة الاسلامية في العراق والشام لمدينة تكريت في حزيران 2014، ومعاناة أهلها من الظلم والتهجير، واعتداء على الاموال العامة والخاصة، وقتل النفس التي حرم البارئ الا بالحق، قد فتح الباب على مصراعيه أمام لعبة التصريحات السياسية، والتي تنوعت بتنوع أصحابها، فمنها الطائفية، أطلقها أصحاب الفتنة التي مازالت نارها مستعرة ليومنا هذا، ومنها القومية، التي يحلم أصحابها بماضٍ لن يعود إلا في أذهانهم الرجعية، ومنها المنفعية والتي أصبحت أسهل مصدر رزق غير شرعي لبعضهم خاصة السياسيين.
ومن أغرب التصريحات التي يتداولها الشارع العراقي هذه الايام، هو تصريح ناجح عباس الميزان، حول "الثلاجة" التي اتهم فيها أبناء الحشد الشعبي بسرقتها من أحد منازل مدينة تكريت، في محاولة منه لخلط أوراق، وتزييف حقائق، ومساس بكرامة أبنائنا الذين أثبتوا شجاعتهم وولائهم وانتمائهم الوطني، في مواجهة ثلة من القتلة المرتزقة.
وكأن "الثلاجة" المزعومة أصبحت، في ليلة وضحاها، عنواناً للشرف، ورمزاً من رموز الوطنية، التي سيبذل ناجح وأمثاله الغالي والنفيس من أجل استردادها، وإعادتها لإصحابها، (مثلما أظهر بطولاته، وشجاعته الفائقة، في استعادة مدينة تكريت).
اليوم "ثلاجة" وماذا غداً؟!
"تلفزيون"؟!
أم "مبردة"؟!
هو بلد الغرائب فعلاً، بلد تحترم فيه "الثلاجة"، ويهان فيه الإنسان.
وهذا مصداقٌ من مصاديق "القسمة الضيزى" بعينها.
اضف تعليق