بعد الاعلان عن فوز العراقية الايزيدية، نادية مراد بجائزة نوبل للسلام، لهذا العام، قرات على صفحات التواصل الاجتماعي، عدد غير قليل من التعليقات والاراء التي تناولت الحدث من زوايا مختلفة. ومن بين ماقرات، وهو ما استوقفني، ان هذه الجائزة، اريد منها ادانة المسلمين...
بعد الاعلان عن فوز العراقية الايزيدية، نادية مراد بجائزة نوبل للسلام، لهذا العام، قرات على صفحات التواصل الاجتماعي، عدد غير قليل من التعليقات والاراء التي تناولت الحدث من زوايا مختلفة. ومن بين ماقرات، وهو ما استوقفني، ان هذه الجائزة، اريد منها ادانة المسلمين، بعد تعريف العالم بواحدة من اكبر فجائع العصر، المتمثلة بمافعله داعش الارهابي بالايزيديين، على خلفية احتلاله لبلدة سنجار، وقتل الكثير من الرجال والاطفال وسبي النساء، وغيرها من الفظائع التي سوقت على انها تعكس ثقافة الاسلام. وبعيدا عن أي اعتبارات اخرى رافقت منح الجائزة، نرى ان نادية مراد استحقت الجائزة عن جدارة، وان قضية الايزيديين، سيتوقف عندها التاريخ طويلا، ولكن ليس من مدخل الجائزة التي ستكون مسألة جانبية، بازاء القضية الاكبر، المتمثلة بمحنة هؤلاء الناس الذين وجدوا انفسهم ضحايا لعبة دولية كبرى، جاءت في مرحلة عاصفة من تاريخ المنطقة، وان ماحصل لهم لايمكن اختزاله برغبة مجموعة من الوحوش، وجدوا الايزيديين مختلفين عنهم ثقافيا، وفعلوا بهم ما فعلوا.
لقد كان لاحتلال داعش بلدة سنجار، بعد سقوط الموصل بشهرين تقريبا، أي في اب من العام 2014 تداعيات دراماتيكية، شغلت العالم الذي لم تقتصر متابعته على مايفعله الدواعش في المدينة، وانما ايضا بالهاربين الذين علقوا في جبل سنجار الشهير، او الذي اصبح شهيرا بعد تلك الواقعة التاريخية. اذ كان منظرهم يستفز المشاعر، وسؤال واحد صار يطرحه كل من كان يشاهد هؤلاء الضحايا، هو اين الآلة الجبّارة للكبار في العالم، العسكرية منها والمدنية على حد سواء، وهل حقا ان تلك الشرذمة المجرمة قادرة على تحدي قدرات الدول الكبرى وتحديدا اميركا، ان ارادت التدخل لانهاء معاناتهم؟! .. لقد تحول جبل سنجار الى لوحات فنية رسمها فنانون كثيرون، تحكي تلك الماساة، لكن احدا من زعماء الدول الكبرى، لم يكلف نفسه العمل على انتشالهم من ذلك المكان الذي علقوا به، وصارت المؤن تلقى اليهم بواسطة الطائرات. والسؤال الاخر الذي طرح نفسه، هو ماذا لو كان هؤلاء من مواطني تلك الدول؟!.
وفي عودة الى محاولة تسويق فكرة ادانة المسلمين، نقول، لو تركنا التاريخ البعيد واشكالاته التي عاشتها معظم شعوب العالم، حيث الحروب والغزو وغيرها من الافعال التي يتحملها منطق القرون القديمة. فان شعوبنا تعايشت على هذه الارض بسلام، وان دولنا التي يمثل المسلمون غالبيتها، تعايش فيها المسلم والمسيحي واليهودي وغيرهم من ابناء الاديان والطوائف المختلفة. وظل عنوان الصراع السياسي فيها مدنيا .. احزاب يسار ويمين وامثالها ..وانظمة ملكية وجمهورية .. الخ ولم يعرف تاريخ المنطقة الحديث والمعاصر، نزاعا دينيا كبيرا .. ربما كانت هناك بعض الحوادث المتفرقة التي تحصل في مختلف بلدان العالم. لكن ماحصل للمنطقة منذ نحو ثلاثة عقود، يدعونا الى قراءة الاجندة الكبيرة التي اعدت في دهاليز المخابرات الدولية، وسوّقت من خلال تنظيمات ارهابية لاتمثل السواد الاعظم من الناس ولاتعبر عن تطلعاتهم في الحياة .. اذن كيف انشئت وماالهدف من انشائها، ولمصلحة من صبت افعالها بالنتيجة؟ .. هذه هي الاسئلة الكبيرة، التي سيجيب عنها المستقبل، حين يكتب عن تاريخ هذه المنطقة، ويستحضر واقعة سنجار وخفاياها .. ومن هنا، فان محاولة ادانة المجتمع الاسلامي، من خلال تقديم داعش، بصفتها صورة اصيلة عنه، لاتعدو كونها لعبة اعلامية، وان المدانين الحقيقيين هم الذين عصفوا باطمئنان منطقتنا، من خلال هذه الشراذم وتمكينها من تنفيذ ما فعلته بنا جميعا وليس الايزيديين وحدهم، لان الحقائق ستظهر حتما .. ولو بعد حين!.
اضف تعليق