دعم إيران للمجموعات المسلحة في عدد من البلدان العربية بإعتقاد واشنطن وحلفائها الإقليميين لا يقل خطورة عن الملف النووي الإيراني، حيث الصراع على النفوذ والسيطرة الإقليمية بين مجموعة دول شائكة الحسابات والتعقيد، إذ تساهم المجموعات المسلحة الشيعية بنظر واشنطن بتثبيت تواجد طهران السياسي والأمني في...
يحتدم الجدل هذه الأيام على التنافس الشائك بخصوص عملية تشكيل الكتلة الأكثر عدداً (الكتلة الأكبر) داخل البرلمان العراقي، لغرض تشكيل الحكومة العراقية لعام 2018 – 2022، ومسألة دعم إيران وبإشراف مباشر من حزب الله اللبناني لمجموعات مسلحة شيعية عراقية تعمل لأهداف سياسية وأمنية إيرانية في العراق وسوريا واليمن.
يتزامن ذلك مع نشر الإعلام الأمريكي إعترافات الشيخ قيس الخزعلي زعيم جماعة عصائب أهل الحق العراقية، التي كشفت حقائق جديدة حول دعم طهران للجماعات الشيعية في العراق بعد عام 2003، إذ أشارت صحيفة وول ستريت جورنال: "إن تقارير الاستجواب الأمريكي التي رُفعت عنها السرية مؤخراً تُسلّط الضوء على واحدة من المجموعات الشيعية التي إنشقت من جماعة جيش المهدي بقيادة مقتدى الصدر، وكشفت عن دور إيران في تدريب المليشيات العراقية التي هاجمت القوات الأمريكية، بالرغم من أن هذا الموضوع ليس جديدا لكنه يثير أكثر من علامة استفهام خلال هذه الفترة بالتحديد كونه يأتي مباشرة بعد تشديد العقوبات الأمريكية على إيران كإجراء ضاغط بعد خروج واشنطن من الإتفاق النووي الموقع مع طهران قبل أشهر.
دعم إيران للمجموعات المسلحة في عدد من البلدان العربية بإعتقاد واشنطن وحلفائها الإقليميين لا يقل خطورة عن الملف النووي الإيراني، حيث الصراع على النفوذ والسيطرة الإقليمية بين مجموعة دول شائكة الحسابات والتعقيد، إذ تساهم المجموعات المسلحة الشيعية بنظر واشنطن بتثبيت تواجد طهران السياسي والأمني في عدد من الدول على حساب حلفائها العرب والإسرائيليين، حيث تنشط مجموعات شيعية في العراق، إذ أن تاريخ المواجهة والإستهداف المباشر بين الطرفين حاضرا في الخطاب التهديدي.
وقد استعملت فعليا قسم من هذه المجموعات السلاح ضد التواجد العسكري الأمريكي وإلى جانب أهدف أخرى بعد ذلك كحمل السلاح ضد تنظيم داعش وتتواجد بصورة مستمرة إلى جانب مجموعات شيعية أخرى أبرزها حزب الله وأخرى من باكستان وأفغانستان في سوريا لدعم نظام بشار الاسد الحليف الأساس لطهران، وعززت هذه المجموعات نفوذها على الأرض العراقية عبر الدخول بتحالف سياسي في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة تحت عنوان (الفتح) الذي هو الآخر يخوض حراكا بمعاونة تكتل دولة القانون وبدعم مباشر وقوي من طهران.
في حين تقف واشنطن عبر مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية بريت ماكغورك كجولات مراثونية لتوجه سياسي مقابل عبر دعم تكتل النصر والقوائم القريبة منه كتحالف سائرون والحكمة والوطنية وآخرون، ورجح مراقبون أن تؤدي الخطوة الأمريكية إلى تعكير المشهد السياسي في بغداد، حيث يتنافس هادي العامري وقيس الخزعلي على السلطة مع قادة سياسيين شيعة آخرين بينهم حيدر العبادي وعمار الحكيم ومقتدى الصدر الذي فاز تحالفه (سائرون) بالمركز الأول في الانتخابات في الـ12 من مايو الماضي بواقع 54 مقعدا برلمانيا، في حين حصلت قائمة الخزعلي في تلك الانتخابات على نحو 15 مقعدا برلمانيا ضمن تحالف الفتح بواقع 42 مقعدا برلمانيا.
وعليه يأتي هذا الإهتمام الأمريكي لأهداف جيوسياسية لا تخرج عن سياق توجه إدارة ترامب بإنهاء نفوذ إيران في المنطقة، ويبدو ذلك ضمن أهداف الإستراتيجية الأمريكية الجديدة إتجاه طهران، وهناك توجه مباشر بمحاصرة أذرع إيران عبر وسائل مختلفة منها الكشف عن التقارير المخابراتية كما حدث عبر كشف واشنطن عن التقارير السرية الخاصة بقيادات من جماعة عصائب أهل الحق العراقية، وجعل المؤسسة العسكرية والأمنية بعيدة عن الشخوص الموالية لهذه المجموعات، كما حصل في قرار رئيس الوزراء حيدر العبادي بإقالة فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي، ومستشار الأمن الوطني المتوجه سياسياً في الفترة الأخيرة إتجاه تحالف الفتح بقيادة هادي العامري.
وربما ستستمر القوات الأمريكية بتوجيه الضربات العسكرية لهذه المجموعات وإخراجها من مناطق سيطرتها عسكريا في العراق وسوريا، كمرحلة تكميلية لمراحل سابقة لما بعد الخروج من الإتفاق النووي كمحاولة مباشرة للضغوط على إيران في تطويق نفوذها الإقليمي.
اضف تعليق