لقد تمكن أهالي الأحساء في يوم 4 مارس 2011، من تسجيل موقف تاريخي، ليكونوا ضمن الشعوب الحية العاشقة للحرية والكرامة، وتحقيق إرادة التغيير والمطالبة بالحقوق، والتظاهر والاحتجاج بشكل سلمي وحضاري، لحياة كريمة وللمساهمة الحقيقية في بناء الوطن واعماره وتطوره.

في يوم الجمعة 4 مارس 2011م، أنفجر البركان الشعبي في الأحساء من خلال نزول المئات من الشباب الرافض للظلم والاستبداد والفساد والخضوع والخنوع، ليعلن للجميع انه يتسلح بالشجاعة والاقدام وحب الحياة والاعمار، والاستعداد التام للتضحية بالروح من أجل تحقيق إرادته ومطالبه، وإيصال صوته إلى المسؤولين في الدولة، وللوجهاء والشخصيات المقربة للسلطة، ورفضه للدور الذي يقوم به الوجهاء في التعامل مع السلطة ومع ملف المعتقلين، وبالخصوص مع الرمز القائد الداعية الحقوقي الشيخ توفيق العامر.

الصمت الإجتماعي وفساد السلطة

صمت الوجهاء والشخصيات السلبي حول إعتقال الشيخ العامر، حول سياسة محافظ الأحساء الظالمة، وسياسة السلطة في إدارة الوطن، وانتشار الفساد والسرقات وغياب العدالة الإجتماعية، وعدم وجود دور حقيقي للمواطنين بالمشاركة في اتخاذ القرارات السيادية، جعل شباب الأحساء يعيشون حالة من الضياع بين السلطة المستبدة وصمت الوجهاء، ولأجل أثبات وجودهم ورفضهم لسياسة الوصاية الإجتماعية من قبل الشخصيات التقليدية، ومن قبل السلطة، قرر الشباب في ذلك اليوم 4 مارس 2011م. وبمبادرة ذاتية، ودون تنسيق وترتيب مع أي شخصية للتحرك والتظاهر، مما شكل مفاجأة كبيرة للشخصيات والوجهاء في الأحساء الذين كانوا يظنون ان المجتمع تحت سيطرتهم وتوجهاتهم، كما شكل صدمة للسلطة بعدم تصديق ما يحدث من نزول المئات للشوارع في مدينة الهفوف العاصمة الإدارية للاحساء، حيث انطلقت المظاهرات من مسجد أئمة البقيع في شرق الهفوف، - الشيخ توفيق العامر كان إمام المسجد قبل اعتقاله -، والتوجه في مظاهرة حاشدة إلى وسط المدينة وبالتحديد مبنى الإمارة، وترديد شعارات الشعب يريد الإصلاح، الشعب يريد التغيير، الشعب يريد اطلاق سراح الشيخ توفيق، الشعب يريد العدالة والحرية، وعند باب الإمارة القديمة لامارة الشرقية مبنى محافظة الأحساء حاليا، رفع الشباب البطل صور الرمز الشيخ توفيق العامر، ثم رددوا شعار أرحل .. أرحل يا بدر، إشارة إلى محافظ الأحساء الأمير بدر بالرحيل، وقد استمرت المظاهرة ساعات محافظة على السلمية إلى عودتها مكان انطلاقها مسجد أئمة البقيع.

مظاهرات سلمية، والسلطة مصدر العنف

أهالي الأحساء حافظوا على سلمية التظاهر والاحتجاج 4 مارس طوال تلك الفترة، ولم يحدث اي إعتداء أو تخريب أو فوضى، وهذا يدل على وعي ورقي المجتمع وسلميته، وعلى حسن الترتيب والتنسيق وإدارة التظاهر، وإيمانه بشرعية مطالبه الوطنية، وان هدفه هو الإصلاح وإعمار الوطن. ونتيجة عدم تدخل الجهات الأمنية - المصدومة مما تراه حيث أكتفت بالمراقبة والتصوير ونقل الحدث إلى الرياض مباشرة - حافظت المظاهرات على السلمية ولم يسقط اي شهيد أو يحدث اي فوضى، وهذا دليل على أن الفوضى وسقوط جرحى وشهداء يأتي نتيجة تدخل الجهات الأمنية القمعية، والجهات الأمنية لا يمكنها اللجوء للقبضة الأمنية والنيل من النشطاء الأحرار والشرفاء إذا كان المجتمع متحد (يد واحدة) والشخصيات والرموز في المجتمع تقف مع الحق والعدالة والمطالبة بالإصلاح الشامل أي مع النشطاء الأحرار.

لماذا يوجد عدد من النشطاء الأحسائيين في زنزانات الإعتقال منذ مارس 2011م ولغاية اليوم، ولماذا لم تساهم الإتفاقية بين وجهاء وشخصيات الأحساء مع السلطة التي أدت لوأد الحراك المطلبي السلمي من تحقيق أهداف المتظاهرين: الإصلاح الشامل في الوطن، الإفراج عن المعتقلين وبالخصوص الرمز الشيخ توفيق العامر، ورحيل محافظ الأحساء؟.

وما أسباب وقوع مجزرة الدالوة في الأحساء؟.

ألا تستحق ذكرى مناسبة حادثة 4 - 11 مارس التاريخية التي سيكون لها آثار مستقبلية - لأنها تجربة سيستفيد منها المجتمع -، التفاخر بها وبالشباب الأحرار الذين شاركوا فيها وتعرضوا للاعتقال لانه حدث ويوم تاريخي، والعمل الدؤوب من قبل الجميع للافراج عنهم وتعريف العالم ببطولاتهم ومظلوميتهم؟.

تحية شكر لأبطال الأحساء الذين شاركوا في التظاهر وللمعتقلين، ولكل من تضامن مع المعتقلين وعوائلهم، ومن تمسك بقيم ومبادئ النهضة لتحقيق إرادة التغيير الشعبية - الإصلاح الشامل - رغبة في حياة كريمة ومستقبل أفضل، .. والتغيير قادم.

وللحديث تتمة...

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق