الحاج مصطفى منذ سنين وهو يتنقل بين بيوت الإيجار، مع عائلة كبيرة، كان حلمه الكبير أن يحصل على بيت صغير ملك يستقر فيه، وقد كان متيقنا أن زمن صدام لن يعطيه حلمه، فكان يصبر وينتظر عسى أن يزول صدام وتحصل اشراقة لعهد جديد ينصف فيه المحرومون، وكان نيسان من عام 2003 شهر قطف ثمار الصبر، فهاهو صدام ونظامه يزولان، ويرتفع سقف الأحلام، خصوصا أن الحكام الجدد وعدوا الشعب بالرفاهية وإعادة الحقوق، وأصبح الحاج مصطفى تواقا لتحقيق حلمه القديم بان يكون له بيتا صغيرا.
وحصلت الصدمة، فقد خاب ظن الحاج مصطفى كما حصل لجميع أهل العراق! حيث تحول العهد الجديد الى عهد مشابه لعهد صدام، فقد كذب الساسة ولم يهتموا بمشاكل الشعب وبقي السكن والصحة والخدمات والتعليم والبطالة في أدنى مستوياتها، وبقي الحاج مصطفى يتنقل في بيوت الإيجار مع ارتفاع الأسعار ومحدودية الدخل في زمن لا رحمة فيه للفقير.
أزمة السكن أصبحت كابوس يطارد العراقيين، فهي موجودة من عهد الطاغية صدام والى عهد الساسة الجدد، لا بل الجدد عمدوا لتجاهلها والعمل على سحق المواطن العراقي فقط لديمومة حكمهم فهم طبقوا دروس صدام بالعهد الجديد.
نحاول هنا أن نفهم طبيعة الواقع الحالي وكيف يتم تفسيره، من خلال بعض الآراء من المواطنين:
● الحلم والكابوس الحكومي
التقينا بالمواطن ماجد نوري (من أهالي مدينة الصدر) وسئلنا عن النقاش الموضوع فقال: كان حلم جميل أن يصبح لي بيت خاص بي بعد أن زال صدام، حيث أدرك العراقيون أن نظام صدام لا يهتم بمشاكل المواطن بل كل ما يهمه بقائه في كرسي الحكم، وانتظرنا وصبرنا الى أن زال صدام وانتهت أيامه، وتأملنا خير بان تتحقق أحلامنا في عهد الديمقراطية وخصوصا أن اغلب الأحزاب الحاكمة دينية وتوقعنا الخير الكثير، لكن مع استمرار السنوات الديمقراطية ولم يتحقق شيء بل الحياة أصبحت أكثر قسوة، وتحولت أحلامنا الى كوابيس لعينة تطاردنا فيما بقي من عمرنا التعيس في هذا البلد الذي هدرت فيه كرامتنا وضيع الحكام فيه حقوقنا.
ويضيف المواطن ناجي البهادلي (من أهالي منطقة حي أور): العراقيين أحلامهم بسيطة جدا لا تتعدى فقط الحصول على حقوقهم، وهي السكن والتعليم والخدمات والصحة، وهذه الأمور متوفرة فيبلدان العالم التي تحكمها أنظمة عادلة فيصبح الإنسان أهدافه اكبر، لان حقوقه متوفرة، وهكذا نجد المواطن الغربي أو التركي أو الإيراني يبدع، أما في العراق فالمواطن يدور في حلقة ضياع حقوقه، حيث تعمد نظام صدام تضييع حقوق الإنسان العراقي كي يتيه ويصبح من اليسير دوام حكمه، وهو ما تحصل عليه صدام.
وفي عهد الحرية والديمقراطية تحولت الأحلام الى كوابيس، لقد تمسك الحكام الجدد بنهج صدام في عملية سحق المواطن العراقي فاستمر تضييع الحقوق.
● سبب المصيبة الأحزاب
كان لنا جلسة مع عجوز طاعن في السن في احد أطراف منطقة الولداية المتعبة، حيث يسكن هناك أغلبية فقيرة مسحوقة، فسألته عن بيته، فقال: أنا اسكن في خربة من الصفيح وبإيجار شهري لصاحب الخربة، سأغادر الحياة ولم أحقق حلمي في الحصول على بيت ملك لي ولعائلتي، وهذا ما حصل لأبي أيضا، فقد أورثني الفقر والإيجار، الحقيقة كل يوم العن واشتم الأحزاب الحاكمة كما كنا نشتم صدام بالأمس فكلاهما وجهان لعملة واحدة، وكلاهما تسبب بالفقر وضياع حقوقنا، أتمنى الموت اليوم قبل الغد للخلاص من هذا البلد الظالم لأهله.
ويضيف عامر الكناني (وهو من أهالي منطقة الكفاءات): اشعر بحزن عندما أشاهد العوائل في مناطقنا وهي تتحسر على بيت صغير يحفظ كرامتها، أشاهد الكثيرون وهم يتنقلون في بيوت الإيجار، مع ارتفاع الأسعار ومحدودية الدخل، لقد كذب الساسة كثيرا على الشعب، فلا مدن أحلام ولا توزيع للأراضي، وكذبة مليون وحدة سكنية ما زالت طرية في ذاكرتي، كان هم الأحزاب فقط أن تسرق أصواتنا وتتسلق كرسي الحكم، وبعدها فليذهب الشعب الى الجحيم، وهو ما حصل فحياتنا أشبه شيء بالجحيم، نعم أن مصائب الأمة من هذه الأحزاب، التي استولت على الحكم، ولم تفكر ولا للحظة في إعطاء الشعب حقوقه.
في الختام:
نتمنى أن تصحوا ضمائر الساسة ولو لمرة واحدة، وتنتبه لعظيم جنايتها بحق الشعب العراقي، عبر فشلها المخزي في حل مشكلة السكن، وان تصحح الوضع عبر ثورة في البناء وفق خطط تنهي أزمة السكن نهائيا.
اضف تعليق