١/
إِلى متى يبقى العراقيُّونَ ضحايا نزواتِ السياسيِّين وهدفاً لمشاريعهِم الشَّخصيَّة والحزبيَّة؟!.
إِلى متى يبقى البلدُ على كفِّ عفريتٍ تتقاذفهُ أَمواج الصِّراعات الحزبيَّة والعائليَّة وأَحلام [القائِد الضَّرورة] التي تتغيَّر وتتبدَّل بين ليلةٍ وضُحاها حَسْبَ الطَّلب والأَوامر التي تُملى عليه بُكرةً وأَصيلاً؟!.
إِلى متى يبقى الوطنُ ومستقبل أَجيالهُ وخيراتهُ وحدودهُ ثمناً لسماسِرة السَّاسة ولعبة الابتزاز التي يلجأُون إِليها لابتزازِ بعضهِم على حسابِ السُّلطة؟!.
لو كان الدُّستورُ هو الحاكم والقانون هو سيِّد الموقف لما حصل كلَّ هذا!.
ولو كان القضاءُ في البلدِ مُستقلاً ونزيها يعاقبُ الفاسد والفاشل ولا يسمح للسِّياسي، أَي سياسي، أَن يقود البلاد إِلى المجهولِ بسببِ نزوةٍ أَو حلُمٍ مريضٍ أَو حساباتٍ غَير دقيقةٍ لما تكرَّر المشهدُ بَيْنَ الفَينَةِ والأُخرى!.
كلُّ واحِدٍ منهم يتصوَّر أَنَّ الوطن قطيعةٌ لَهُ ولمُحازبيهِ وأَنَّ مصيرهُ شأنٌ خاصٌّ له كامل الحُريَّة في التصرُّف به متى وكيفَ وأَنّى يشاء! لا دَخَلَ لأَحدٍ بذلك! فلهُ حقُّ خرق السَّفينة متى ما أَرادَ ذلك!.
هل ينكرُ أَحدٌ أَنَّ الحَرْبَ الظَّالمة والعُدوانيَّة التي شنَّها الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين ضدَّ الجارة الجمهوريَّة الاسلاميَّة في إِيران كانت بدافع أَحلامهِ المريضة التي كانت تَعِدهُ بزعامةٍ تاريخيَّةٍ للمنطقة والعالَم العَربي؟!.
وكذا غزوهِ للجارةِ دولة الكويت وقبلها حروبهِ العبثيَّة الظَّالمة ضدَّ الشَّعب في الشِّمال والجُنوب؟!.
هل ينكرُ أَحدٌ أَنَّ الارهاب الذي احتل نصف الْعِراقِ فدمَّر كلَّ شيءٍ كان نتيجة الحسابات الخاطِئة لزُعماء وقادة [المكوِّن السُّنّي الكريم] الذين تصوَّروا أَنَّ بالامكانِ إِمتطائهِ لتحقيقِ أَجنداتهِم السِّياسيَّة ليس أَقلَّها العودةِ إِلى السُّلطةِ المُطلقة وبالتَّالي تدمير العمليَّة السِّياسيَّة الدِّيمقراطيَّة برُمَّتِها؟!.
هل ينكرُ أَحدٌ أَنَّ التَّستُّر على الفسادِ الذي كلَّف البلاد ميزانيَّتها القوميَّة لتتحوَّل إِلى أَحدِ أَكبرِ عملاء البنك الدَّولي ومن أَكثر الدُّوَل التي ينتشر فيها الفساد المالي والاداري! هو نتيجة الحلُم الكبير الذي ظلَّ يُراود مخيَّلة [القائِد الضَّرورة] عندما رفع شعار [بعد ما نِنطيها] فظلَّ مستقتلاً لضَمان [الثَّالثة]؟!.
هل يشكُّ أَحدٌ في أَنَّ المراهنة الفاشلة التي تبنَّاها رئيس إِقليم كُردستان المنتهية ولايتهُ الدُّستوريَّة! والمتمثِّلة بالاستفتاء! هي مشروعٌ شخصيٌّ وحزبيٌّ بامتياز؟! أَرادَ من خلالهِ الهروب إِلى الأَمام من مشاكلهِ العويصة معَ شُركائهِ بقيَّة القِوى السِّياسية الكُرديَّة! وكذلك لابتزازِ المركز للحصولِ على المزيدِ من الامتيازات؟!.
وغيرِها الكثير جدّاً من الأَمثلةِ والأَدلَّةِ والبَراهين!.
فإلى مَتى؟!.
٢/
إِنَّ مشروع الاستفتاء يتعارض مع الدُّستور ومع القرارات الدوليَّة التي صدرت عن مجلس الأَمن الدَّولي منذ التَّغيير عام ٢٠٠٣ ولحدِّ الآن، ولهذا السَّبب عارضهُ الجميع وكم كنتُ أَتمنّى شخصيّاً أَن يقرأ من تبنّى المشروع من القادة الكُرد الخارطة السِّياسيَّة بشَكلٍ أَدق وأَعمق من أَجل ان لا يورِّط نَفْسه بهذه الطَّريقة التي وضعتهُ بين المِطرقة والسِّندان! مِطرقة حفظ ماء الوجه عندما ينسحب من المشروع وسندان الالغاء الحتمي للفكرة! بعد كلِّ هذا الكمِّ الدَّولي والاقليمي فضلاً عن الوطني من الرَّفض المُطلق للمشروع.
لو أَنَّهم أَصغَوا إِلى رأي العراقييِّن كلِّ العراقييِّن بِمن فيهم ساسة وقادة نصف السَّاحةِ الكُرديَّة! لما اضطرُّوا لينتظروا ثمَّ يُواجهوا الرَّفض الاقليمي والدَّولي الذي وضعهم في موقفٍ حرجٍ! يُهدِّد سمعتهُم واعتبارهُم ومستقبلهُم السِّياسي والحزبي!.
قد يقولُ قائلٌ؛ وماذا بقيَ من الدُّستور بعد أَن تجاوز السياسيُّون الكثير من نصوصهِ؟!.
هذا صحيحٌ، ولكن؛ هل أَنَّ الخطأ يواجهُ بخطأٍ مثلهُ أَو أَخطر مِنْهُ؟! وهل يعني أَن نسعى لحلِّ مثلِ هذه المشكلةِ بمشكلةٍ أَكبر منها وأَخطر؟! فضلاً عن أَنَّ إِحترام الدُّستور والعمل للعودةِ إِليه لا تتمُّ بمثلِ هذهِ الطَّريقة أَبداً!.
بالاضافةِ إِلى أَنَّ الإقليم كذلك لم يقصِّر في تجاوزاتهِ على الدُّستور ولعلَّ من أَخطرِها إِلغاء العمليَّة السِّياسيَّة بالكامل وتجميد عمل البرلمان والحكومة!.
ولو أَنَّنا واجهنا كلَّ خرقٍ للدُّستور من أَيِّ شريكٍ في العمليَّة السِّياسيَّة والسُّلطة بخرقٍ آخر وأَكثر لما بقيَ حجرٌ على حَجرٍ!.
أَمّا القولُ بأَنَّ قرار الاستفتاء شأنٌ كرديٌّ أَو عراقيٌّ لا دخل للآخَرين بهِ! فهو تبسيطٌ للموضوعِ وسذاجةٌ سياسيَّةٌ بامتياز! يضحك على ذقنهِ مَن يذهب إِليهِ!.
من جانبٍ آخر، فانَّ مشروعاً بهذه الخطورة والحساسيَّة والأَهميَّة لا يمكن أَن ينفردَ باتِّخاذهِ شخصٌ واحِدٌ أَو حزبٌ واحِدٌ مهما كانت أَهميَّتهُ وموقعهُ ودورهُ فهو يظلُّ يُمثّلُ شريحة معيَّنةٍ ومُحدَّدة من المجتمع والعمليَّة السِّياسيَّة وإِلّا رجعنا إِلى نظريَّة الزَّعيم الأَوحد والقائد التَّاريخي الذي إِذا قَالَ قَالَ الْعِراقُ أَو الإقليمُ!.
أَمّا الادِّعاء بأَنَّ إِرادة من يتبنّى مشروع الاستفتاء تُمثِّل إِرادة شعب كُردستان! فأَقول؛
أَوَّلاً؛ فانَّ الوقائع تُكذِّب هذا الادِّعاء! وثانياً؛ وهل أَن قرار إِلغاء العمليَّة السِّياسية في الإقليم هوَ الآخر عبَّر عن إِرادة الشَّعب فيه؟! أَم ماذا؟!.
إِنَّ مثل هذا المشروع ينبغي على الأَقلِّ أَن يتبنّاه ممثِّلي الشَّعب الكُردي [برلمان كُردستان] فهل يمكنُ لأَحدٍ أَن يدَّعي ذلك في الحال الحاضر؟! وكلُّنا يعرف جيِّداً بانَّ البرلمان في الإقليم مُعطَّلٌ وأَنَّ الحكومة مُعطَّلة وأَنَّ العمليَّة السِّياسيَّة برُمَّتها في الانعاش! إِن لم نقُل أَنَّها نائمةٌ في قبرِها منذُ وقتٍ ليس بالقليلِ!.
لقد شهِدت الولايات المتَّحدة الأَميركيَّة أَسوءَ حربٍ أَهليَّةٍ بين الشِّمالِ والجنوبِ عندما حاول زُعماء عِدَّة وِلايات جنوبيَّة خرق الدُّستور واتِّخاذ قرار الانفصال عن الاتِّحاد من دونِ الرُّجوع إِلى بقيَّة الوِلايات التي اعتبرت مثلَ هذا القرار الفردي يضرُّ بالبلادِ كلَّها ولا يقتصر بضررهِ على الوِلايات المُنفصلة فحسْب! كما أَنَّهُ يقوِّض الاتِّحاد ويُلغي الدُّستور.
٣/
إِنَّ كلَّ مشاريع الانفصال في العالَم هي مشاريع فاشلة بامتياز آخرها إِنفصال جنوب السُّودان عن دولة السُّودان أَلأُم! حتَّى قيل أَنَّ كل مشروع إِنفصال هو مُؤامرة لتدميرِ البلاد يخطِّط لها وينفِّذها الكبار لابتلاع الدُّوَل الصَّغيرة أَو المُشاكسة!.
فما يتعرَّض لَهُ شعب الدَّولة الجديدة [دولة جنوب السُّودان] على يدِ بعضهِم من قتلٍ وذبحٍ وتشريدٍ وتهجيرٍ ونزوحٍ أَضعاف ما تعرَّض لَهُ على يدِ القُوَّات الحكوميَّة قبل الانفصال!.
قد يسرد البعض تجارب [إِنفصاليَّة] عديدة ناجحة مثل الاتحاد السُّوفياتي السَّابق ويوغوسلافيا السَّابقة وغيرِها!.
إِن سرد مثل هذهِ التَّجارب هي مَحاولة مفضوحة لخلط المفاهيم والمعاني! لتضليلِ الرَّأي العام! فانَّ مثل هذه التَّجارب النَّاجحة لا تُسمَّى إِنفصالاً أَبداً وإِنَّما تقسيماً، فعندما إِنهارت هذه الدُّوَل عادت دُوَل سابقة كان قد تمَّ ضمِّها إِلى دولةٍ ما قسراً وبالقوَّة المسلَّحة إِلى وضعِها السَّابق! كما هو الحال مع الجمهوريَّات السُّوفياتيَّة السَّابقة مثلاً أَو الدُّوَل الثَّلاث التي عادت إِلى وضعِها السَّابق بعد إِنهيار الاتِّحاد اليوغسلافي! وكذا الدُّوَل التي إِنسلخت من الامبراطوريَّة العُثمانيَّة عند انهيارها بعد الحَرْبِ العالميَّة الأُولى مطلع القرن الماضي! وكلُّ ذلك بمظلَّة دوليَّةٍ حصراً وهي شرط نجاح التَّجربة! أَيَّة تجربة من هذا النَّوع! وما دون ذلك فهو خرطُ القتاد! ولذلك لا ينبغي أَبداً أَن نعقد مثل هذه المُقارنة مع الحال التي يفكِّر فيها بعض السَّاسة الكُرد! فما يُحاولونَ تسويقهُ هو إِنفصالٌ عن الوطن الأُمِّ وليس مُحاولة منهم للعودةِ إِلى حالٍ سابقٍ كانت فيه الدَّولةُ الكُرديَّةُ قائمةً بالفِعل!.
وأَنا شخصيّاً كنتُ أَتمنَّى أَنَّ هناك، فيما سبقَ من الأَيَّام، دولةٌ كرديَّةٌ تضمُّ الشَّعب الكُردي الذي قسَّمهُ الحُلفاء على عدَّة دُول في المنطقة ظُلماً وعُدواناً! لكنتُ اليوم أَوَّل مَن يُساعدُ على إِعادة الأُمور إِلى سابقِ عهدِها ويُحيي تلك الدَّولة من جديدٍ! ولكنَّنا نعرف جيِّداً فانَّ ذلك اليوم من الخَيال بغضِّ النَّظر عن الأَسباب والمُسبِّبات!.
إِنَّ تجربة إِقليم كُردستان في البِناء والإِعمار والتَّنمية والاستقرار لجديرةٌ بالفخرِ والاعتزاز من قِبل كلِّ العراقييِّن ولذلك هم يدافعونَ عنها برفضهِم مشروع الاستفتاء لحمايتِها من خطر التَّدمير والفشل الذي تتعرَّض لَهُ اليوم بسببِ أَهدافٍ حزبيَّةٍ ضيِّقةٍ ونزواتٍ شخصيَّةٍ أَضيق!.
لقد قدَّم [المُناصرون] الدَّوليُّون الاستفتاء كطُعمٍ لاستدراجِ الإقليم إِلى التَّدمير والفشل وللأَسف الشَّديد فلقد ابتلعهُ بعض قادته! وكادوا أَن يقودوهُ والبلاد إِلى المجهول!.
٤/
كالعادةِ، وكما هي صفة العراقييِّن السَّخيفة في أَنَّهم لا يقرأُون التَّاريخ وإِذا قرأُوه إِستثنى كلُّ جيلٍ نَفْسهُ من دروسهِ وعِبَره! فانَّ قادة الكُرد الذين تبنَّوا مشروع الاستفتاء لم يقرأُوا تاريخ القضيَّة الكُرديَّة جيِّداً وللأَسف الشَّديد! وإِلّا لما ارتضَوا لأَنفسهِم أَن يكونوا حِصان طَروادة لتدميرِ الإقليم وتجربتهِ الرَّائدة في التَّنمية والإِعمار والبِناء والاستقرار ولما قبِلوا أَن يكونوا أَدوات بيدِ المُضلِّلين من القِوى الخارجيَّة التي ظلَّت تسخِّر القضيَّة الكُرديَّة لمآربها ومصالحِها مُدَّة قرنٍ كاملٍ وأَكثر!.
لو كانوا قد تذكَّروا التَّاريخ وهم يتبنُّون المشروع لعرِفوا أَنَّهُ من المُستحيل في ظلِّ المُعاهدات الدوليَّة السَّابقة التي قسَّمت دُوَل المنطقة بحدودِها الحاليَّة! والتي تعمَّدت تقسيم [دولة] كُردستان المفترضة على عِدَّة دُوَل لتكونَ أَداةً من أَدوات صراع الإرادات في المِنطقة كما هو شأن الكثير من مشاكِل الحُدود التي خلقها الكبار في المِنطقة والعالَم!.
٥/
في هذا الاطار يجب أَن نُميِّز بين أَمرَين الفاصل بينهُما خيطٌ رفيعٌ؛
الأَمرُ الأَوَّل؛ هو الحقُّ والثَّاني؛ هو الواقع! وفِي عالَم السِّياسة الدَّوليَّة ليس بالضَّرورة أَنَّ كلَّ حقٍّ هو واقعٌ! والعكس هو الصَّحيح فليس كلُّ واقعٍ هو حقٌّ! ولذلك تمَّ تعريف السِّياسة بأَنَّها فنِّ المُمكن أَو بعبارةٍ أَدق، وكما أُعرِّفها أَنا، فن حِماية أَو رِعاية المصالح!.
ولذلك فانَّ مسؤوليَّة وواجب القادة الكُرد هو حماية المُنجَز في ظلِّ كلِّ هذه الأَزمات والمخاطر والتحدِّيات العظيمة التي يمرُّ بها الْعِراقِ والإقليم تحديداً وليس جلب المزيد من الأَزمات وإِحاطتها بالمُنجز وهم الذين يعرفون أَكثر من غيرهِم كم هو عدد الأَعداء والمنافسين والحاسدين لتجربتهِم والذين يتحيَّنون الفُرص لتدميرِها بشتَّى الطُّرق؟! فهل يُعقلُ أَنَّ زعيماً كُرديّاً يُمكِّنهم من تحقيق ذلك بإثارةِ المزيد من الأَزمات والمخاوف؟!.
قد لا يختلف إِثنان على حقِّ الشَّعب الكُردي في تأسيس دولتهِ المُفترضة وهذا ما نصَّت عليه مُعاهدة [سيفر] عام ١٩٢٠ والتي نقضتها مُعاهدة [لوزان] عام ١٩٢٣! إِلّا أَنَّ ما يختلف عليهِ كثيرون بِمن فيهم الكثير جدّاً من قادة الكُرد ومثقَّفيهم ومفكِّريهم وسياسييِّهم، وهذا ما لمستهُ في زيارتي الأَخيرةِ إِلى محافظة أَربيل عاصمة إِقليم كُردستان، هو ما إِذا كان هذا الحقُّ هو جزءٌ من الواقع؟ أَو يُمكن أَن يكونَ جزءٌ من الواقعِ السِّياسي الحالي أَم لا؟! فهذا هو السُّؤال المهمُّ الذي يجب أَن يبني عليه الكُرد تصوُّراتهم وخُطواتهم ومشاريعهُم ورُؤاهم!.
إِنَّ أَخطر ما يمكنُ أَن يرتكبهُ السِّياسي عندما يخطأ في قراءةِ الواقع فيستعجل أَحلامهُ! أَو يستعجل حقوقهُ! ولذلك قيلَ أَنَّ [كلَّ شيءٍ بوقتهِ حلو] فالتَّوقيتُ أَمرٌ في غايةِ الخُطورةِ! وتجارب التَّاريخ مليئة بمثلِ هذه الدُّروس والتي تنبِّئنا بأَنَّ الذي يستعجل حقوقهُ وأَحلامهُ يخسر الواقع!.
٦/
حقيقتان ينبغي أَن لا يغفل عنهُما عاقل بخصوصِ الدَّولة الكُرديَّة المُرتقبةِ؛
الحقيقةُ الأُولى؛ أَنَّها تبدأ من تُركيا وليس من أَيَّة دولةٍ أُخرى فهي لا تبدأ من الْعِراقِ أَو إِيران أَو سوريا وإِنَّما تبدأ حصراً من تُركيا، ولمَن يريدُ معرفة المزيد من الحقائق عليهِ أَن يقرأ تاريخ القضيَّة الكُرديَّة بشَكلٍ دقيقٍ ويعودَ إِلى الاتِّفاقات الدوليَّة بشأنِها!.
الحقيقةُ الثَّانية؛ إِنَّ الذي يُدمِّر المشروع [الحُلم أَو الحقّ] في كلِّ مرَّةٍ هم الكُرد أَنفسهم بسبب إِنقساماتهِم وخلافاتهِم وصراعاتهِم على النُّفوذ والسُّلطة وتضارب ولاءاتهم! فيضربُ الكبار بعضهُم ببعضٍ لتنتهي حركاتهم التحرريَّة في كلِّ مرّةٍ إِلى لا شيء! مخلِّفةً وراءها المزيد من المآسي!.
وهذا برأيي سببهُ قُصر نظر القادة الكُرد والخلط الحاصِل بين المشروع كاستراتيجيَّة بعيدة المدى وبين المصالح الحزبيَّة والعائليَّة الإقطاعيَّة قصيرة المدى والأَمد!.
ولعلَّ في الصِّراعات الدمويَّة بين الأَطراف الكُرديَّة سواء العراقيَّة العراقيَّة منها [وقد عشتُها عن قُربٍ خاصَّةً في التسعينيَّات من القرن الماضي والتي تأجَّلت عام ١٩٩٦ إِلى إِشعارٍ آخر عندما استعانَ الحزب الدِّيمقراطي الكُردستاني بقوَّاتِ الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين لطردِ غريمهِ الاتِّحاد الوطني الكُردستاني من مدينةِ أَربيل] أَو العراقيَّة التُّركيَّة أَو غيرِها خلال العقدَين الأَخيرَين خيرُ دليلٍ وشاهدٍ على ذلك!.
اضف تعليق