بعد ان شرعت القوات المسلحة العراقية بعمليات تحرير المدن الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش الارهابي منذ حزيران 2014، وبطبيعة الحال ووفقاً للتحدي الموجود، فقد لجأت للحسم العسكري وهي نتيجة حتمية تتطلبها ظروف المواجهة. فالتنظيم الارهابي تمكن من بناء قوة عسكرية وتمكن من بناء تشكيلاته ربما بالمقاييس قد وصلت مناطق نفوذه حتى اكبر من مساحة بعض الدول في المنطقة.
وهذا الامر قد تطلب تحشيد قوة عسكرية كبيرة بعدتها وعددها لا سيما القوة المدافعة المتمكنة من الارض ومتمركزة أفضل من القوة المهاجمة خصوصاً ان التنظيم قد لجأ لأسلوب الكمائن والسيارات المفخخة والانتحاريين والانغماسيين وهذا يفسر طول امد المعارك ناهيك عن مراعاة القوات العراقية للجانب الانساني مع وجود مئات الالاف من المدنيين داخل المدن التي شهدت مواجهات.
والاكثر من ذلك فإنها تقاتل على وفق الخطط العسكرية النظامية باعتبارها قوات حكومية نظامية. في حين الطرف الارهابي عادة ما يلجأ لمشاغلة القوات الامنية بحرب العصابات والخف والمناورة واستخدام المدنيين كدروع بشرية وغيرها من الاساليب. هذه كلها مبررات كي تلجأ القوات الامنية العراقية لتحشيد اكبر عدد ممكن من القوات كالجيش العراقي بمختلف فرقه والشرطة الاتحادية وافواج الطوارئ والحشد الشعبي يضاف اليها القوات المدربة على التعامل مع الارهاب واقتحام المدن المتمثل بجهاز مكافحة الارهاب.
ما نود قولها هنا وبعد ان اتجهت القوات الامنية العراقية بمختلف صنوفها للتحشيد لمعركة الحسم في تلعفر اخر معاقل تنظيم داعش في محافظة نينوى والتهيؤ بعدها صوب الحويجة في كركوك والمناطق الحدودية غرب الانبار، برزت جماعات وعصابات مستغلة انشغال القوات العسكرية ومستغلة الفراغ الذي تركته تلك القوات في مناطق الوسط والجنوب، ومع ذلك البعض يدعو لعمليات عسكرية شبيه بعمليات فرض القانون التي حصلت في عام 2008 و2009 في الجنوب والعاصمة او هناك من يدعو لتدخل قوات مكافحة الارهاب او الجيش او حتى الحشد الشعبي، هذه المطالب جميعها لا تصب في مصلحة الاستقرار الامني فعلينا التمييز بين الحل العسكري والذي تطلب تحشيد قوات ومواجهات مسلحة واليات ضخمة وغيرها من الاساليب والتي اتت فوائدها في مواجهة عدو مسلح يتمركز في مناطق عدة، والحلول الامنية في المناطق التي تعاني من الرخوة الامنية وهنا اطلقنا الرخوة الامنية في حين في مناطق نفوذ داعش تعتبر مناطق مسيطر عليها عسكرياً من قبل داعش، فلا يمكن ادخال جيش او حشد او ما سواها لمواجهة عدو هو اصلاً ليس ظاهرياً.
وهنا يكمن المفهوم فالعصابات المنظمة تقتل وتسرق وتخطف وتتخفى ما بين المواطنين وبعضها يلجأ لاستغلال اسم الاجهزة الامنية او عجلاتها او حتى مسميات الحشد الشعبي، والنوع الاخر العصابات الاجرامية وهي لا تقل خطورة عن العصابات المنظمة ولكن تأتي بالمرتبة الثانية، ايضاً، النوع الثالث والذي يشكل تحدي امني هو انفلات السلاح في مختلف الايدي والاقتتال العشائري وترويع المواطنين، والنوع الرابع هو الخروق الامنية التي تقوم بها التنظيمات الارهابية في استهداف المدنيين في الاسواق والمجمعات السكنية في مسعى منها لزعزعة الامن وفتح ثغرات لها، والنوع الخامس هو تحدي الخلايا النائمة ذات التأثير والخطر المستمر والتي تنشط حالما تتوفر الفرصة لها.
هذه جميعها تحديات امنية تتطلب علاجاً انياً ووقائياً بالتزامن مع الحسم العسكري ومن ابرز المعالجات التالي:-
1- اللجوء للعنصر الاستخباراتي بالدرجة الاساس وهذا يتطلب جهداً استخباراتياً يعتمد على ايصال المعلومة الصحيحة حول تواجد وانتشار تلك العصابات.
2- مسك ملف المدن المحررة حديثاً ومدن الوسط والجنوب من قبل قوات متخصصة امنياً ووضع الجيش بمعسكرات خارج تلك المدن للتدخل في اية طارئ.
3- سحب السلاح تدريجياً وان يخضع الجميع لهذا الاجراء بدءاً من العشائر وصعوداً لكافة الجهات والقوى والتيارات التي تعمل خارج اطار الدولة.
4- مراقبة حركة العجلات ذات الباجات الرسمية ومحاسبة من يستغلها للأغراض الشخصية.
5- اللجوء للطرق الحديثة والتكنولوجية في معرفة تحرك العناصر الارهابية ومراقبة الاتصالات والتحركات المشبوهة وتزويد السيطرات الامنية بأجهزة حديثة لكشف العجلات والاسلحة والمتفجرات.
6- تفكيك الخلايا النائمة لا سيما في اطراف العاصمة بغداد وبعض مناطق شمال بابل والتي تتصف بمناطق الرخوة الامنية وكثيراً ما تشهد احداثاً امنية وكسب ود سكان تلك المناطق وزرع الثقة بالمواطن العراقي والتعامل بسرية مع المعلومة التي يرسلها.
اضف تعليق