المتحدثة بإسم السفارة الإماراتية في واشنطن تدعى لمياء واللمياء تعني الشفاه السمر بحسب التفاصيل التي تذيعها لغة العرب في الوجدان والأفهام. لمياء السمراء كعادة نساء الخليج اعلنت إن قراصنة ألكترونيين هاجموا البريد الألكتروني للسفير الاماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، وإستحوذوا على سجلات ووثائق مهمة للغاية تكشف عن دور إماراتي مختلف في التعاطي مع مسؤولين أمريكيين مدنيين وعسكريين، وهناك ملايين من الدولارات تدفع لكتاب ولصحفيين ومستشارين بمختلف الإختصاصات للإساءة لحلفاء واشنطن.
وكلمة حلفاء واشنطن بحسب تعريف قناة الجزيرة تعني قطر المغضوب عليها خليجيا والتي تعيش في أزمة حقيقية بعد أن عانت من مواجهة مع دول الخليج الأخرى خاصة الإمارات التي تضرب بشكل مباشر دون السعودية والبحرين.
فحتى اللحظة تكتفي الرياض بتوجيه رجالات تويتر والصحف الورقية للرد على المشاكسات القطرية والتحولات في سياسة الدوحة ضد المملكة، لكنها لم تكلف فضائياتها بفعل المزيد، وتولت الإمارات ذلك عنها، وصارت تهاجم جوا وبرا وبحرا وعبر الأنترنت والصحافة الأمريكية والأوربية والعربية، وتستخدم قنواتها الفضائية لوصف قطر بتوصيفات لاذعة ومهينة، مع إن الدوحة لم تقصر على الإطلاق فهي تهاجم كذلك وكشفت معلومات عن سجون سرية إماراتية في اليمن، وليس مستبعدا أن تكون وراء التسريبات التي جرى الحديث عنها في واشنطن، وسربت جزءا منها صحيفة محلية.
في الواقع فإن قطر هي المستفزة من السلوك الإماراتي، فالإمارات بدأت مبكرا في المنافسة المباشرة لحليفاتها الخليجيات، لكنها لم تثر حفيظة السعودية على العكس من قطر، وهناك تدخل كبير للإمارات في سوريا وكانت أنثى إماراتية قد قصفت في الرقة بعد حرق الطيار معاذ الكساسبة وهو أردني أسره تنظيم داعش في سوريا، وفي العراق لايخفى نوع الدور الذي تلعبه الإمارات، وفي أفغانستان لم تعد بحاجة الى إتهام مباشر، فسفيرها قتل في تفجير لطالبان قبل عدة أشهر، وهناك إمتعاض قطري من دورها في كابل وهذا الإمتعاض إيراني وباكستاني، وقد يكون هنديا أيضا، بينما كان الهجوم المروع الأخير الذي إستهدف حي السفارات في كابل قريبا جدا الى مبنى السفارة الإماراتية.
وفي اليمن مثل الدور الإماراتي إزعاجا للمملكة العربية السعودية التي تقبلت ذلك على مضض فهي لاتريد خسارة حليف كالإمارات مادام يلعب بعيدا عن حدودها الجنوبية ويترك صنعاء وصعدة والمناطق الشمالية لليمن، ويتجه جنوبا نحو عدن وشرقا نحو حضرموت والمكلا، ثم يتوغل في عمق البحر نحو جزيرة سوقطري الشهيرة التي رأيت روعتها من خلال فلم وثائقي صنعه الزميل عبدالله إسماعيل وهو صحافي وتلفزيوني يماني معارض حيث تحتفظ بإرث حضاري وثروات طبيعية مثيرة في البحر والبر، وربما كانت تبعد عن سواحل اليمن بمسافة 500 كم لكنها يمنية بإمتياز غير إن الإمارات أنشأت فيها مطارا دوليا تنطلق منه رحلات مباشرة الى الإمارات وينقل المساعدات والمعدات والأغذية والمسافرين.
الحزام الأمني في عدن تقوده قوة إماراتية وسيطر على أجزاء من المدينة ومطارها الدولي، ودعم تحركا لإنشاء مجلس حكم هناك، وإصطدم مع جماعة الرئيس منصور هادي المدعوم سعوديا، ويواجه حلفاء قطر في حزب الإصلاح، وفوق ذلك فإن الإمارات دعمت تشكيل مجلس شرق اليمن لإدارة حضرموت والمكلا وهذا ماقد يسبب إزعاجا للجارة عمان التي تحتفظ بعلاقات حذرة مع الجارات الخليجيات، وهي دولة حضارية عريقة وقديمة.
الإمارات تدعم الغارات المصرية على مدن في الشرق الليبي ووسط الجنوب الذي تتواجد فيه جماعات تهدد إستقرار مصر. وكذلك تدعم الجنرال خليفة حفتر الذي يجتمع بقادة مصريين وإماراتيين، وهذا كله حراك إماراتي بالنيابة عن المملكة العربية السعودية التي ترفض الإخوان والجماعات الدينية الأخرى، وتؤيد حراك حفتر في ليبيا برغم عدم إرتياحها لتحرك الإمارات في اليمن، وهناك توافق إماراتي سعودي في نقاط تأزم عديدة في الشرق العربي تجعل من قطر خطرا كبيرا على مشروع البلدين الحليفين، وهذا مايبرر الغضب الخليجي على الدوحة، في حين إن الصراع الخفي بين الأسر الحاكمة في بلدان الخليج والمنافسة على الود الأمريكي من العوامل الأكثر خطورة على مستقبل هذه الدول التي تستقر على رمال متحركة.
اضف تعليق