q

بعباءته الحريرية السوداء الموشاة بالذهب، يطأ محمد بن سلمان البيت الأبيض، ليلتقي الرئيس ذو الشعر الأصفر، الذي تجاوز كل البروتوكولات الدبلوماسية حيث تعامل مع الأمير الشاب معاملة الملوك علما أنه يشغل رسميا منصب الرجل الثالث أو كما يطلق عليه ولي ولي العهد، ونائب رئيس الوزراء، ووزير الدفاع ومستشار الملك الخاص لكنه ليس الملك.

ولكن في نظر ترامب وفريقه المهووس بالقوة أنه الرجل القوي وذكر النحل الذي يمكن أن يكون الملك في يوما ليس ببعيد. فاللقاء وأجوائه إعتراف أمريكي-غربي بأهمية محمد بن سلمان ودوره ورؤيته، والأكيد أن الأمير الطموح سيوظف هذا اللقاء لتعزيز نفوذه سواء داخل الأسرة المالكة المتذمرة أو في ربوع مملكته المعقدة، وكذلك في المنظومة الإقليمية بشقيها الخليجي والعربي.

كلا الرجلين يحسّن عقد الصفقات بأحلك الظروف، عباءة الأمير السوداء، هي قبعة ساحر ماهر تحتوي عدة أرانب ربما يعجب أحدها سيد البيت الأبيض ذو الشعر الأصفر، فالأرنب الأول، هو مشروع محاربة (الإرهاب) برؤية سعودية وما يمكن أن تقدمه المملكة بهذا الشأن من معلومات إستخبارية وأموال، وكذلك مشروعية دينية وتغطية إعلامية وسياسية، لكن هذا الأرنب سيكون غير مقنع لترامب الذي يثير الأسئلة الصعبة وهي لماذا معظم الإرهابيين سعوديون الجنسية؟!

وهنا على الأمير إظهار أرنبه الثاني وهو الوضع اليمني واللبناني المعقد وعليه أن يشرح ما أهمية الدور السعودي في بلاد العرب السعيدة وكيف يدعم المال السعودي الأرز اللبناني ليبقى مسيطر على (نصر الله)، وهنا يبدأ ترامب بالإصغاء فهو يريد أن يفهم هذه المعادلة المعقدة للشرق الأوسط، ولاسيما أن إسرائيل هناك، فيخرج الأمير أرنبه الثالث الكبير، وهو الأزمة السورية وتقاطع الأدوار بين القوى الدولية والإقليمية في ما يسمى (قلب العروبة النابض)، وهنا سيصمت الأمير ويستزيده الرئيس قليل الخبرة ليبلغ الساحر المدرب ذروة استعراضه بأن يخرج الأرنب (البعبع) الإيراني ويفرش مخططات مؤشرة بأسهم حمراء ومعلومات وآمال وأفكار في الوقوف ضد الخطر القادم من الشرق مدفوعا بأيديولوجيا إسلامية يمقتها الرئيس ترامب.

وقبل أن ينال الأمير الساحر، تصفيق مضيفه، فإنه أصغى بتواضع تلميذ وطاعة عبد يعلم أن سيده شديد النسيان والغضب، إلى رؤى ترامب حول ضرورة المساهمة المالية، والأمنية، والإعلامية المباشرة والفعالة للملكة وحلفائها، وأن سياسة مسك العصا من المنتصف لن تقنع ترامب الذي لا يؤمن باللون الرمادي، وضرورة أن يتفهم الملك أن لأمريكا مصالح ورؤى قد لا تتطابق بالضرورة مع رؤية السعودية، لكن بالمقابل التنسيق مطلوب، إلا أن الأمر هو لإمريكا التي لا تقبل أن يملي عليها أحد ما يجب أن تفعله.

وطأطأ الأمير رأسه باحترام، ليطمأنه ذو الشعر الأصفر أن أمريكا حريصة على المملكة وسلامتها وسلامة نظام الحكم فيها، لتنفرج أسارير الأمير، ويلملم أوراقه بين أطراف عباءته السوداء وابتسامات ذو الشعر الأصفر.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية/2001-Ⓒ2017
http://mcsr.net

اضف تعليق