تابعتُ عن كثبٍ، قبل قليل، خطابك في (قمة مكافحة الارهاب) المنعقدة حالياً في واشنطن، فلا أزيدُ على قولِ الصّاحب بن عَبَّاد عندما طالع كتاب (العقد الفريد) لابن عبد ربّه الأندلسي، والذي طارت شهرته في الافاق، قوله الذي صارَ مضرب الأمثال (هذهِ بِضاعتُنا رُدّت إلينا) فكلّ ما قُلتَه بشأن الاسلام وانّه دين سلامٍ ومحبّة وانّه يُحرّم قتل النّفس المحترمة وانّ الارهابَ لا دينَ لَهُ، وغير ذلك من الحقائق، كلّها بديهيّات وحقائق نعرفها ونحفظها عن ظهرِ قلبٍ، لا ادري ان كنت يوماً قد وجّهتَ خطابك للإعلام العنصري في الغرب، والذي ينفخُ بالنّار موظّفاً جرائم الارهابيين باسم الدين الحنيف لخلق حالة الهلع والخوف من الاسلام في المجتمعات الغربية؟!.
أيّها الرئيس باراك اوباما؛ أنتَ مُتّهم؛
تقولُ ولا تفعل، وتعرفُ ولا ترتّب أثراً، ولشدَّ ما استغربتُ عندما تحدّثت عما أسميته بالتّربة التي يترعرع فيها الارهاب، فهل حقاً أنك للان لم تكتشف مكانها على الكرة الارضيّة مثلاً؟ وأين هي من هذا العالم؟ فان كُنتَ تعلم فلماذا لا تتحرك لردمها؟ وان كنت لا تعلم فتلك والله لهي المصيبة العظمى؟ اذ كيف يُعقل انّ زعيم أعظم دولة في العالم لا يعرف اين هي التربة التي يترعرع فيها الارهاب والإرهابيون؟!.
انها ببساطة، السّيد الرئيس، نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، فهل أزيد؟.
انا على يقينٍ بانّك تعرف ذلك جيداً الا انّ المصالح الضيّقة هي التي تُعمي وتصمّ وتُخرس {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} فمنْ منّا لا يتذكّر كلام نائب الرئيس جو بايدن قبل أشهر عندما سمّى الأنظمة التي تدعم الارهاب بأسمائها، من دون ان يجانب الحقيقة قيدَ أَنمُلة، ليتراجع في اليوم التّالي ويقدّم اعتذاراته الواحد تلو الاخر.
انّ ضميرهُ هو الذي دفعه لان يسمّي الأشياء بأسمائها، امّا المصالح فهي التي اضطرّته ليتراجع واجبرتهٰ على الاعتذار وكأنّه اخطأ!.
استغربتُ مرّة اخرى عندما تحّدثت عن حرّية الأديان والتعبير وعن حقوق الانسان فقلتَ بأنَّ الارهابيين يوظّفون قمع الأنظمة لكل ذلك وسحقها لحقوق الانسان في تعبئة الشباب في صفوفهم!.
اتساءل؛ هل قلتَ هذا الكلام لنظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية عندما زرته قبل أسابيع مُعزّياً وربما مبايعاً؟.
حتى وزارة الخارجية تتحدث في تقاريرها السنويّة عن الانتهاكات المنظمة التي تتعرّض لها حقوق الانسان في الجزيرة العربية، ام انها لا تمرُّ على مكتبك في البيت الأبيض؟.
استغربتُ مرّة اخرى عندما سمعتك تتحدث عن اهميّة التعليم للشباب، وخاصة المرأة، فهل همست في أُذُنِ ابن سعود عندما التقيته في الرياض لتوصيه بضرورة احترام حق المرأة في التعليم والسياقة مثلاً؟ ام كنت مشغولاً بتقديم فروض العزاء واشياء اخرى؟.
استغربتُ مرّة اخرى عندما سمعتكُ تتحدّث عن تزامن الحلّ السياسي مع الحلّ العسكري في الحرب على الارهاب لإيقاف الجرائم الفظيعة التي يرتكبها الارهابيون.
طيّب؛ كيف؟ فبعدَ مرورِ قرابة نصف عام وانت لم تنجح في مساعدة العراق من التحرُّر من تهديد الارهاب، على الرّغم من ارتباطه مع الولايات المتحدة الأميركية باتفاقية إطار استراتيجي تفرض عليك حمايته من ايّ تهديد.
حرّر العراق من الارهاب لنصدّق ما تقول، والا فانّ كلامَك المعسول بات لا يُمثل بالنسبة لنا أكثر من أسطوانة مشروخة تكرّرها على مسامعنا بين الفينة والأخرى، دعاية او تلهية! لا فرق، فلقد شبِعنا اقوالاً ونريد افعالاً.
اخيراً؛ فلقد صدقتَ القول بأنَّ الارهابيين لا يرغبون في ان يسمعَ العام الحقائق، الا انَّ هذا نِصفُ الحقيقة، اما النصف الثاني فهو؛ أنتَ كذلك لا ترغب في ان يسمع العالم الحقائق، خاصّة الرأي العام في الولايات المتّحدة.
اضف تعليق