كنت قد قررت أن اترك الكتابة عن موضوع الانتخابات، ولا اكتب فيه سطرا واحدا، ليقيني بان لعبة الانتخابات في العراق خاسرة بالنسبة للشعب، فالنتائج لن تكون في مصلحة الجماهير، والفوز سيكون حليف سكان قصور الجور فقط، لكن ألح علي صديق بان اكتب توقعاتي للانتخابات المقبلة؟ وهل يمكن أن نتأمل خيرا من إفرازات العملية السياسة، فكانت هذه السطور.
لبناء توقعات منطقية للانتخابات القادمة، علينا أولا أن نجيب على سؤالين أساسيين، كي تنضج الفكرة وتكون التوقعات قريبة من اليقين، والسؤالين هما:
أولا: هل ستنتج الطبقة السياسية افراد صالحين؟
سؤال مهم وهو "هل ستنتج الطبقة السياسية افراد صالحين"، وقبل الإجابة على هذا التساؤل، علينا أن نوضح حقيقة أحزاب السلطة وطبيعة انتاجها للإفراد المستحقين للترشح بالانتخابات، حيث تعتمد أكثرها على رموز محددة، لن تبعدهم حتى مع جبل من الاتهامات، وهو حاصل اليوم، فرموز الأحزاب مازالوا في أماكنهم لا تزحزحهم فضيحة او تظاهرات، ثانيا أن الأحزاب تدفع بشخوص حسب ما ترغب هي، فهي تضع مقاسات معينة لمن يترشح للانتخابات! بحيث يخدم مصالح الحزب، ثالثا أن الأحزاب تعتمد في الأغلب نظام العوائل والبطانة، فلا يكون مرشحيهم خارج هذا القانون، أي المرشح يكون واحد منهم، رابعا الأحزاب اذا رغبت بترشيح مستقل فهو يجب أن يخضع لشروط الحزب المرشح عنه.
بعد كل هذا يمكن القول أن ما ستنتجه الأحزاب من مرشحين، لن يكون في صالح الجماهير، بل هم أولا وأخيرا في صالح الأحزاب، أي لا يمكن أن نتأمل خيرا بمن تدفع بهم أحزاب السلطة، وسيكونون نسخ كاربونية عن السابقين، بنفس النهج والسلوك، حتى أن اختلفت المسميات،
هنا نؤكد انه على المواطن الواعي أن يدرك هذا جيدا، وان يقدر حجم المسؤولية التي عليه أن يتحملها.
ثانيا: الناخب هل سينتخب من خارج دائرة أحزاب السلطة؟
الناخب العراقي يعيش في فوضى كبيرة، خلقتها له الطبقة السياسية، نتيجة فشلها في ادارة الدولة، وانتشار الفساد بشكل استثنائي في مؤسسات الدولة، مما عطل الحياة وحولها الى جحيم حقيقي، فالقلق لا يغادر المواطن، القلق على راتبه من تهديدات الحكومة باقتطاعه أو عدم دفعه! تهديدات تلت موسم التظاهر تحت عنوان خواء الخزينة، او القلق الدائم نتيجة الإعمال الإرهابية التي لا تتوقف، او التعب النفسي من غياب الكهرباء والماء الصالح للشرب، او الخوف أن يأتي له الغد بشيء ما من صنع الطبقة الحاكمة.
تحولت فئة واسعة من الجماهير لموجودات تسعى فقط لتستمر بالعيش، من دون طموح او أحلام حقيقية، هكذا حصل في العراق نتيجة جماعة حاكمة مفرطة الأنانية تعمل لمصلحتها فقط.
هذا الفئة الجماهيرية الواسعة تعرضت لعمل ممنهج طيلة سنوات، كي يتم تسفيه وعيها لتصاب بلوثة التقديس وعبادة الشخوص، وتصبح ذو فكر "داجن" تابع للأحزاب لا تحيد عن اختيارهم في كل انتخابات تحصل، مما يعني انه لا يمكن أن نرفع سقف التفاؤل ونضع آمالنا على الناخب بصيغته الحالية.
● النتيجة القادمة
ستفرز الانتخابات القادمة شخوص بنفس ما أنتجته كل الانتخابات السابقة، بحسب المقدمتين السابقتين، حيث يكون الفائزون تابعون تماما لقادة الأحزاب ولقرار الأحزاب، فهو شرط رضا الأسياد وصك الترشح، مع ما يتبع ذلك من استمرار الفساد وغياب الرقابة الحقيقية، مما يعني أن الخاسر سيكون الوطن والجماهير، فالأحزاب الحاكمة تبحث عن أفضل الطرق لديمومة سطوتها على الحكم، واستمرار تقاسم الكعكة!
● أين يمكن أن نجد الأمل؟
مع كل الليل الأسود وانتشار الظلم، لكن يمكن أن نتأمل فجرا يزيل كل السواد، ويتحول الواقع الى شكل مختلف، وهذا الأمل بيد المرجعية الصالحة، فكما نجحت قبل سنوات في إقصاء المتمسك بالعرش، فإنها من الممكن أن ترشد الأمة للابتعاد عن الأحزاب التي جاءت بالويلات لهذا الوطن، وتفتي بحرمة انتخاب الفاسدون، وتشير الى حرمة انتخاب من جرب فساد وفشله وخيانته، وان تطلب من الأمة صراحته عدم تجريب المجرب، وكما هو واضح فالأحزاب الحالية تم تجريبها وفشلت تماما، فيكون الإرشاد الصريح من المرجعية الصالحة، هو الحل الوحيد الذي يعطينا الأمل كي تكون الانتخابات القادمة مثمرة.
اضف تعليق