q

بين الحين والاخر تتصدر الخلافات الدينية حول الافلام العالمية التي تتناول مسال دينية حساسة، الواجهة بين المتابعين والمثقفين والمؤسسات الدينية، وقد تتطور هذه الخلافات الى حد عنيف قد تؤدي الى سقوط ضحايا بالعشرات كما حدث سابقا مع افلام استفزت مشاعر المسلمين في مختلف انحاء العالم، ويرى متابعون ان تناول هذه القضايا قد يعكس حربا خفية تقف خلفها العديد من العوامل السياسية والدينية والثقافية، وغالبا ما تكون ساحة مفتوحة لجميع الاحتمالات والاجندات، سيما وان العالم اصبح قرية صغيرة بفعل التطور التكنولوجي والتقني الذي قرب المساحات ورفع القيود، وأبرزت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الأسباب وراء قرار مصر منع عرض فيلم "الخروج"، الذي يروي قصة النبي موسى عليه السلام، ونقلت الصحيفة في تقرير لها تصريحات وزير الثقافة المصري جابر عصفور حول أن الفيلم يقدم صورة كاذبة عن نبي الله موسى، ويتناول الأحداث من منظور صهيوني بحت، حيث يقدم اليهود على أنهم بناة الأهرامات، فضلًا عن الأحداث التاريخية المغلوطة الأخرى، فيما عزت دول اخرى اسباب المنع الى ان الافلام التي تتناول حياة الانبياء، مثلا، قد تمس بصورة مباشرة مشاعر اتباع الديانات السماوية الرئيسية ومعتقداتهم الدينية، فيما يدافع المعترضين على منع هذه الافلام بانها مصادرة للحريات العامة، وان المشاهد هو من يقرر ويقيم المعلومات والمشاهد الواردة في هكذا افلام، كما ان المنع لن يكون عائقا امام مشاهدة الافلام عن طريق اخر، بل قد يؤدي المنع الى ازدياد الرغبة في مشاهدة هذه الافلام.

وشغلت أزمة فيلم نوح اهتمام الساحة السياسة والفنية مؤخرا حتى قبل عرضه، لتذكر بما حدث في أعمال سينمائية سابقة طالها مقص الرقيب أو منعت لأسباب دينية، وكان تجسيد الأنبياء القاسم المشترك بينها جميعا "الطوفان" و"نهاية العالم" و"إنقاذ البشرية" و"سفينة نوح" محاور أساسية جاءت في خلفية الموقف المعارض للفيلم والتأكيد على تحريم تجسيد الأنبياء وضرورة منعه، بينما كان "التطور التكنولوجي" و"الانفتاح العالمي" و"حرية التعبير والإبداع" سلاح المؤيدين في دفاعهم عن عرضه، وطالب الأزهر في مصر، المؤسسة الأبرز التي تمثل المرجعية الرسمية في القضايا الدينية، بمنع عرض الفيلم باعتبار أن تجسيد الأنبياء يخالف الشريعة الإسلامية، ويتركز اعتراض الأزهر في أن الفيلم يمس الجانب العقائدي للمسلمين لأن الأنبياء لا يجوز تصويرهم، وقال محمد مهنا مستشار شيخ الأزهر إن تجسيد الأنبياء في مثل هذه الأعمال "فيه تقييد للرسالة والوحي، الذي هو غير مقيد"، ولم يستبعد مستشار الأزهر رفع دعوى قضائية لوقف الفيلم حال عرضه، مؤكدا في الوقت نفسه أن دور الأزهر هو التذكير وبيان الحكم الشرعي، كانت حرية الرأي والتعبير هي المنطلق الرئيسي الذي استند إليه المدافعون عن الفيلم، وأن هناك وسائل تكنولوجية أخرى أصبحت متاحة تجعل منع الفيلم مسألة غير مجدية.

وقالت الناقدة السينمائية ماجدة خير الله إن الموقف الذي يتبناه الأزهر ينطوي على "تقييد شديد للحرية ، وهذه وجهة نظر قاصرة وسطحية، فهم لم يشاهدوا الفيلم، وليس لهم علاقة بالسينما"، ورأت أنه "حتى لو تم وقف عرض الفيلم، فإنه سيكون متاحا على الانترنت والملايين سيشاهدونه"، وتساءلت " لماذا يتصورون أن الغرب يسيء إلى نوح من خلال هذا الفيلم أو غيره؟ "هم يعتقدون أنهم أوصياء على الأنبياء، والغرب له في الانبياء مثلهم"، ويسلط الفيلم، الذي بلغت تكلفته 125 مليون دولار، الضوء على حادثة "الطوفان" وإنقاذ البشرية من الفناء، ويؤدي دور البطولة في الفيلم النجم العالمي راسل كرو إلى جانب نجوم آخرين من بينهم إيما واتسون وجينيفر كونولي ولوغان ليرمان وآنتوني هوبكينز، وهو من إخراج دارين أرونوفسكى. بحسب بي بي سي.

وبذل المخرج وفريق العمل جهودا كبيرة لتوفير جميع أنواع الحيوانات، التي اضطر النبي نوح لحملها على متن سفينته للحفاظ على أنواعها من الفناء، بحسب الرواية الدينية المعروفة، وتم تصوير "نوح" في أيسلندا ونيويورك، واستخدم أرونوفسكي أحدث برامج المونتاج والغرافيك لإظهار الطوفان كما تخيلته عقول البشرية عبر آلاف السنين، ومشاكل عرض الفيلم لم تتوقف عند مصر وحدها، فقد حظرت قطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة الفيلم لأسباب دينية حتى قبل عرضه الأول في أنحاء العالم، وقال جمعة الليم مدير إدارة المحتوي الإعلامي في المجلس الوطني للإعلام في الإمارات "هناك مشاهد تتناقض مع الإسلام والإنجيل، ولذا قررنا عدم عرضه"، وأقرت شركة "باراماونت بيكتشرز" المنتجة للفيلم مؤخرا أن الفيلم يتمتع "برخصة فنية"، وأكد الليم أنه "من المهم احترام هذه الأديان وعدم عرض الفيلم"، حسبما نقلت عنه وكالة اسوشيتد برس.

في تونس، قال فيصل روخ المتحدث باسم وزارة الثقافة إن الوزارة لم تتلق أي طلبات من شركات التوزيع السينمائي المحلية لعرض الفيلم، لكنه أشار إلى أن الوزارة عادة لا تعرض الأفلام التي تجسد الأنبياء، من جهة أخرى، أقرت إحدى دور السينما في الضفة الغربية عرض الفيلم، وقال قدس المناصرة مدير سينما "كلاك" في الضفة الغربية إن "حقيقة أن بعض الدول في المنطقة تحظر الفيلم يزيد من متعة مشاهدته"، وأضاف "إنه إنتاج ضخم، والقصة رائعة"، واستبعدت دول إسلامية أخرى إمكانية الموافقة على عرض الفيلم، وقال محمد ظريف عضو الهيئة المركزية للرقابة على الأفلام في باكستان إنهم يتجنبون الأفلام التي تحمل أفكارا دينية، وأضاف "لم نر الفيلم بعد، لكن لا أعتقد أنه سيجد طريقه إلى دور السينما في باكستان".

- فيلم نوح قوبل أيضا بانتقادات من جماعات دينية مسيحية في أمريكا ترى أن الفيلم يخالف الرواية التي وردت في الإنجيل.

- تذكر الرواية الدينية في القرآن والإنجيل قصة النبي نوح وتتناول الطوفان وسفينته التي حمل فيها زوجين من كل نوع من الحيوانات

- راسل كرو ناشد بابا الفاتيكان فرانسيس الأول مشاهدة الفيلم مؤكدا أنه يبعث برسالة قوية ورنانة

- وزيرة الإعلام المصرية درية شرف الدين أعربت عن تأييدها والتزامها بموقف الأزهر

واعتبرت هيئة الرقابة على المصنفات الفنية، الجهة الحكومية المسؤولة عن إقرار محتوى الأعمال الفنية والسينمائية، أن الأزمة التي أثيرت حول الفيلم"مبالغ فيها"، وقال عبد الستار فتحي، مسؤول الأفلام الأجنبية في الهيئة، إن أزمة الأزهر مع فيلم "نوح" والمطالبة بمنعه "أخذت أكبر من حجمها"، وإنه يؤيد عرض الفيلم، وأوضح أن الفيلم بعيد تماما عن شخصية النبي نوح، ويمثل "رؤية لعهد قديم ولم يستوح أحداثاً أو قصصاً من القرآن أو التوراة"، وكان الدكتور أحمد عواض رئيس الرقابة على المصنفات الفنية صرح في وقت سابق أن شركة التوزيع تقدمت فقط قبل أيام قليلة بطلب لعرض الفيلم في مصر، وامتد الجدل حول الفيلم إلى منصات التواصل الاجتماعي ولاسيما بعد رفض الأزهر عرضه، واستغرب أحد المستخدمين على موقع تويتر ويدعى إبراهيم الجارحي موقف الأزهر من الفيلم، وقال إن الأزهر "يحاول أن يمنع عرض فيلم يحكي قصة نبي من أنبياء الله، ولكنه لم يحاول أن يمنع عرض فيلم واحد من الأفلام التجارية الهابطة".

منع فيلم حول النبي موسى

فقد قررت السلطات المغربية التراجع عن خطوتها بالسماح بعرض الفيلم الأمريكي "الخروج: آلهة وملوك" الذي يروي قصة النبي موسى مع فرعون للمخرج البريطاني الأصل ريدلي سكوت بعد أيام قليلة من بدء عرضه في أكبر دور السينما العالمية، حسب ما تناقلته العديد من وسائل الإعلام المغربية، وقرار المنع الذي جاء بأمر من المركز السينمائي المغربي، الجهة الرسمية التابعة لوزارة الثقافة المغربية، والتي تتولى تسيير القطاع السينمائي في المملكة وإعطاء التراخيص اللازمة لإنتاج أعمال سينمائية أو عرضها، لم يقدم توضيحات رسمية بخصوص قرار المنع، ولا الأسباب المباشرة التي جعلته يمنع عرضه بعدما كان قد أعطى الضوء الأخضر سابقا لذلك حيث أشار، إلى أن الفيلم المذكور سيُعرض باعتباره عملا فنيا حاول تصوير القصة في قالب إبداعي وفق تصوّر المخرج، مشيرا إلى منع الجمهور دون عمر السادسة عشرة من دخول القاعات التي يعرض فيها الفيلم، وذلك كي لا يفهموا مضمونه بطريقة سلبية حسب موقع هسبريس المغربي، واكتفت بعض القاعات السينمائية المغربية التي كان مقررا عرض الفيلم فيها بالنشر على صفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي كقاعتي "إيماكس" و"سينما ريف" بالدار البيضاء وأخرى بالرباط، بأنها ألغت العروض بعد ساعات قليلة على إعلان مواعيدها، متحدثة عن أن المركز السينمائي المغربي سيوافيها في المستقبل القريب ببلاغ يوضح الأسباب الكامنة وراء هذا القرار.

ويثير الفيلم الأمريكي "الخروج: آلهة وملوك" الذي بلغت تكلفته ميزانية ضخمة تعدت الـ140 مليون دولار، منذ بدء عرضه في بلدان عدة كالولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا الكثير من الجدل بسبب مسه بالديانات السماوية الثلاث (الديانة الإسلامية، اليهودية والمسيحية) ومعتقداتها الجوهرية حيث يجسد الذات الإلهية في شخصية طفل صغير يتحدث مع النبي موسى، وكذا تجسيده لشخصية النبي موسى نفسه التي تقمصها الممثل البريطاني كريستيان بيل، وهذا ممنوع عند المسلمين، بالإضافة إلى قصة شق النبي موسى للبحر وخروج بني إسرائيل من مصر هربا من فرعون، والتي تتناقض مع ما جاء في القرآن، حيث شق النبي موسى البحر بعصاه مثلما أنزل في القرآن، بينما انشق البحر في الفيلم بفضل سقوط كويكب صغير عليه، ويعيد فيلم "الخروج: آلهة وملوك" الجدل مجددا، حول مدى حرية الفن السابع في تناوله وتجسيده لقضايا جوهرية مرتبطة بالأديان السماوية، آخرها كان فيلم "نوح" الذي لاقى تنديدا كبيرا في 2013 ومنعت غالبية الدول العربية والإسلامية عرضه.

فيما قال وزير الثقافة المصري جابر عصفور انه تقرر منع عرض الفيلم الاميركي "الخروج: الهة وملوك" للمخرج البريطاني ريدلي سكوت الذي يتناول هروب موسى من مصر بسبب تضمنه "تزييفا للتاريخ"، وقال جابر عصفور ان "قرار منع الفيلم اتخذته وزارة الثقافة ولا علاقة للازهر به اذ لم يتم أخذ رأيه في عرض الفيلم من عدمه"، واكد عصفور ان "هذا الفيلم صهيوني بامتياز فهو يعرض التاريخ من وجهة النظر الصهيونية ويتضمن تزييفا للوقائع التاريخية لهذا تقرر منع عرضه في مصر"، واضاف عصفور ان الفيلم "يجعل من موسي واليهود بناة للاهرامات وهو ما يتناقض مع الوقائع التاريحية الحقيقية"، وتابع وزير الثقافة المصري "ان لجنة رباعية تضم الامين العام للمجلس الاعلى للثقافة محمد عفيفي ورئيس الرقابة على المصنفات الفنية فتحي عبد واستاذين جامعيين متخصيين في التاريخ شاهدت الفيلم ورفعت لي تقريرا يوصى بمنع عرضه استنادا الى الاسباب السابقة"، واكد احد مساعدي شيخ الازهر، يحيي الكسباني،ان "احدا لم يطلب من الازهر رأيه في هذا الفيلم"، وكان الازهر طلب في اذار/مارس الماضي منع عرض الفيلم الاميركي "نوح" معتبرا انه "يتضمن تجسيدا لشخصية رسول الله نوح وهو امر محرم شرعا ويمثل انتهاكا صريحا لمبادئ الشريعة الاسلامية"، وتم منع عرض الفيلم فعليا في مصر رغم الاعتراض العلني انذاك لوزير الثقافة جابر عصفور، ويحرم الازهر ظهور شخصيات تجسد الانبياء والرسل والصحابة في الافلام السينمائية منذ العام 1926، وقد حرم على هذا الاساس عرض فيلم "الرسالة" للمخرج السوري الراحل مصطفى العقاد لظهور حمزة عم الرسول في الفيلم، لكن الرقابة سمحت في العام 2004 بعرض فيلم "الام المسيح" لميل غيبسون رغم معارضة الازهر والكنيسة القبطية. بحسب فرانس برس.

حظر عرض فيلم (نوح)

فيما قال ممثل لشركة باراماونت لانتاج وتوزيع الأفلام إن ثلاث دول عربية حظرت عرض فيلم (نوح) Noah لأسباب دينية حتى قبل عرضه الأول في أنحاء العالم مضيفا أنه من المتوقع أن تحذو دول أخرى حذو هذه الدول الثلاث، وكانت وسائل اعلام أوروبية وأمريكية أثارت مرارا احتجاجات في دول إسلامية خلال العقد الماضي بسبب رسوم مسيئة للنبي محمد أو تجسيد أنبياء في الأفلام، وقال ممثل شركة باراماونت التي أنتجت فيلم (نوح) بتكلفة 125 مليون دولار والذي يتقاسم بطولته راسل كرو وأنتوني هوبكينز "أكدت الرقابة في قطر والبحرين والامارات العربية المتحدة رسميا عدم عرض الفيلم في هذه الدول"، وقال إن البيان الصادر عن الدول الثلاث يوضح أن "السبب يرجع إلى أن الفيلم يتعارض مع تعاليم الاسلام" مضيفا أن باراماونت تتوقع حظرا مشابها في مصر والأردن والكويت، وجري العرض الأول للفيلم في الولايات المتحدة في الثامن والعشرين من مارس آذار، ويحكي الفيلم كيف صنع النبي نوح الفلك لانقاذ من آمن من الطوفان وحمل معه من الحيوانات من كل زوجين اثنين، وأصدر الأزهر في مصر فتوى بتحريم عرض الفيلم وأضاف في بيان "جدد الأزهر الشريف، رفضه لعرض أي أعمال تجسد أنبياء الله ورسله وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤكدا أن هذه الأعمال تتنافى مع مقامات الأنبياء والرسل وتمس الجانب العقدي وثوابت الشريعة الإسلامية وتستفز مشاعر المؤمنين"، وأثارت رسوم مسيئة للنبي محمد نشرت في صحيفة دنمركية عام 2006 احتجاجات في الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا قتل خلالها 50 شخصا على الأقل، وتسبب فيلم مسيء للنبي محمد بث على موقع يوتيوب على الانترنت عام 2012 في اندلاع احتجاجات في المنطقة وقد يكون ساهم في هجوم لمتشددين في ليبيا أسفر عن مقتل السفير الأمريكي وثلاثة من موظفي السفارة في القنصلية الأمريكية في بنغازي. بحسب رويترز.

اضف تعليق