بعد شهور من الجهد والالتزام الذي يقضيه الطلبة، تأتي العطلة الصيفية التي ينتظرونها ليعيدوا شحن ذواتهم بعد أن نفدت طاقاتهم. فما إن تسأل طالبًا عما يريده إلا وأجابك بقدوم العطلة الصيفية. لكن، رغم هذه اللهفة، بالنسبة للكثير منهم لا يُحسنون استثمار العطلة استثمارًا أمثل...

بعد شهور من الجهد والالتزام الذي يقضيه الطلبة، تأتي العطلة الصيفية التي ينتظرونها ليعيدوا شحن ذواتهم بعد أن نفدت طاقاتهم. فما إن تسأل طالبًا عما يريده إلا وأجابك بقدوم العطلة الصيفية. لكن، رغم هذه اللهفة، بالنسبة للكثير منهم لا يُحسنون استثمار العطلة استثمارًا أمثل، فيضيع الوقت في الإفراط في النوم وسواه، بدون إدارة جيدة للوقت. فكيف يمكن للطالب استثمار وقته في أيام العطل الصيفية؟

إشارة:

الكثير من الطلبة، سيما في مرحلة ما بعد المرحلة المتوسطة، يقضون أيام العطلة في العمل، سيما الذين ليس لديهم مستوى دخل جيد، حيث يعملون من أجل جمع قدر من المال يعينهم على توفير مستلزمات دراستهم في العام الدراسي القادم. وبرأيي، هؤلاء هم المثل الأعلى للشباب لكونهم يعتمدون على أنفسهم، فيسلكون كل الطرق من أجل إكمال دراستهم وتحقيق أهدافهم بكرامة ومن غير منة الآخرين، وبالتالي يعينون أنفسهم وأهلهم. ومثل هذه النماذج هم مستثمرون لوقتهم استثمارًا جيدًا، ولا نعنيهم فيما سنكتب في كلماتنا القادمة.

واستثمار الوقت لا نعني به ترك اللعب أو ممارسة الهوايات، فكل إنسان يحتاج إلى أوقات يخرج فيها عن الروتين والرتابة التي تُضايقه، ومن حق الطالب أن يُقحم نفسه في بعض الألعاب التي تُخرج من الملل. لكن الذي نقول به هو ضرورة أن يكون هناك توازن بين المتطلبات الجسدية والنفسية، وألا يكون هناك إفراط في جانب على حساب الجانب الثاني.

في هذا السياق، تشير الأستاذة بكلية التربية بجامعة حلوان، الدكتورة عبلة عثمان، إلى ما يعرف بنظرية (الطاقة الفائضة) ومفادها أن الصغار يحتاجون إلى اللعب للتخلص من الطاقة الفائضة لديهم، ومن ثم تُصبح عملية شغل أوقات فراغ الطلبة، وسيما الأطفال منهم، في فصل الصيف وموسم الإجازات، مسؤولية أسرية بالدرجة الأولى، لأن الطفل يحتاج أن يُفرّغ هذه الطاقة بشكل إيجابي، ولا يستطيع تحديد الطريقة بنفسه بكل سهولة.

لذا، يمكن للأبوين مناقشة أبنائهم في المقترحات والإمكانات المادية والمعنوية لهذه العطلة، فيخرجون بقرار يُرضي جميع الأطراف ولا يُوقع على عاتق الأب مصاريف كبيرة. فالعطلة الصيفية، بعيدًا عن جانبها الممتع، فهي تنمي مشاعر الحنان والتقرب بين أفراد العائلة الواحدة، لذا لا بد من استثمار جميع جوانب الإجازة بما يخدم مصلحة العائلة من ترفيه وغيره.

العائدات النفسية الإيجابية لاستثمار العطلات

استثمار أوقات العطلة الصيفية للأطفال نفسيًا يتطلب تخطيطًا وتنويعًا للأنشطة، مع التركيز على تحقيق التوازن بين التعلم والترفيه، وتنمية المهارات الشخصية والاجتماعية. فهذا الاستثمار يعود على الإنسان بما يلي:

من أهم العائدات لاستثمار العطلات بالنسبة للطلبة تتمثل في أنها تمنح الطلبة فرصًا لاكتشاف مواهبهم واهتماماتهم وتطوير مهارات جديدة تناسب المرحلة القادمة التي سيخوضها، والتي بالطبع تختلف عن سابقاتها لكونها تزيد عليه من قدر تحمل المسؤولية على صعيد الدراسة وعلى الصعيد الذاتي.

ومن العائدات أيضًا أنها تعمل على تقليل التوتر والقلق الناتج من ضغوط الدراسة، مما يعزز صحتهم النفسية ويشحنهم نفسيًا ويمنحهم الاستعداد النفسي للعام القادم الذي يتطلب جهودًا ربما أكبر، وكل ذلك يحصل لو فرّغ الإنسان طاقته السلبية التي تجمعت خلال شهور طويلة من الدراسة.

ومن إيجابيات استثمار العطلات هي تنمية المهارات الشخصية، حيث يمكن استغلال العطلة لتعلم مهارات جديدة، مثل الرسم، أو الموسيقى، أو ممارسة الرياضة، مما يزيد من ثقتهم بأنفسهم لكونهم يشعرون أنهم يكتسبون علومًا ومعارف ومهارات جديدة تنفعهم وتجعلهم مؤثرين.

ويُسهم استثمار العطلات في تعزيز القيم الإنسانية والأخلاق، إذ يمكن استغلال العطلة لتعليم الأطفال القيم والأخلاق الحميدة من خلال الأنشطة المختلفة، مثل التطوع، أو القراءة والاطلاع، وغير ذلك مما يُقوي في النفس نزعة العطاء والعمل. ولأجل كل هذه العائدات، صار لزامًا على الوالدين التخطيط لأبنائهم لاستثمار أوقات الفراغ استثمارًا نافعًا وإيجابيًا.

اضف تعليق