مسيرة الامام الحسين عليه السلام إلى يوم مقتله كلها تعبر عن قيم الاسلام الاصيلة: (الفضيلة، المحبة، التسامح، الحوار، الشجاعة، الوفاء)، الى مستوى ان كل لقطة من لقطات كربلاء كانت وما زالت تعبر عن قيمة انسانية خالدة، لذلك اصبحت مدرسة عاشوراء عبرة للاجيال على مر العصور، ومؤشراتها...
يعتبر خروج الامام الحسين عليه السلام من مكة يوم الثامن من ذي الحجة - يوم التروية عام ٦٠ هجرية، بمثابة البيان الاول للثورة (اني لم اخرج اشرا ولا بطرا وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي، امر بالمعروف وانهى عن المنكر)، فالإمام الحسين عليه السلام حدد الهدف من الثورة والاليات والمنهج، الهدف هو الاصلاح ضد الانحراف الاموي.
اما الآلية فهي الثورة لتحقيق الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمنهج هو منهج جده الرسول (صلى الله عليه وآله) ومنهج ابيه الامام علي عليه السلام... والتوقيت في موسم الحج يوم التروية، وهو امير الحجيج ذلك العام، فاختياره للتوقيت هو جانب ملفت في توجيه أنظار المسلمين نحو الثورة على الطغيان والانحراف الأموي عن الرسالة المحمدية.
وبالتأكيد ان مسيرة الامام الحسين عليه السلام إلى يوم مقتله كلها تعبر عن قيم الاسلام الاصيلة: (الفضيلة، المحبة، التسامح، الحوار، الشجاعة، الوفاء)، الى مستوى ان كل لقطة من لقطات كربلاء كانت وما زالت تعبر عن قيمة انسانية خالدة، لذلك اصبحت مدرسة عاشوراء عبرة للاجيال على مر العصور، ومؤشراتها بالشكل التالي:
طلب الاصلاح في مواجهة فساد بني امية بتحويلهم الخلافة الى مغنم عائلي وملك عضوض وراثي اولا؛ مواجهة محاولات الامويين لطمس المعالم الثقافية الاصيلة بمنع كتابة الحديث الشريف والتصريح به ثانيا؛ تكميم الافواه ثم تحريف الحديث النبوي الشريف ثالثا؛ لمصلحة الحاكم. رابعا؛ التأسيس للاستبداد وتحويل الملك الى وراثي. والاهم هو في خامسا؛ من خلال تقسيم المجتمع طبقيا الى عرب قريش وغير قريش، عربي وموالي. وسادسا؛ انعدام العدالة في توزيع الثروات. وفساد رأس السلطة سابعا؛ حتى أصبح "خليفة المسلمين" شاربا للخمر لاعبا للقمار.
كل الامور اعلاه انشأت واقعا ثقافيا واجتماعيا جديدا مهد الطريق لبني امية لنسف النبوة نفسها، بالقول: "لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل".
ان الانحراف الثقافي في تغيير مفهوم القضاء والقدر باعتبار الانسان مسير غير مخير واعتبار معاوية ومن بعده من نسل بني امية خلفاء بأمر الله تنفيذا لنظرية الحق الالهي وسلب حرية الانسان في الاختيار، كل ذلك كان مدعاة لخروج الامام لمواجهة مفاسد بني امية وحماية عرى الدين وايقاف مطاردة وقتل الرساليين، امثال مالك الاشتر وحجر بن عدي وغيرهم من صحابة الرسول الكريم وأمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام.
ورغم ان ثورة الامام الحسين عليه السلام لم تحقق الأهداف العسكرية المطلوبة لأي معركة في موقعة الطف الاليمة، لكن دمه ودماء اولاده واصحابه انتصرت بإيقادها جذوة الثورة والصحوة في نفوس المسلمين طيلة فترة الحكم الأموي وما بعده اولا؛ واحيت مبادئ الدين الاسلامي ثانيا؛ التي حاول الامويون اطفائها. واججت روح مواجهة الظالم ثالثا؛ على مر العصور... في ملحمة انسانية خالدة في مقارعة الظلم والظالمين، اقل ما يقال عنها أنها ملحمة بدأت ببيان اسلامي حسيني خالد، وانتصرت بدماء واستمرت لأكثر من الف وأربعمائة عام، ولا زالت مستمرة.
اضف تعليق