امتثالاً لأوامر أهل البيت عليهم السلام بإحياء أمرهم، ولتوجيهات سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في هذا الصدد، واستقبالاً لشهر الأحزان والآلام شهر محرم الحرام لعام 1437 هجرية، عقدت حوزة كربلاء المقدسة ـ مدرسة العلامة الشيخ أحمد بن فهد الحلي رحمه الله ـ مؤتمرها التبليغي الرابع عشر تحت شعار: «عاشوراء نهضةٌ وهدايةٌ»، بحضور العديد من العلماء والفضلاء والخطباء وطلبة العلوم الدينية ومتخصصين في الإعلام الديني والمؤسساتي.
المؤتمر عقد صبيحة يوم الأربعاء الثالث والعشرين من شهر ذي الحجة الحرام 1436 هجرية، وقد استهل بتلاوة قرآنية مباركة بصوت المقرئ الحاج مصطفى الصراف ـ مؤذن الروضة الحسينية المطهرة ـ ، ومن ثم كلمة افتتاح المؤتمر لسماحة آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري وقد استمدها من قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّماءِ*تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) سورة إبراهيم: الآيتين 24و25.
فعقّب مؤكداً ان الإمام الحسين عليه السلام كلمة الله تبارك وتعالى في عالم التكوين، فهو لوحة إلهية رسمتها يد الغيب واجتازت جميع الاختبارات بنجاح باهر، وعبّرت عن إرادة الله عز وجل وكماله وخلافته.
وأضاف: اراد الله سبحانه ان يبين لعالم الملكوت أهم شخصية تمثله وتكون خليفته في خلقه، فزين بها عرشه: «الحسين مصباح هدى وسفينة نجاة»، فالإمام الحسين عليه السلام الكلمة الطيبة التي أنزلت من عالم الغيب الى عالم الشهادة منّة على العباد وسبباً للهداية والطهارة وفي الزيارة الرجبية الشريفة: «أشهد انك طهر طاهر مطهر من طهر طاهر مطهر طهرت وطهرت بك البلاد وطهرت ارض أنت بها وطهر حرمك»، فكل من ينتسب للإمام الحسين عليه السلام يتطهر به صلوات الله عليه لذا ورد في الروايات الشريفة: «من زار الحسين ـ عليه السلام ـ غفر الله له ذنوبه»، وهذا التطهير المكتسب له آثار عظيمة منها ما ورد في الأثر الشريفة من ان زائر الإمام الحسين عليه السلام يشفع لمئة ممن وجبت لهم النار، لهذه الآثار والفضائل نجد ان الأعاظم من علمائنا كانوا شديدي التمسك بالإمام الحسين عليه السلام ونهجه وكل ما يتعلق به.
ثاني كلمات المؤتمر كلمة الخطيب الحسيني الدكتور علي السماوي والتي ابتدأها بقوله تعالى: (وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ) سورة البلد: الآية 9.
فقال: ذكر اللسان في القرآن أربعة عشر مرة، وهذا يوضح لنا حقيقة هي في الواقع ان المعصومين عليهم السلام أربعة عشر لساناً لحقيقة واحدة ناطقة عن الله سبحانه وتعالى والخطيب في واقع الحال ناطق عنهم سلام الله عليهم ومن هنا تتضح المسؤولية العظيمة الكبرى للخطيب الحسيني ومحرم الحرام ونحن على أبوابه موسم انطلاق الألسن باسم الإمام الحسين عليه السلام.
وأضاف: ان مدى اللسان واسع جداً بحيث يصل الى ما يصله الصاروخ لاسيما في العصر الراهن المتميز بالتكنولوجيا الحديثة التي ضاعفت كثيراً في هذا المدى، ويصل اليوم الصوت إلى كل مناطق العالم، فلنغتنم ذلك وننصر سيد الشهداء عليه السلام لكي نستحق الرحمة والمغفرة، وفي قبال ذلك نهج أعداء الحسين عليه السلام حيث قتلوه بالأيدي والألسن فاستحقوا اللعن بنص الزيارة الشريفة.
وقال كذلك: ان خلاصة حكمة لقمان الحكيم بعد أربعة آلاف سنة من خدمة الأنبياء تتلخص بـ:«عجبت لمن يشتري العبيد بماله ولا يشتري الأحرار بلسانه».
ومن ثم تحدّث حول حق اللسان وإكرامه كما ورد في الأدلة الشريفة كالصحيفة السجادية وغيرها، وكذلك بين ان المجتمع يرصد الكلمات وان وراء كل كلام حقيقة وحقيقة كلام الخطيب هي حقيقة عظمى تتمثل بقضية كربلاء ومصيبة سيد الشهداء عليه السلام فليكن لسان الخطيب لسان صدق دائماً وكما قال إبراهيم الخليل عليه السلام في دعائه: (وَاجْعَل لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) سورة الشعراء: الآية 84.
ومن ثم استشهد لذلك ببعض الخطباء الحسينيين المخلصين والصادقين كالمرحوم الشيخ عبد الزهراء الكعبي الذي كان مدافعاً عن القضية الحسينية ومظلوميتها وشعائرها، ومن هنا أخذ ببيان منزلة الخطيب عند الله ورسوله وأئمة أهل البيت عليهم السلام مستذكراً لبعض المضحين في هذا السبيل كميثم التمار رضوان الله عليه الذي قطع عبيد الله بن زياد لعنه الله لسانه كي لا يذكر فضائل أمير المؤمنين عليه السلام.
ثالث كلمات المؤتمر كلمة الخطيب الحسيني الشيخ زمان الحسناوي تحدث عبرها حول العطاء الحسيني مبيناً ان الحسين عليه السلام عطاء بلا حدود في جميع مجالات الحياة فينبغي اغتنام هذا العطاء والتضحية في سبيل سيد الشهداء عليه السلام وان نسير وفق نهجه، وحينما نتتبع الروايات الشريفة نجد انها تؤكد على مسألة المظلومية الكبرى للإمام الحسين عليه السلام وهذا الأمر لا يمثل الجانب العاطفي فقط بل يعبر عن حقيقة لابد من التأكيد عليها ونقلها وإيصالها الى العالم اجمع فالحسين عليه السلام عظيم بمظلوميته وان الدمعة والرثاء عليه هي من عظم مظلوميته، ومنهج المظلومية حري بالدراسة الدقيقة والاستثمار ونجد ان الكثير من الأمم اغتنمت جوانب من المظلومية لتحقيق الكثير من المكاسب كما هو الحال في قضية الهلوكوست حيث اغتنمها اليهود والمتعاطفين معهم لتحقيق الكثير من المكاسب ولنشر مظلوميتهم في العالم.
وتأريخنا الشيعي كله مظالم الا أننا لم نستطع اغتنامه الا بمقدار ضئيل جداً ولو تمسكنا بمظلومية سيد الشهداء عليه السلام حقيقةً لاستطعنا اجتياح العالم وإبراز الحق وايصال الصوت الحسيني الى كل نقاطه وهذا المنهج هو في واقعه منهج قرآني جسده أئمة أهل البيت عليهم السلام في حياتهم والقصص والشواهد في هذا الصدد كثيرة.
كما وتطرق الى جوانب من يوم عاشوراء وما جرى فيها من أحداث منها المحاورة التي جرت بين سيد الشهداء وبين أصحابه وكيف أراهم منازلهم في الجنة عبر إصبعيه.
والجدير بالذكر ان المؤتمر تم نقله مباشرة عبر الفضائيات الاسلامية كل من قناة المهدي الفضائية وقناة الامام الحسين عليه السلام الفضائية فضلاً عن التغطية الإعلامية من قبل بعض الوكالات والمواقع الألكترونية.
اضف تعليق